وسط حملة اعتقالات رموز سياسية.. من المسؤول عن تهميش الأحزاب في تونس؟ | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
تونس- هل يمكن أن تسهم الأحزاب السياسية في إضعاف نفسها؟ هكذا يتجادل تونسيون حاليا بشأن تراجع دور هذه الأحزاب بين مَن يتهم الرئيس بالتخطيط لذلك، خصوصا مع تزايد الاعتقالات، ومن يحمّل الأحزاب مسؤولية تراجعها.
يرى معارضون أن الرئيس قيس سعيد يسعى من وراء حملة الاعتقالات والإيقافات الأخيرة لإضعاف الأحزاب وإرباكها، بينما يُحمّل سياسيون آخرون الأحزاب نفسها مسؤولية تراجعها وضعفها.
ويأتي هذا الجدل، وغيره، بالتزامن مع حملة اعتقالات هزت الصفوف الأمامية لأحزاب معارضة للرئيس، أبرزها قيادات من حركة النهضة، كما شملت رجل أعمال بارزًا وسياسيين آخرين.
عبث ولكن
من جهته، يرى القيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني أن كل معارض للرئيس “موقوف مع تأجيل التنفيذ”، مؤكدا أن قيس سعيد في إطار الصراع السياسي الراهن “يسعى لضرب كل النخب واختزال السلطة بشخصه كفرد”، بحسب وصفه.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر العجبوني أنه “رغم كل العبث الذي يقوم به الرئيس، ما يزال جزء من الرأي العام مساندا له لأنه لا يرغب في العودة لما قبل تاريخ 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلانه التدابير الاستثنائية التي حل بها البرلمان وألغى بها الدستور السابق وبسط نفوذه”.
وأوضح أن “جزءًا كبيرًا من تهميش الأحزاب وإضعافها يقع على عاتق الأحزاب نفسها، لأن كثيرًا منها فقد مصداقيته أمام الشعب خلال العشرية الماضية”.
وأضاف “لقد سمح كل ذلك لقيس سعيد بأن يفعل ما يريد”، مضيفا “كما تتحمل الدولة التي لم تستثمر في تقوية الديمقراطية والأحزاب ولم تساعدها على تمويل أنشطتها مسؤولية تهميشها، وجعلها عرضة للمال السياسي الفاسد ولسيطرة لوبيات اقتصادية، وقد استغل قيس سعيد تلك الصورة السيئة عنها لمزيد ضربها”، وفق قوله.
خطيئة الرئيس
بدوره، يرى أمين عام حزب العمل والإنجاز والقيادي السابق بحركة النهضة عبد اللطيف المكي أن الأحزاب السياسية ارتكبت أخطاء في المرحلة السابقة شكّلت خطرا على المسار الديمقراطي بالبلاد، لكن “قيس سعيد عالج الخطأ بالخطيئة”، بحسب تعبيره.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المكي إن “الرئيس استغل أخطاء الأحزاب واستمال جزءا من الرأي العام بشكل شعاراتي شعبوي، لكن مع ذلك لا يملك حلولا أو برامج ما جعل شعبيته تتراجع كثيرا، ولا سيما في محطة الانتخابات التشريعية الماضية بسبب تدهور الأوضاع”.
وأضاف أنه بسبب تراجع شعبيته جراء تدهور الوضع وتصاعد تحركات المعارضة، قام الرئيس بضربة استباقية للحيلولة دون التقاء الحراك السياسي مع الحراك الاجتماعي، بيد أنه “لن يفلح في إيقاف توق المجتمع التونسي لديمقراطية منتجة للرفاه”.
ورغم أن الإيقافات والملاحقات تشكل “ضربة استباقية” للأحزاب لمزيد تهميشها، يؤكد المكي أن محاولات قيس سعيد لإضعافها وإسكاتها مهمة مستحيلة ولن تثمر عن شيء، مؤكدا أنه حتى الرئيس قيس سعيد نفسه له “حزب غير معلن يتشكل من خلال من يساندونه المواقف في إطار مجموعات وتنسيقيات بغض النظر عن حجمها ومدى تأثيرها”.
أحزاب فوق الربوة
من جهة أخرى، يقول القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات إنه لا يعتقد أن مسار 25 يوليو/تموز للرئيس هدفه إضعاف الأحزاب وتهميشها، و”خير دليل على ذلك هو مشاركة أحزاب عدة منها حركة الشعب في الانتخابات التشريعية الماضية”.
وفي حديثه للجزيرة نت، لا يرى عويدات أن “التوقيفات الأخيرة تهدف لترويع الأحزاب أو إضعافها لأنها لم تكن عشوائية ضد كل الناشطين السياسيين من مختلف مشاربهم، وإنما كانت توقيفات موجهة ضد أشخاص بعينهم، وسيكون القضاء هو الفيصل في إدانتهم أو تبرئتهم”.
ويتساءل عويدات: “بدلا من اتهام قيس سعيد بالسعي إلى إضعاف الأحزاب، لماذا لا نتساءل ماذا قدمت الأحزاب في المقابل حتى لا تكون ضعيفة؟ أليس من واجبها أن تعقد مؤتمراتها وتنجز نشاطاتها وتشارك بالعملية السياسية، دون الوقوف على الربوة حتى لا تكون ضعيفة؟”.
ويضيف أن حزبه رغم مساندته للإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، فإنه كان ينتقد إدارة المرحلة للرئيس، حيث يطالب الحزب أن يكون على رأس أولوياتها معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس.