خاض أشهر الحروب الشعرية مع جرير.. من الفرزدق؟ وكيف احتال لزواج ابنة عمّه؟ | ثقافة
اسمه همام بن غالب بن صعصعة، وهو حفيد صعصعة بن ناجية التميمي الذي اشتهر قبل الإسلام بافتداء الموؤودات وأدرك الإسلام واشتهر بالجود والكرم، أما أبوه غالب بن صعصعة فقد روي أنه وفد على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أيام خلافته ومعه الفرزدق وهو غلام يومئذ، فقال أمير المؤمنين: من الشيخ، قال: أنا غالب بن صعصعة.
وسأله من هذا الغلام معك، قال: ابني وقد رويته الشعر يا أمير المؤمنين وكلام العرب ويوشك أن يكون شاعرا مجيدا، فقال لو أقرأته القرآن فهو خير له. فكان الفرزدق بعد يروي هذا الحديث ويقول ما زالت كلمته في نفسي.. حتى قيدَ الفرزدق نفسَه بقيد وآلى ألا يفكه حتى يحفظ القرآن، فما فكه حتى حفظه.
وربما كانت هذه القصة هي بداية ارتباطه بآل البيت الذي لم يمنعه ولاؤه لبني أمية من مدحهم؛ فقد روي أن الفرزدق حج مع هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة، وكان الحج مزدحما، فاجتهد هشام أن يستلم الحجر الأسود فلم يتمكن، ثم جاء علي بن الحسين -المعروف بزين العابدين- فأفسح له الحجيج حتى استلم الحجر الأسود، فسأل هشام من هذا ولم يكن يعرفه، فرد الفرزدق بهذه القصيدة مادحا عليا:
هذا الذي تعرفُ البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
الحسن البصري شاهد على طلاق الفرزدق
عرف الفرزدق بقصة زواجه الطريفة من ابنة عمه نوار بنت أعين بن صعصعة، حيث ملكت عليه قلبه، فتزوجها بحيلة كما يروي صاحب الأغاني في كتابه قائلا:
خطبها رجل من بني عبد الله بن دارم فرضيته وكان الفرزدق وليها فأرسلت إليه أن زوجني من هذا الرجل فقال أوتشهدينني أنك قد رضيت بمن زوجتك قالت نعم، فلما توثق منها قال أرسلي إلى القوم فليأتوا فجاء بنو عبد الله بن دارم فاجتمعوا بمسجد بني مجاشع وجاء الفرزدق فحمد الله وأثنى عليه ثم قال قد علمتم أن النوار قد ولتني أمرها وأشهدكم أني قد زوجتها نفسي على 100 ناقة حمراء سوداء الحدقة.
فنفرت من ذلك ولجأت إلى ابن الزبير، وكان يومئذ أمير الحجاز والعراق فقال لها “إن شئتِ فرَّقتُ بيْنك وبيْنه ثمَّ ضربتُ عنُقَه فلا يهجونا أبدًا، وإن شئتِ أمضيت نكاحَه، فهو ابن عمِّك وأقرب النَّاس إليك”، وكانت امرأة صالحة، فقالت: أوما غير هذا؟ قال: لا، قالت: ما أحبُّ أن يُقْتل ولكني أمضي أمره فلعلَّ الله أن يَجعل في كرهي إيَّاه خيرًا، فمضت إليه وخرجت معه إلى البصرة.
ويقول الفرزدق: “خرجْنا ونحن متباغِضان، فعدنا متحابين”، فلمَّا اصطلحا، ورضِيَت به، ساق إليْها مهْرَها، ودخل بها قبل أن يخرج من مكَّة، ثمَّ عادا إلى البصْرة فمكثا ما شاء الله، وأصبح له منها أولادٌ وبنات.
لكنَّ ما لم تستطع أن تحقِّقَه بمعونة السُّلطان والحكَّام والأمراء، وصلت إليه بالحيلة والدَّهاء، فما زالت تتودَّد إليْه حتَّى وافق على طلاقها على أن تبقي له الأعطيات وألا تتزوَّج بعده، فقبِلت على أن يشهد طلاقَهما الحسن البصري، فأتيا الحسن فقال له الفرزْدق: يا أبا سعيد، قال له الحسن ما تشاء؟ قال: اشهد أنَّ النَّوار طالق ثلاثًا، فقال الحسن: قد شهِدْنا، وندم الفرزدق على طلاقها ذلك ندما شديدا.