ثأر مقتدى الصدر.. لماذا يمكن أن تكون إيران الخاسر الحقيقي في صراع شيعة العراق؟ | سياسة
14/9/2022–|آخر تحديث: 14/9/202205:27 PM (مكة المكرمة)
نشرت مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية مقالا تناول فيه كاتبه بالنقد والتحليل المواقف السياسية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ومحاولاته لاحتواء النفوذ الإيراني في العراق، وفرض سيطرته على ترتيبات تقاسم السلطة في البلاد.
وزعم أستاذ الصحافة المشارك بجامعة نيويورك محمد بزي في مقاله أن مقتدى الصدر سعى منذ الوهلة الأولى للجمع بين السلطتين السياسية والدينية، رغم مؤهلاته الدينية “المحدودة واستخفافه الواضح” بسنوات دراسته تحت إشراف كبار علماء المذهب الشيعي التي تخوله الحصول على لقب آية الله.
ورغم ذلك، استطاع مقتدى (الابن الوحيد الباقي على قيد الحياة لآية الله العظمى محمد باقر الصدر الذي اغتيل عام 1999) أن يسير على خطى والده بوصفه زعيما سياسيا للتيار الصدري، وفقا للمقال.
طريق مسدود
وتطرق بزي (أميركي الجنسية لبناني الأصل) -الذي يعمل أيضا مديرا لمركز هاكوب كيفوركيان لدراسات الشرق الأدنى- إلى الانتخابات المبكرة التي جرت بالعراق في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وأسفرت عن فوز التيار الصدري بحصوله على 73 مقعدا من مجموع 329 في البرلمان، ورغم ذلك لم تنجح كتلته ولا أي حزب آخر في تشكيل حكومة، مما أوصل النظام السياسي في البلاد إلى طريق مسدود، كما يقول الباحث والأكاديمي.
وبعد أشهر من الفشل في تشكيل حكومة جديدة، أعلن الصدر في 29 أغسطس/آب الماضي اعتزاله الحياة السياسية. غير أن كاتب المقال يؤكد أن الصدر -رغم هذا الادعاء- فإنه قد يعمل على الأرجح على استغلال هذه المرحلة الجديدة في إستراتيجية حافة الهاوية التي ينتهجها واحتجاجات الشوارع، لتكون له “اليد الطولى على خصومه”.
ويسعى الصدر -من خلال التصريحات المماثلة التي دأب على إطلاقها- إلى تكريس نفسه صانع قرار سياسي شيعي بلا منازع؛ وللهيمنة على نظام تقاسم السلطة بين الطوائف (المحاصصة) الذي ظل قائما بعد إطاحة الولايات المتحدة بحكم الرئيس الراحل صدام حسين.
الصراع الشيعي-الشيعي
ويعتقد بزي أن الصراع الذي نشب في العراق لم يكن بين الطوائف أو المجموعات العرقية المتنافسة، بل حدث بين الشيعة “المنقسمين حول علاقة بلادهم بإيران”.
ويرى الصدريون -الذين كان زعيمهم مقتدى الصدر في يوم من الأيام حليفا وثيقا لطهران- أن على بغداد أن تنأى بنفسها عن جميع القوى الأجنبية، بما في ذلك إيران، في حين لا تزال الفصائل الأخرى أكثر ارتباطا بجارة العراق القوية.
ومع أن الصدر صاغ لعبته السياسية على أنها حملة ضد طبقة سياسية فاسدة تدين بالولاء لإيران وقوى خارجية أخرى، فإن مغامرته هذه تشكل -حسب مقال فورين أفيرز- خطرا آخر على الدولة العراقية “الهشة”، ويتمثل في احتمال أن يستولي على بغداد “رجل دين شيعي كان يقود إحدى المليشيات العراقية الأكثر رعبا”، وليس فصائل سياسية مدعومة من إيران.
فراغ سياسي بطائفة الشيعة
ويجسد الصدر “طرازا قوميا ومتمردا” من التشيع في العراق، وفق وصف بزي الذي يستطرد قائلا إن المرجع الديني العراقي آية الله العظمى علي السيستاني وعلماء دين آخرين من الشيعة يتجنبون المشاركة السياسية المباشرة، الأمر الذي أحدث فراغا في السلطة داخل هذه الطائفة، وهو فراغ ظل الصدر يعمل على مدى عقدين من الزمن على ملئه.
الصدر أمهر من أميركا في العراق
ومع ذلك، يرى الكاتب فيه زعيما بنى حركة اجتماعية وسياسية هائلة قادرة على حشد أصوات الناخبين، والاستفادة من نظام المحسوبية في العراق. كما أظهر طيلة السنوات الماضية مهارة سياسية أكبر من تلك التي أبدتها الولايات المتحدة، ونسب إليه خصومه العراقيون الفضل في ذلك، ولطالما تفوق عليهم.
ويمضي بزي إلى القول إن الصدر فشل حتى الآن في حملته لاحتواء النفوذ الإيراني، وإضعاف الفصائل الشيعية الأخرى في العراق، وفرض سيطرته على ترتيبات تقاسم السلطة في البلاد.
ويبقى السؤال المطروح -في ختام مقال فورين أفيرز- عما إذا كان معارضو الصدر سيحاولون إقصاءه من الحكم كليا، ومن ثم المخاطرة بإطلاق العنان لدوامة جديدة من إراقة الدماء، أم سيسعون إلى التوصل لحل وسط؛ وبالتالي إعاقة طموحه الكبير في أن يصبح أقوى زعيم شيعي في العراق.