مواجهة مهمة لتيار الاستقلال.. ترقب لنتائج انتخابات نقابة الصحفيين بمصر | سياسة
القاهرة- وسط ترقب واسع، تتجه الأنظار إلى انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين المصريين، بعد غلق باب الترشح اليوم الأربعاء، في انتظار انطلاق المعركة الانتخابية الشهيرة بالبلاد، في الثالث من مارس/آذار المقبل.
وتنحصر المعركة الانتخابية -التي يجري فيها التنافس على 6 مقاعد عضوية من إجمالي 12 مقعدا إلى جانب مقعد نقيب الصحفيين- بين تيار الاستقلال النقابي الذي دفع بمرشحيه على منصب النقيب وعضوية المجلس، يتصدرهم النقابي البارز خالد البلشي المرشح نقيبا، في مواجهة قائمة تصنف نقابيا بأنها محسوبة على الحكومة، يتصدرها رئيس تحرير صحيفة الأخبار الحكومية المرشح نقيبا خالد ميري.
ويركز بعض مرشحي تيار استقلال النقابة على ما تسمى معركة “الكارنيه”، باهتمامهم بالدفاع عن الحريات والاستقلال، في حين يركز المرشحون المحسوبون على الحكومة على ما تسمى نقابيا معركة “الجنيه”، نسبة إلى محاولاتهم الدائمة لرفع القيمة النقدية لما يسمى “بدل التكنولوجيا” الذي يصرف للصحفيين شهريا.
وتقام هذه الجولة الانتخابية تحت إشراف هيئة النيابة الإدارية، بناء على طلب رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات ونقيب الصحفيين المنتهية ولايته ضياء رشوان.
ظروف صعبة
ويرى مراقبون أن نقابة الصحفيين تشهد ظروفا صعبة تستحق إجراء انتخابات مستقلة من دون تدخل حكومي، وسط توقعات من البعض بإمكانية تحقيق أعضاء الجمعية العمومية للنقابة مفاجآت في ظل الأزمة الاقتصادية بتصويت عقابي ضد بعض المرشحين المحسوبين على الحكومة.
وتؤكد الحكومة المصرية عادة أنها لا تتدخل في انتخابات النقابة ولا يمثلها أحد، غير أن التصنيف (استقلال/ حكومة) رائج في أوساط الصحفيين المصريين، بينما ينفيه المرشحون الذين يلاحقهم تصنيف الموالاة للحكومة.
وتوالى على رئاسة مجلس نقابة الصحفيين 21 نقيبا منذ إنشائها، وظلت الجمعيات العمومية تحافظ في الانتخابات على اختيار مجالس تحظى بتنوع فكري على مدار معظم تاريخها، بمشاركة كافة الأفكار من اليمين إلى اليسار، وفق وصف مصدر نقابي مسؤول للجزيرة نت.
وقال المصدر -الذي لا يزال عضوا بمجلس النقابة وطلب عدم نشر اسمه- إن “النقابة منذ تأسيسها قلعة للحريات، وتواجه تحديات كبيرة بسبب إصرار الحكومات على التدخل في شؤونها وإصرار الجمعيات العمومية على استقلال إرادتها، وهو ما ظهر في كافة المواقف الوطنية التي كانت النقابة جزءا منها، ويكفينا أن سلم النقابة كان مهد قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011”.
ويضيف المصدر أن “النقابة في موقف صعب الآن، وتعرض مجلسها لتعطيل متعمد في الدورة الماضية بسبب رغبة مؤسسات في الدولة في وقف فعاليات النقابة، ولا نملك إلا انتظار تحرك الجمعية العمومية المقبل وإسقاط من أسهم في ذلك من المرشحين الحاليين”.
وفي السياق نفسه، وجه نقيب الصحفيين الأسبق، يحيى قلاش، رسالة إلى الصحفيين المصريين، إذ طالبهم عبر حسابه على فيسبوك بـ”إنقاذ تاريخ يضم 82 عاما من النضال النقابي عبر مشاركةٍ تصحح المسار في الانتخابات وتنقذ النقابة”.
خريطة المرشحين
تقدم لمنصب النقيب 14 مرشحا، أبرزهم وكيل النقابة المنتهية ولايته خالد ميري ممثلا للحكومة، وفق مصادر خاصة، ودعا ميري الصحفيين لانتخابه من أجل “نقابة قوية وصحافة قوية”، موضحا أنه حاز أعلى الأصوات في انتخابات أعوام 2011 و2015 و2019.
وفي المقابل، ينافسه على مقعد النقيب مرشح تيار الاستقلال النقابي، وكيل النقابة الأسبق ورئيس تحرير موقع درب -المحجوب في مصر- خالد البلشي، الذي قال في بيان له عشية تقدمه للانتخابات: “لم يبق إلا أن ندافع عن نقابتنا وقيمنا النقابية وعن التنوع داخلها”، ودعا الصحفيين لانتخابه، لاستعادة النقابة من تغول الحكومة.
كما تقدم لمقاعد العضوية الستة 42 مرشحا، وشهد ترشح الصحفيات إقبالا محدودا، إذ ترشحت 8 صحفيات، واحدة منهن ترشحت على مقعد النقيب، وهي نعيمة راشد الصحفية بجريدة الجمهورية الحكومية، و7 صحفيات ترشحت على مقاعد العضوية.
