تجديد الأنابيب النفطية بالعراق.. هل يزيد التصدير ويوقف التهريب؟ | اقتصاد
عاد الحديث مرة أخرى عن ضرورة استبدال الأنابيب النفطية البحرية العراقية بعد أن طرحت لأوّل مرة قبل أكثر من 11 عاما، في خطوة تضمن للبلاد زيادة في تصدير النفط الخام -حسب مختصين- بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، فضلا عن إمكانية إيقاف عمليات التهريب التي تُسبب خسائر للبلاد بملايين الدولارات.
وكان محمد سعدون محسن -معاون مدير عام شركة تسويق النفط العراقية “سومو” (SOMO) وممثل العراق في منظمة أوبك- قد كشف في حديث لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن وجود أكثر من خطة لدى العراق لزيادة التصدير، وتتضمن إحداها تبديل الأنابيب البحرية التي سترفع معدل التصدير بنحو 900 ألف برميل يوميا من معدله الحالي البالغ 3 ملايين و350 ألفا.
ما خسائر العراق من عمليات التهريب؟
ومضى على الأنابيب الحالية أكثر من نصف قرن وهذا ما جعلها مُتهالكة، فمثلا الأنبوب المتوجه إلى خور العمية (جنوبي البلاد) يتجاوز عمره 60 عامًا، وخور العمية واحد من 7 موانئ بمحافظة البصرة منها 5 تجارية و2 نفطية. وأما الأنبوب المتوجه إلى ميناء البصرة عمره أكثر من 50 عامًا، وهذا ما يُسهل استمرار عمليات التهريب والتسرب منها مع وجود صعوبات في إصلاحها.
وكشف غالب محمد -عضو لجنة النفط والغاز في الدورة الرابعة لمجلس النواب السابق (2018-2021)- عن وجود طريقتين لعمليات التهريب، الأولى من خلال ثقب الأنابيب الناقلة للنفط، والثانية من خلال صهاريج نقل النفط.
وفي حديثه للجزيرة نت، قدّر محمد خسائر العراق جراء ذلك بنحو 100 ألف برميل نفط يوميا، أي نحو 3 ملايين برميل نفط شهريًا، و36 مليون برميل على مدار العام.
ومنذ فترة طويلة، وضعت سومو إستراتيجيتها وخططها لتبديل الأنابيب البحرية، إلا أن مصدرا رفيع المستوى فيها أكد -للجزيرة نت- أن عدم توفر الإمكانيات الفنية واللوجستية يقفُ عائقا أمام التنفيذ، فضلا عن أن تنفيذ المشروع يحتاج إلى شركات عملاقة متخصصة في هذا المجال لإجراء التبديل.
ويضيف المصدر -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- أن الشركة وضعت في خططها فترة عام ونصف العام تقريبا لتبديل الأنابيب البحرية بالكامل ضمن اقتراح أولي.
هل يزيد تبديل الأنابيب من حجم التصدير؟ وما الكلفة المطلوبة؟
في رده على هذا السؤال، يُشدّد الباحث الاقتصادي والخبير النفطي بلال الخليفة على حاجة العراق إلى تطوير منظومة أنابيب التصدير البحرية الناقلة للنفط، وخصوصًا الطويلة منها التي أصبحت قديمة جدًا، وتحديثها بما يتلاءم والقدرة الإنتاجية التصديرية الحالية، كما شدد على أن تتلاءم مع الخطط النفطية العراقية التي تروم الوصول بإنتاج النفط إلى 7 ملايين بعد عدة سنوات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يُشير إلى أن الأمر ليس مقتصرا على الأنابيب فقط، بل على منصات التحميل، إذ إن بعضها ثابتة في بعض الموانئ العراقية المهمة وأخرى عائمة مؤقتة.
ويُقدر الخليفة الكلفة الإجمالية للأنابيب ومنصات التحميل بما يزيد على 15 مليار دولار، مما قد يجعل العراق عاجزًا عن التنفيذ في الوقت الحالي.
