Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

الصواريخ الفرط صوتية تستبيح تل أبيب والحوثي يتوعد بالمزيد | سياسة


في يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول الحالي، قال الناطق العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع إن قواتهم نفذت عملية نوعية استهدفت موقعا عسكريا في يافا بصاروخ “فرط صوتي”، في حين فتح الجيش الإسرائيلي تحقيقا في سبب التأخر في رصد الصاروخ واعتراضه. وأوضح سريع أن الصاروخ قطع مسافة تُقدَّر بـ2400 كيلومتر في غضون 11 دقيقة ونصف الدقيقة، وهو يأتي في إطار ما سمَّاها المرحلة الخامسة.

في المقابل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن صاروخا من نوع “أرض-أرض” أُطلق من اليمن، سقط في منطقة غير مأهولة شرقي تل أبيب، وتناثرت شظايا الصاروخ في منطقة تبعد 6 كيلومترات عن مطار بن غوريون.

وقال جيش الاحتلال إن الصاروخ قطع مسافة تصل إلى نحو ألفي كيلومتر، واستغرق تحليقه نحو 15 دقيقة، مخترقا الأجواء من الحدود الشرقية، كما أكد أن القوات الجوية تحقق في سبب تأخر رصد الصاروخ واعتراضه.

ما الصواريخ الفرط صوتية؟

تُعرف الصواريخ الفرط صوتية في بعض الأحيان بأنها تلك التي تتمكن من تجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت (ماخ 5 أو 6125 كيلومترا في الساعة)، لكن ذلك جزء فقط من تعريفها، فالكثير من المركبات تتمكن بسهولة من تجاوز هذه السرعة منذ الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (التي تتخطى سرعاتها 22 ألف كيلومتر في الساعة، أي ماخ 18 تقريبا).

لكن الصواريخ الفرط صوتية الحديثة تتمكن من المناورة على طول مسارها وبسرعة كهذه، وهذه في حد ذاتها قدرة لم يكن يتصور الكثيرون أنها ستصبح يوما ما ممكنة.

بالنسبة لأي صاروخ باليستي آخر، حتى وإن كان يجري بأكبر من سرعة الصوت، فإن الرادارات الخاصة بالطرف الآخر لا تحتاج إلى تتبعه وإنما تعمل على دراسة مساره فقط، وذلك على اعتبار ثبات مساره منذ لحظة الانطلاق، حيث يسير في صورة قوس ضخم من نقطة الإطلاق، ثم خلال الغلاف الجوي إلى الفضاء، ثم يعود إلى الغلاف الجوي مرة أخرى ليصيب هدفه.

هذا المسار المتوقع يُمكِّن رادارات الخصم من تحديد مسار هذه الصواريخ بدقة، ومن ثم إطلاق ترسانتها الدفاعية على هذا الأساس.

بالنسبة للصاروخ الفرط صوتي فإن قدرته على المناورة تعطيه مزايا عدة، أولها أن الصاروخ سيمتلك قدرة على تجاوز الصواريخ الدفاعية الاعتراضية (وفي الوقت نفسه الجري بسرعة أكبر منها)، وكذلك تجاوز مناطق تغطية الرادار الخاص بالخصوم،والالتفاف حول أشكال العوائق المختلفة أيًّا كانت، جبالا أو مباني أو أي حاجز آخر.

أما الميزة الثانية، وهي الأهم، فتتعلق بأن الصاروخ سيتمكَّن من تغيير اتجاهه لمسارات منخفضة قريبة من الأرض محافظا على سرعته نفسها، وبسبب ذلك سينطلق تحذير رادار الإنذار المبكر قبل وقت قصير جدا من الضربة، لدرجة أنه قد لا يوجد حينها شيء لفعله، حيث يكون الوقت بين استشعار اقتراب الصاروخ واستجابة الدفاعات الأرضية أطول من المدة اللازمة لوصول الصاروخ إلى الهدف.

