تتجاوز درجة حرارتها 1400 درجة.. اكتشاف طبقة منصهرة تحت الصفائح التكتونية للأرض | علوم
اكتشف فريق بحثي يضم جيولوجيين من جامعات “كورنيل” و”تكساس” و”براون” في الولايات المتحدة الأميركية طبقة خفية من الصخور المنصهرة الشديدة الحرارة تحت القشرة الأرضية مباشرة، وفقا للدراسة التي نشرت يوم 6 فبراير/شباط الجاري في دورية “نيتشر جيوساينس” (Nature Geoscience).
وأوضح الباحثون أن الطبقة المنصهرة التي تتجاوز درجة حرارتها 1400 درجة مئوية تقع على عمق نحو 161 كيلومترا تحت السطح، وهي جزء مما يعرف بـ”الغلاف الموري”، وهو الجزء الضعيف ميكانيكيا والقابل للتشوه من الوشاح العلوي. ويعدّ الغلاف الموري (asthenosphere) الذي يمتد على نحو 100 كلم إلى 200 كلم تحت سطح الأرض الطبقة الأضعف في قشرة الأرض.
وبينما كان يعتقد في الماضي أن الغلاف الموري صلب في أغلب أجزائه، مع وجود بعض السوائل هنا وهناك لجعله أكثر مرونة، يشير هذا الاكتشاف الجديد إلى أن الطبقة العليا التي كان يعتقد أنها صخور صلبة يمكن أن تكون أكثر رخاوة مما اعتقده العلماء في السابق.
الصفائح التكتونية
يقول الباحثون إن الغلاف الموري مهم أيضا لحدوث حالات زحزحة القارات، إذ إنه يشكل حدا مرنا نسبيا يسمح لقاعدة الصفائح التكتونية بالتحرك عبر الوشاح. وقد تساعد هذه النتائج في إغناء نقاش طويل الأمد حول كيفية تحرك الصفائح التكتونية التي يتكون منها الغلاف الصخري للأرض.
تتسم هذه الصفائح بعدم الثبات والحركة الدائمة بسرعات متفاوتة، لكنها في مجملها بطيئة جدا لذلك لا نشعر بها، لكننا نشعر بآثارها. وينتج عن تصادم هذه الصفائح نشوء ظواهر جديدة، فعندما تضغط الصفيحة المحيطية على الصفيحة القارية ينتج عن ذلك تكوين سلسلة جبلية من الصخور الحديثة.
تتكون الأرض من 9 صفائح كبيرة و12 صفيحة صغيرة، وتكون الصفائح إما قارية أو محيطية، أو قارية ومحيطية معا. وقد تصاحب تحرك هذه الصفائح أنشطة زلزالية وبركانية على طول حدودها، إضافة إلى تكون تضاريس جديدة مثل الجبال الشاهقة والصدوع والأخاديد والفوالق وغيرها، ويستغرق ذلك ملايين السنين.
اكتشاف مفاجئ
خطرت فكرة دراسة الغلاف الموري عن طريق المصادفة للباحث في علوم الأرض في كلية “جاكسون” لعلوم الأرض بجامعة “تكساس” (University of Texas)، والمؤلف الرئيسي للدراسة “جونلين هوا”، في أثناء دراسة الصور الزلزالية للوشاح تحت تركيا، عندما كان طالبا في مرحلة الدكتوراه في جامعة براون.
يقول “هوا” في تصريح للجزيرة نت إنه عند دراسة تلك الصور، فوجئ باكتشاف علامات صخور منصهرة جزئيا تحت القشرة الأرضية. وعند تجميع صور زلزالية أخرى من جميع أنحاء العالم تمكن من رسم خريطة مركبة للغلاف الموري، وجد من خلالها أن الصخور المنصهرة جزئيا أسفل القشرة لم تكن تمثل حالة شذوذ في قشرة الأرض، ولكن يبدو أنها تتكرر بنمط شبه ثابت في نقاط مختلفة، حيثما كان الغلاف الموري أكثر سخونة.
ويوضح الباحث الرئيسي للدراسة أنه “من دون الغلاف الموري لن تكون لدينا صفائح تكتونية أو جبال أو قارات”، ويضيف أن الأرض بحاجة إلى هذه الطبقة الحدودية لتكون قادرة على الحفاظ على مرونة حركة الصفائح التكتونية التي تنتج البراكين، والتي بدورها تشكل الغلاف الجوي وتبني القشرة القارية الغنية بالمواد المغذية التي تعدّ ضرورية للكوكب.
ويقول الباحثون في البيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert) إنه لا يمكن الحفر في أعماق الغلاف الموري، ولكن يمكن إلقاء الضوء على هذا الجزء من قشرة الأرض باستخدام التصوير الزلزالي والتركيبات الكيميائية للعينات التي جاءت من أعماق الأرض، تماما كما يستخدم الطبيب مخطط الموجات فوق الصوتية وكيمياء الدم لتشخيص حالة المريض.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت