هل بدأت مرحلة الحسم؟.. أوكرانيا تستعد بسلاح الغرب وروسيا تحشد لهجمات جديدة | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
كييف- سنة مرت على حرب أوكرانيا، كانت مليئة بالأحداث والمنعطفات، لكن شهور الشتاء الأخيرة مرت من دون تغير ملحوظ، فلم تفلح عمليات قصف البنى التحتية للطاقة والمياه في قلب دفة الحرب لروسيا، كما أرادت، ولم تستعد أوكرانيا أي مساحات جديدة تُذكر من أراضيها.
وعلى أعتاب السنة الثانية، تدخل الحرب مرحلة تقول كل الأطراف إنها “حاسمة”، ويبدو المشهد وكأن فيه انتظارا لساعة صفر جديدة، تحددها نية روسيا واستعداداتها للتوسع أكثر، وتدفق أسلحة ثقيلة ونوعية إلى أوكرانيا من دول الغرب، التي بات بعضها أكثر حزما تجاه موسكو، وإصرارا على دعم كييف.
تعبئة وزخم تصنيع
في روسيا، لا تخفي وزارة الدفاع عزمها زيادة تعداد الجيش بواقع الضعف، ليضم نحو مليوني جندي، أكثر من نصفهم سيكونون من المعبئين حديثا، والاستخبارات الأوكرانية تؤكد أن عملية التعبئة مستمرة في روسيا منذ سبتمبر/أيلول الماضي رغم إعلان نهايتها، والهدف -برأي الأوكرانيين- هو زج مزيد من الجنود الروس في معارك توسعية جديدة.
كما أعلنت روسيا زيادة حجم إنتاج الصواريخ الفرط صوتية من شتى الطرازات، في ظل زيادة قدرات أوكرانيا في مجال الدفاع الجوي خلال الشهور الماضية.
وتتميز الصواريخ الفرط صوتية بسرعتها التي تفوق سرعة الصوت، وتجعل إسقاطها بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية غير ممكن، فضلا عن طيرانها على ارتفاعات أخفض من الصواريخ الباليستية، وإمكانية تحقيقها سرعة تزيد على 5 أضعاف سرعة الصوت.
وأوكرانيا، المنهمكة حاليا في الحصول على الدبابات والطائرات والدفاعات الجوية والصواريخ متوسطة وبعيدة المدى من “الحلفاء والشركاء والأصدقاء”، كما تسميهم، تقوم بتعبئة جزئية في صفوف جيشها أيضا، وتشير إلى أن آلافا من قواتها يتدربون فعلا على أسلحة الغرب المختلفة في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها.
أمام صيف ساخن
وعلى خلفية ما سبق، يخوض محللون في توقعات بشأن تأجج المعارك القادمة ومساحاتها، بين من يراها وشيكة، وآخرين يرون أن الحرب ستكون بين مد وجذر وأن سنة 2023 لن تحسمها.
في حديثه للجزيرة نت، يقول إيفان ستوباك، الخبير العسكري في المعهد الأوكراني للمستقبل والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، إن التصعيد بالقصف الكثيف قد يكون مع اقتراب أو حول الذكرى السنوية الأولى للحرب، لكن المعارك ستستعر أواسط العام. وأضاف أن “روسيا غارقة في وحل مدينة باخموت بإقليم دونباس منذ شهور، وليست جاهزة لفتح جبهات جديدة، ونحن ننتظر وصول الآليات اللازمة لغرض القيام بالعمليات المضادة، بعد تدرب قواتنا عليها”.
ومن ناحيته، يقول الخبير العسكري في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف للجزيرة نت “قد نشهد صيفا شديد السخونة، والمعارك أصلا قد تحتدم مع نهاية الربيع وحتى الخريف، لكني أعتقد أن عام 2023 لن يحسم الحرب بسهولة، لأن المساحات التي يجب أن تحرر، بما فيها شبه جزيرة القرم وكامل إقليم دونباس، أكبر من الإرادة والإمكانيات اللازمة”.
وأضاف في هذا السياق “روسيا تستعد لهذا الأمر أكثر باعتقادي، فهي الآن تتخذ الإجراءات اللازمة لتكييف المجتمع والاقتصاد مع حرب طويلة الأمد”.
تحجيم الغرب لروسيا
ومهما كانت السيناريوهات القادمة، يكاد الأوكرانيون يجمعون على أنها رهن جدية الغرب في دعم أوكرانيا وتحجيم قدرات روسيا، وصولا إلى “هوانها” على الجبهات.
في هذا الصدد، يعتقد الخبير العسكري إيفان ستوباك أن “قرارات الغرب تزويد أوكرانيا بدفاعات باتريوت ودبابات ليوبارد وأبرامز وتشالنجر، والمناقشات الدائرة حول مدها أيضا بطائرات ’إف-16‘ (F-16) أو غيرها، مؤشرات واضحة على جدية الغرب في حسم هذه الحرب لمصلحة أوكرانيا”.
وفي هذا الإطار، يرى ستوباك أن “الحرب أرهقت الغرب ومعظم دول العالم، لكنه أيقن أهمية دعم أوكرانيا لإضعاف روسيا والحد من أطماعها الإقليمية والعالمية، سواء باحتلال الأراضي أو احتكار بعض مجالات الطاقة وغيرها”.
ويتابع أن “الغرب يدرك أن كييف تحتاج إلى المزيد للانتصار على موسكو، لا سيما بعد أن رأى كيف أوصلت مساعداته روسيا إلى وضع ’الهوان‘ على الجبهات”، على حد قوله.
لكن السيناريو الأخطر هنا -بحسب ستوباك- أن توضع قيادة روسيا في زاوية الخسارة والفشل، “وهو ما قد يدفعها نحو مزيد من العنف والجرائم، أو يدفعها حتى إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل”.