ولم يعلن تيار الاستقلال النقابي مرشحيه في بيانات رسمية، غير أن مصدرا نقابيا مقربا منهم قال للجزيرة نت إن “عمرو بدر ومحمود كامل وهشام يونس الأوفر حظا بدعم التيار الأساسي على مقاعد العضوية، خشية تفتيت الأصوات”.
وحسب مصدر نقابي آخر، يواصل المرشحون المحسوبون على الحكومة ترتيب قائمتهم وسط تنسيق مع مديري الصحف الحكومية والمواقع الإلكترونية المحسوبة على أجهزة الدولة بهدف الفوز الكامل، ومن الأسماء التي تتصدر القائمة المتداولة في أوساط الصحفيين قبل غلق باب الترشح كل من “محمد شبانة، ومحمد يحيى يوسف، وحماد الرمحي”.
وغاب عن الترشح الصحفيون الإسلاميون، الذين كانوا أصحاب وجود مؤثر في أوقات سابقة، وهو ما أرجعه مصدر نقابي محسوب على الكتلة الإسلامية بالنقابة إلى ما وصفه بالأوضاع غير المناسبة في البلاد، قائلا -في تصريح للجزيرة نت- “بعضنا في المنافي، وبعضنا رهن الحبس، ويهمنا الآن إنقاذ النقابة والصحفيين، وبعض المرشحين يمثلون القيم النقابية العليا التي نتمنى فوزها”.
وتركزت البرامج على الخدمات، وسط حديث أقل عن استقلال النقابة والحريات والإفراج عن الصحفيين المحبوسين، وتعددت الشعارات مع بدء دعاية المرشحين الإلكترونية، ومن أبرزها “معا لإنقاذ نقابتنا، نقابة قوية صحافة قوية، المهنة أولا، نقابتنا في خدمتنا”.
وتدخلت أسر الصحفيين المحبوسين في المشهد الانتخابي، فطالبت إيمان محروس (زوجة الصحفي المحبوس أحمد سبيع) المرشحين بأن تتبني برامجهم قضية الإفراج عن الصحفيين والصحفيات المحبوسين، ومن بينهم زوجها، وذلك لإنهاء معاناة أسر الصحفيين.
تصويت عقابي
من جانبه، يرى المرشح السابق لعضوية مجلس نقابة الصحفيين ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي -في حديث للجزيرة نت- أن انتخابات نقابة الصحفيين ظلت باهتة حتى اليوم الأخير للترشح، إلى أن منحها ترشح النقابي خالد البلشي زخما مهما.
ويوضح العربي أن أوضاع الصحافة تتطلب مواجهة التدهور الذي تشهده النقابة والصحافة بصورة لم تحدث علي مدى عقود، وهو ما أثر على الصحفيين والمؤسسات الصحفية، لكنه يتوقع أن تكون نسبة المشاركة قليلة، مع إمكانية حدوث تصويت عقابي ردا على حالة الاختناق الصحفي والاختناق العام.
وتوقع العربي كذلك أن تحتدم المنافسة على موقع النقيب بين خالد البلشي وخالد ميري، بعدما أحجمت أسماء كبرى عن الترشح، مثل عمرو الشوبكي لإدراكه صعوبة الأوضاع الحالية التي لن تمكنه من تحقيق أي نجاح.
ويتفق مع العربي الكاتب الصحفي سليم عزوز، عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، في أن هذه الانتخابات كانت ستصبح بلا طعم وأقرب للتزكية، لولا دخول خالد البلشي للمنافسة.
ويرى عزوز -في تصريح للجزيرة نت- أن مهمة خالد البلشي تبدو انتحارية، في ظل أن أسماء من التيار ذاته قد عزفت عن خوض الانتخابات، لأنها لا تريد أن تدخل معركة مع مرشح لسلطة غاشمة، وفق وصفه، كما لا تبدو السلطة مكترثة حتى أن تختار مرشحا لامعا، لقناعتها قبل ترشح البلشي أنها معركة لا تستحق الوقوف خلف مرشحها بالأموال والامتيازات.
وحول ما يثار من شعارات حول معركة “الكارنيه أم الجنيه”، يقول عزوز “لا مرشح السلطة لديه ما يقدمه تعبيرا عن أنه يمثل الجنيه، ولا مرشح الاستقلال بإمكانه أن يقدم خطابا في قوة خطاب مرشحي هذا التيار في عهد مبارك”.
انتهاكات لا تتوقف
ووفق التقرير السنوي لانتهاكات حرية الإعلام في مصر لعام 2022، الذي أصدره المرصد العربي لحرية الإعلام (جهة حقوقية مستقلة)، شهد العام الأخير إطلاق سراح 19 صحفيا، في حين تم اعتقال 16 صحفيا آخر، وبذلك وصل عدد الصحفيين والصحفيات المحبوسين حاليا إلى 47 صحفيا، مع إدراج 5 من الصحفيين والإعلاميين العاملين بالخارج على قوائم الإرهاب.
من جهته، وثق التقرير الإحصائي السنوي لعام 2022 للمرصد المصري للصحافة والإعلام (جهة حقوقية مستقلة) 238 حالة انتهاك ضد الصحفيين والإعلاميين أو المؤسسات التي يعملون بها، بزيادة نسبتها 126% عن عام 2021 الذي سجلت فيه انتهاكات بإجمالي 105 حالات.