 

صواريخ الحوثي الفرط صوتية

في 25 يونيو/حزيران 2024، أعلن الحوثيون أنهم هاجموا سفينة “إم إس سي سارة 5” في بحر العرب باستخدام صاروخ جديد لم يُكشف عنه سابقا. بعد يوم واحد، أصدروا مقطع فيديو يُظهر إطلاق الصاروخ، وحددوه باسم “حاتم-2″، وعرّفوه بأنه صاروخ باليستي فرط صوتي يعمل بالوقود الصلب صُنع في اليمن، وأعلن الحوثيون أن الصاروخ يمتلك قدرات توجيه متقدمة وقدرة على المناورة.

زعم بعض الخبراء في هذا النطاق أن “حاتم-2” يشبه في هيكله الخارجي صاروخا إيرانيا يُسمى “خيبر شكن” الذي يعمل بالوقود الصلب، ويُعتقد أن بإمكانه السفر لمسافات أبعد من 1400 كيلومتر.

يمتلك هذا الصاروخ قابلية عالية جدا للمناورة مقارنة برفاقه في فئات قريبة، ويُعد أحد أفراد الجيل الثالث من الصواريخ بعيدة المدى لإيران، والذي يستخدم “الوقود الصلب”، بينما يمتلك في مرحلة الهبوط القدرة على المناورة لتجاوز الدرع الصاروخي.

ميزة أخرى مهمة لهذا النوع من الصواريخ هي تصميمه الأمثل، حيث يزن أقل بنحو الثلث من النماذج المماثلة، ويتقلص وقت تحضيره وإطلاقه إلى السدس مقارنة بالصواريخ الأخرى المماثلة.

وكانت إيران قد أعلنت العام الماضي عن امتلاكها صاروخ “فاتح-1” الفرط صوتي متوسط ​​المدى، ووفقا للإعلان الإيراني فإن قدرته العالية على المناورة وسرعته تساعده على التهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي.

يأتي ذلك بعد صدور تقرير إعلامي روسي في شهر مارس/آذار 2024 يؤكد أن الحوثيين يمتلكون صواريخ فرط صوتية ذات قدرات انزلاقية مع سرعات تتجاوز 8 أضعاف سرعة الصوت، يعني ذلك نحو 10 آلاف كيلومتر في الساعة، ما يُمكِّن الصاروخ من الوصول إلى إسرائيل في أقل من ربع ساعة، تماما كماجرى مؤخرا.

على عكس الصواريخ الباليستية التقليدية، التي تتبع مسارا مكافئا ثابتا، قد تتضمن الصواريخ الباليستية الفرط صوتية نظامَ انزلاقٍ معززا أو تقنيات أخرى تسمح بزيادة القدرة على المناورة أثناء الطيران، ويمكن أن ننظر إليها على أنها مرحلة ناحية الصواريخ الفرط صوتية الأكثر كفاءة مثل الروسي “كينجال” أو الصيني “دونغ فينغ-27”.

المركبات الانزلاقية تعمل بطريقة بسيطة، حيث ينطلق الصاروخ الباليستي إلى خارج الغلاف الجوي، ثم ينفصل عن المركبة الانزلاقية المجنّحة كي “تنزلق” على الهواء حتى تصل إلى مستوى منخفض قريب نسبيا من سطح البحر بسرعة هائلة، مع إمكانية المناورة.

لا نعرف حتى اللحظة طبيعة الصاروخ المستخدم في العملية الأخيرة، لكن منتجات الحوثيين السابقة في هذا النطاق ترجّح أنه صاروخ متوسط المدى ذو سرعة فرط صوتية، ويمتلك في مراحل السقوط الأخيرة قدرة على المناورة مكَّنته من التعامل مع الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ما يعطيه بالفعل بعضا من سمات التكنولوجيا الفرط صوتية الحالية.