ما الحلول للقضاء على عمليات التهريب؟
تهالك معظم منظومة الأنابيب جعلها تتعرّض باستمرار لتسريب النفط، لكن عمليات تهريب النفط عادة لا تكون من خلال التسريب، بل تشمل أيضا عمليات التجاوز بثقب الأنابيب الإستراتيجية الكبيرة، وأيضًا من خلال التلاعب في عدادات النفط لبعض محطات التحميل أو التفريغ في أثناء تزويد محطات الكهرباء أو معامل الطابوق أو المصافي النفطية، وخصوصًا بيع الوقود الأسود الناتج بعد عملية التصفية.
ومن أجل ذلك، يحصر الخليفة الحلول في الجهود الاستخبارية ومحاربة الفساد والقضاء على مافيات تهريب النفط. بالإضافة إلى مدّ أنابيب جديدة وكبيرة وإنشاء منصات كبيرة وكثيرة في ميناء الفاو الكبير وعندها يمكن الاستغناء عن المنظومة القديمة أو تقليل الاعتماد عليها.
ويؤكد أهمية استبدال المنظومة القديمة بأخرى جديدة عن طريق التعاقد مع شركات عالمية كبيرة ومتخصصة في هذا المجال، على أن يكون التعاقد بنظام “بوت” (BOOT) -وهو عبارة عن نظام تشغيل وبناء وتحويل بالإضافة إلى نقل الملكيّة أو التشييد- كي يتجنب العراق التمويل لهذا المشروع وبنفس طريقة التعاقد مع أنبوب العقبة.
هل هناك ضرورة لاستبدال الأنابيب؟
يقرّ المهندس باسم الغالبي -معاون المدير العام لشؤون الإنتاج والجهد الوطني في شركة نفط البصرة- بأن الأنابيب البحرية القديمة “سيل لين 1″ و”سيل لين 2” قد أنشئتا عام 1970 وباتتا قديمتين جدا، مما جعلهما تحت خطر التضرر الذي يؤدي إلى خسارة الإنتاج والتصدير، واحتساب قيمة الإنتاج من قبل الشركات الأجنبية في حال عدم القدرة على تصدير النفط، بجانب تلوث مياه البحر في حال تضرّر هذه الأنابيب.
ويؤكد الغالبي ضرورة استبدال هذه الأنابيب، فيقول “لدينا -إضافة إلى هذين الأنبوبين- مجموعة إكسبورت لين 1 وإكسبورت لين 2، وهما لنقل النفط الخام حصرا من الفاو إلى منصات التصدير الأحادية 1 و2 و3 و 5، وهما بحالة ممتازة جدًا”.
وفي ما يتعلق بأنبوب التصدير عبر ميناء العمية المتضرّر حاليًا والذي أنشئ عام 1970، يكشف الغالبي عن وجود خطة لاستبداله.
ويُشير إلى وجود خطة أخرى لإقامة خطوط بحرية جديدة سيل لين 4 و5 بدل الخطوط القديمة، تحت إشراف شركة “إيني” (ENI) الإيطالية مشغل حقل الزبير النفطي.
ويلفت إلى أن هناك أنابيب مطاطية ترتبط حصرا بمنصات التصدير الأحادية، فضلا عن وجود خطة متكاملة لتجهيز واستبدال أي أنابيب قد تتعرض للتلف منها.
ما أهمية التعاقد مع الشركات الأجنبية؟
هنا، يقر الخبير النفطي حمزة الجواهري بأن استبدال الأنابيب القديمة -لا سيما الموجودة في خور العمية التي حان الوقت لاستبدالها وتلك الموجودة في ميناء البصرة- سيزيد من الطاقة التصديرية بنحو 1.5 مليون إلى كمية الإنتاج اليومي الحالية.
ويقترح الجواهري مد أنبوب مُساعد بوجود أنبوبين يذهبان إلى المنصات العائمة الرابعة والخامسة، لتقوية الجزء السفلي الذي يرتبط بقاع الخليج لتثبيته أكثر، وسيتكلف ذلك ما بين مليار و1.25 مليار دولار.
وعن الجهة الأفضل لتنفيذ تبديل الأنابيب البحرية، يقترح الجواهري في -حديثه للجزيرة نت- أن يتم المشروع بالتعاقد مع شركات أجنبية عالمية، ويلفت إلى أن استبدال الأنابيب لن يوقف عمليات التصدير الجارية.