لماذا يحتج “الهنود الحمر” ضد قانون “ماركو تيمبورال” في البرازيل؟ | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
ساوباولو- وافق مجلس النواب البرازيلي في 7 يونيو/حزيران الجاري على تفعيل قانون “ماركو تيمبورال” الذي ينص على تقليل مساحات أراضي الغابات المطيرة التي يملكها السكان الأصليين (الهنود الحمر) وفتح تلك الأراضي -التي لا يمكن إثبات ملكيتها قبل عام 1988- أمام شركات التعدين وقطع الأشجار، وغيرها.
ومن المقرر عرض القانون على مجلس الشيوخ، والذي يعمل رئيسه على تأجيل اتخاذ القرار بسبب الجدل الواسع الذي تسبّب به.
وسيكون القرار النهائي بيد المحكمة الفدرالية العليا، وقد صوّت اثنان من أعضائها ضد القانون، بينما أيّده عضو واحد، وامتنع آخر، وطالب ثالث بمهلة 90 يوما لاتخاذ القرار المناسب.
وإذا تم تبني القانون، فقد يفقد السكان الأصليون أرضا في 114 منطقة موزّعة على 185 مدينة، بمجموع 9 ملايين هكتار من الأراضي.
تحركات حقوقية
بعد التصويت في البرلمان، تحرّكت المنظّمات المدافعة عن حقوق السكان الأصليين وبعض الأحزاب والنقابات والمنظّمات الإنسانية، للاحتجاج والتظاهر في العديد من المدن.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال أتناغوراس لوبيز عضو الأمانة العامة لاتحاد النقابات الشعبية -التي ساهمت بتنظيم تلك المظاهرات- إن المشاركين بهذه الفعاليات ينتمون لمنظمات اجتماعية وأحزاب ونقابات يسارية ذات استقلالية تعارض إجراءات حكومة لولا دا سيلفا وما يُعرف بـ “الجبهة العريضة” التي تتشكّل منها حكومته.
وأوضح لوبيز أن هذه المظاهرات ضد مسألتين في غاية الأهمية: الخطة الاقتصادية للحكومة الخاضعة للشروط الدولية، والإطار الزمني (قانون ماركو تيمبورال) الذي يخدم أصحاب الأراضي وشركات التعدين غير الشرعية ضد الشعوب الأصلية.
وأضاف “لدينا برلمان أكثر يمينية ورجعية في تاريخ البلاد، وحكومة لولا دا سيلفا مرتبطة بالأعمال التجارية الزراعية. يتحدث الرئيس عن الديمقراطية باحترام لكنه يحكم من أجل الحفاظ على رأس المال. نعتقد أنه من الممكن هزيمة قانون ماركو تيمبورال إذا كان هناك نضال بالشوارع يواكب نضال السكان الأصليين”.
ما قانون “ماركو تيمبورال”؟
يقول فالديمير سواريز جونيور -وهو أحد محاميي السكان الأصليين- إن هذا القانون باختصار “محو لتاريخ، وإخفاء أي أثر للاضطهاد الذي عانى منه السكان الأصليون، وهو يمنع ترسيم الأراضي التي تم غزوها ولم يستعدها السكان الأصليون حتى عام 1988” بحسب حديثه للجزيرة نت.
كما تقول راكيل تريميمبيه، وهي ناشطة من السكان الأصليين ومرشّحة سابقة لمنصب نائب رئيس الجمهورية “نحن نشعر بأن هناك عنفا مفرطا يُمارس علينا بسبب انتمائنا، وهو شعور ينتاب الآخرين، ينتاب التنوع العرقي. ما قاموا به السنوات الأخيرة إهانة لكامل البناء الاجتماعي”.
وأضافت “أشعر أن الدستور الفدرالي ينزف دما بسبب منعنا من البقاء على أراضي أجدادنا. الانتكاسة أيضاً تتجسّد في أنه يصعب إصلاح الأراضي التي قاموا بتخريبها، وأن هنالك تجاهلا واضحا لمآسينا”.
ماذا لو تم تمرير القانون؟
يقول المحامي جونيور “إذا تم تمرير القانون، فلن يعترف السكان الأصليون بعميلة الترسيم”. بينما تقول تريميمبيه “لدينا إستراتيجية واحدة، وهي المواجهة. لسنا واهمين، ونعلم جيداً أن الحكومة لن تدافع عن حقوقنا، لقد وضعوا قنّ الدجاج أمام الثعلب للأسف”.
وحول إمكانية ترحيلهم عن أراضيهم قسرا، يجيب جونيور بالقول “نعم للأسف، بدون حيازة وثائق حتى العام 1988 سيتم طرد السكان الأصليين من أراضيهم بالقوة” مشيرا إلى أن أحد أهم الطرق لإثبات الأحقية في تلك الأقاليم هي التقارير الأنثروبولوجية.
وعادت الناشطة للهجوم، وقالت “لقد أنشأ دا سيلفا وزارة الشعوب الأصلية، فتوهّم البعض أنه يؤيد قضيتنا. لكن في الواقع، هذه الوزارة كانت ثمرة نضالنا نحن، وفي النهاية لم تفعل شيئاً. أؤكّد من جديد: لا حل إلا بالمواجهة، تماماً كما حدث أمس عندما خرج الناس بالآلاف في مظاهرات احتجاجية على كامل التراب الوطني”.
وتابعت تريميمبيه “لقد استخدم دا سيلفا قضيتنا منصة انتخابية، وبعد أن أوهمنا بتبنّي شعاراتنا وقضيتنا، تراجع عن كل ما قاله قبل الانتخابات. نحن نشعر أننا خُدعنا، ولم يبق أمامنا إلا النضال والمواجهة من أجل استقلاليتنا والحفاظ على حقوقنا”.
وأوضحت أن النشطاء يدعون الشعب للتعرّف على قضية السكان الأصليين، ومعرفة بعض الحقائق مثل التنوع العرقي والثقافي، متابعة “نحن أكثر من 300 مجموعة متنوعة ومختلفة عن بعضها بثقافاتها وعاداتها وحتى لغاتها، في مناطق شاسعة داخل عدّة بلدان. لدينا حضارة أعظم بكثير مما هو معروف من خلال وسائل الإعلام. البرازيل تعاني من تاريخ مليء بالكذب”.