ترسانة الحوثي

لاحظ أن الصواريخ الفرط صوتية لا تزال تكنولوجيا ناشئة، لا تمتلكها إلا دول قليلة مثل روسيا والصين والولايات المتحدة وإيران وعدة دول أخرى. ويعني امتلاك الحوثيين لتلك التكنولوجيا، أو على الأقل البدء في تطويرها، تغيرا كبيرا في شكل الصراع بالمنطقة، لأنه لا يوجد إلى الآن منظومة دفاع يمكنها تحييد تلك الصواريخ بشكل كامل.

لكن الأمر أكبر من الصواريخ الفرط صوتية، فما يُخيف جنرالات الحرب في إسرائيل ليس فقط قدرات الحوثيين الصاروخية الحالية، وإنما تسارع تطورها.

عند هذه النقطة دعنا نتأمل الصواريخ الباليستية من نوع “طوفان” التي شاركت في الضربات المتتالية على الاحتلال. صواريخ “طوفان” متوسطة المدى (يتراوح مداها بين 1350-1950 كيلومترا)، تشبه في تصميمها صواريخ “قدر” الإيرانية، ويُعتقد أن لديها مرحلة أولى تعمل بالوقود السائل، ومرحلة ثانية تعمل بالوقود الصلب، مما يسمح لها بمدى كبير. كما أن طول الصاروخ يبلغ نحو 16 مترا، وعرضه نحو متر ونصف.

هذا النوع من الصواريخ يمكن إطلاقه من منصات متنوعة مثل منصة أرضية أو غواصة أو صومعة، وفي حالة صاروخ “طوفان” فإنه ينطلق من منصة أرضية متنقلة، يمكن أن تكون جاهزة للعمل خلال 30 دقيقة فقط.

صُمِّم هذا الصاروخ حاليا لحمل رأس حربي تقليدي، ولكنه قادر على التسلح برأس حربي كيميائي أو نووي أيضا بوزن يصل إلى نحو 800 كيلوغرام. نلاحظ أن مقدمة الصاروخ مخروطية مدببة تجعله يشبه قنينة الرضاعة، يسمح ذلك للرأس الحربي بالدخول مرة أخرى إلى الغلاف الجوي بسرعة أكبر، ويُمكِّن الرأس الحربي من القدرة على الانفجار في الهواء فوق هدفه.

ويمكن للمتأمل في تاريخ تطوير ترسانة صواريخ الحوثيين أن يلاحظ أنهم يُحدِّثون مدى ترسانتهم الصاروخية بسرعة كبيرة، ولنتأمل خطَّ سيرٍ زمنيا قصيرا من 2015 وحتى الإعلان عن “طوفان” مؤخرا.

مثلا، في 2015 أعلن الحوثيون عن إصدار صواريخ “قاهر-1” و”قاهر-إم 2″، وهي تنضم إلى عائلة من صواريخ أرض-جو السوفياتية من النوع “سام في 755” المعدلة لمهام الهجوم الأرضي، يمكن لهذه الصواريخ أن تصل إلى مدى 250-400 كم.

شهد شهر مارس/آذار 2017 الاستخدام العملي لصاروخ “قاهر-2″، الذي تمتع وقتها بمدى وقدرات حمولة أكبر من النسخة الأولى، حيث عُدِّلت صواريخ سوفياتية كانت موجودة في ترسانة الجيش اليمني سابقا لتحتوي على رأس حربي يبلغ وزنه 350 كغم بدلا من الرأس الحربي الأصلي البالغ وزنه 195 كغم، أثار هذا التطوير جدلا بين الباحثين حول طبيعة هذا التحويل.

أما صواريخ “بركان 1” فأُعلِن عنها في 2016، ومن المرجح أنه نسخة معدلة من صاروخ “شهاب-1” الإيراني بمدى يصل إلى 800 كيلومتر، تلاه “بركان 2 إتش” الذي كُشف عنه في 2017، وهو صاروخ باليستي قصير المدى مشتق من صاروخ “قيام” الإيراني يبلغ مداه ألف كيلومتر، وفي سبتمبر/أيلول 2023 عُرِضَ مشتق آخر من صاروخ “قيام” الإيراني يبلغ مداه أيضا ألف كيلومتر، الذي أُطلق عليه اسم “عقيل”.

ومنذ 2019، أعلن الحوثيون عن امتلاكهم صواريخ “بركان 3″، وكان الصاروخ الأطول مدى في ترسانة الحوثيين (قبل ظهور “طوفان”) متخطيا حاجز 1200 كيلومتر، ويُعتقد أنه استُخدم لأول مرة في 1 أغسطس/آب 2019.

كيف وصل الحوثيون إلى ذلك كله؟

لكن كيف تمكَّن الحوثيون من تطوير سلاح الصواريخ الخاص بهم بهذه السرعة؟ الإجابة تبدأ من خطوط التوريد الفعالة التي تتقاطر على الحوثي منذ سنوات.

خلال ضربات جماعة أنصار الله السابقة، وثَّقت مؤسسة “أبحاث تسليح الصراعات” عددا من المسيرات التي أُسقطت أثناء تلك العمليات، وتوصل التقرير الخاص بالمؤسسة إلى أن مسيرة “قاصف-1” التي استُخدمت في مجموعة من تلك المهام تشبه مسيرات أبابيل الإيرانية، ولكنها تبدو أصغر.

لكن التقرير رغم ذلك رجح أن المسيرة لم تُصنع في إيران، بل جُمعت محليا، حيث بُني الإطار الخارجي للمسيرة بشكل أوّلي، أضف إلى ذلك أن أجزاء جسم المسيرة حملت أرقاما مكتوبة بخط اليد، مما يشير إلى أنها من إنتاج ورش محلية، بحسب التقرير.

وقد ربط هذا التحقيق بين قدرة الحوثيين على تجميع المسيرات والصواريخ ورصيدهم التقني في صناعة العبوات الناسفة، ما يعني أنه حتى رغم اعتماد الحوثيين على تكنولوجيا إيرانية، فإنهم يمتلكون بالفعل خبرة في التصنيع المحلي بدأ العمل عليها ربما من 2015.

لتأكيد ذلك، أثبت فريق من الخبراء التابعين للأمم المتحدة أن أحد نماذج صاروخ “بركان” قد جُمِع على الأرجح في اليمن، وأن صاروخ كروز “قدس-1” لا يعتمد على أي تصميم موجود، بل على تصميم صاروخ كروز كلاسيكي عام، وربما هُرِّب من الخارج ثم عبر الهندسة العكسية صُنِّعَ في اليمن، ويبدو من دراسة الصواريخ والمسيرات الإيرانية أن نسبة التصنيع المحلي في الأخيرة تبدو أكبر بفارق واضح.

يرجح ذلك أن هناك طريقين أساسيين تمكَّن خلالهما الحوثيون من تطوير إمكاناتهم في سلاح الصواريخ بسرعة، أولهما هو نقل التكنولوجيا والخبرة اللازمة لتطوير المسيرات، ثم التدريب اللازم للتصنيع والتشغيل.

لكن هذا وحده ليس كافيا، بل هناك التصنيع المحلي وهو الطريق الثاني، حيث أنشأ الحوثيون قدرات تصنيع محلية لتجميع المكونات المستوردة وتصنيع أجزاء معينة من الصواريخ والمسيرات.

سمح ذلك للحوثيين بالحفاظ على ترسانتهم من المسيرات والصواريخ رغم التقييد الدولي على خطوط الملاحة بكل طرقها، لأن التصنيع المحلي يُمكِّن من إنتاج كميات أكبر، كما يسهل بالنسبة للحوثي تهريب القطع الإلكترونية الصغيرة الدقيقة الخاصة بالصواريخ أو المسيرات، لأن العديد منها يُستخدم لأغراض عامة ولا يوجد حظر عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى