محاصرون يناشدون إنقاذهم من تحت الأنقاض.. الجزيرة نت ترصد آثار الزلزال المدمر شمال غربي سوريا | صحة
شمال سوريا- “شعرنا وكأنها أهوال يوم القيامة؛ بقيت الأرض تهتز لمدة دقيقتين، وبعد نزولنا إلى الشوارع، بدأت سيارات الدفاع المدني والإسعاف تهرع لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض”، هكذا يروي محمد المصطفى -النازح في منطقة سرمدا شمالي إدلب- قصة تمكنه من الهروب مع عائلته من المبنى الذي يقطنه شمالي سوريا، وذلك في الرابعة صباحا بعد إحساسه بالهزة الأرضية.
وأضاف المصطفى أن أهوال الزلزال بدأت تتكشف في الصباح الباكر مع انتشار صور المناطق التي انهارت فيها الأبنية السكنية وامتلاء المشافي بالمصابين، حيث من المتوقع أن يصل عدد الضحايا والمصابين لأكثر من ألف خلال الساعات القادمة.
أرقام أولية
وضرب زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر جنوبي تركيا، في حين امتدت آثاره لمختلف مناطق الجنوب التركي والشمال السوري، الأمر الذي تسبب في كارثة إنسانية إثر انهيار عشرات المباني وسقوط العشرات من الضحايا المدنيين في عموم المنطقة.
وخلال الساعات الأولى التي أعقبت الزلزال، سُجل انهيار عشرات المباني السكنية في عدة محافظات سورية، منها إدلب وحلب واللاذقية والرقة مع وجود عالقين تحت ركام الأنقاض في عدة مناطق، ثم ما لبث أن تلا ذلك تسجيل عشرات الهزات الارتدادية.
وفي إحصاءات أولية، أعلن الدفاع المدني السوري ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 147 قتيلا و240 مصابا بمناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.
أما عن أوضاع المدنيين، فأوضح النازح محمد المصطفى أن معظم المنطقة مكتظة بالنازحين، وهي غير مؤهلة لاستقبال الزلازل والهزات الأرضية، لذلك فإن الخسائر مخيفة ولا يوجد مأوى للناس من الهزات الارتدادية المتوقعة، وهو ما حدا بفريق الدفاع المدني لدعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته إزاء هذه الكارثة واتخاذ إجراءات طارئة تحول دون تفاقم الوضع، وتدعم إنقاذ المدنيين في سوريا.
مناشدات
وأشار فريق الدفاع المدني -في بيانه- إلى إعلان منطقة شمالي غرب سوريا “منطقة منكوبة بالكامل”، مع دعوته جميع الجهات المحلية والقوى المدنية إلى استنفار كوادرها، مع توصية جميع المنظمات الإنسانية الصحية والإغاثية العاملة في سوريا بتقاسم العمل لتغطية الاحتياجات الضرورية للجميع وفق المستطاع، داعيا جميع المنظمات الإنسانية الدولية للتدخل السريع لإغاثة المنكوبين وتلبية احتياجاتهم.
وأضاف البيان “ندعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته إزاء هذه الكارثة المفجعة واتخاذ إجراءات طارئة تحول دون تفاقم الوضع، وتدعم إنقاذ المدنيين في سوريا، والضغط على نظام الأسد وحليفه الروسي على نحو يضمن عدم حدوث أي قصف في هذه المناطق”.
وجاء في بيان الدفاع المدني أن هذه المناشدات تأتي تطبيقا لآلية الطوارئ والاستجابة في الدفاع المدني السوري، ونتيجة الوضع الكارثي من انهيار المباني والتصدعات الحادة والمئات من الإصابات والعالقين والعشرات من القتلى، مع النقص الكبير في الإمكانيات والخدمات، وعدم توفر مراكز الإيواء ونقاط التجمع الآمنة، وظروف الطقس العاصفة والمثلجة ودرجات الحرارة المنخفضة، على حد وصف البيان.
كارثة إنسانية
في السياق، قال مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح “هناك كارثة بكل معنى الكلمة شمالي سوريا بسبب الزلزال، وعدد الضحايا والإصابات كبير جدا ومئات العائلات تحت الأنقاض وأوضاع مأساوية وكارثية في شمالي غرب إدلب”.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف “قامت فرق الدفاع المدني بالاستنفار، ونناشد المنظمات والدول بالتدخل السريع لإنقاذ العوائل التي بقيت تحت ركام منازلها، عدد كبير من العائلات باتت من دون مأوى في ظل عاصفة هوائية ومطرية، وهذه العوائل بحاجة إلى مواد غذائية ومواد تدفئة ورعاية طبية مهمة جدا”.
وأشار الصالح -في عرضه لأوضاع المنطقة بعد الزلزال- إلى أن فرق الدفاع المدني تحتاج إلى آليات ثقيلة ومعدات كثيرة، مناشدا المجتمع الدولي مساعدة الأهالي الذين لا يزالون عالقين تحت الأنقاض حتى الآن، حسب قوله.
العالقون يناشدون إنقاذهم
وفي مشهد إنساني حزين، كشف الصالح عن أن فرق الدفاع المدني رصدت أصوات المدنيين تحت الأنقاض، مع عدم القدرة على مساعدتهم باستثناء ما نسبته 10% من الحاجة الفعلية للمساعدة.
وكانت فرق الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” أعلنت حالة الطوارئ لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في عموم المنطقة، وطالبت السكان بإخلاء المباني السكنية والتوجه للأماكن المفتوحة وإبلاغ فرق الدفاع عن العالقين تحت الأنقاض.
كما طالبت وزارة الدفاع (التابعة للحكومة السورية المؤقتة) جميع الوحدات والتشكيلات العسكرية في الجيش الوطني السوري بتقديم المساعدة لعناصر الدفاع المدني وتقديم الآليات المطلوبة لإنقاذ وإسعاف المصابين والمتضررين من الزلزال.
من جانبه، أكد الناشط الإعلامي أيهم الشيخ أن ما يقرب من 25 بناية سكنية في منطقة بسنيا شمالي إدلب تحولت إلى أنقاض، حيث من المتوقع أن يصل عدد الضحايا إلى ألف شخص خلال الساعات القادمة، بسبب انهيار عشرات الأبنية السكنية على رؤوس سكانها، بحسبه.
وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن فرق الدفاع المدني وفرق الإسعاف تعمل على مدار الساعة، مؤكدا أن حجم الكارثة يتطلب تدخلا دوليا عاجلا وأن وجود عشرات المناطق المنكوبة يحول دون تمكن الدفاع المدني من تقديم المساعدة للجميع.
لجنة استجابة
وفي سياق متصل، أعلنت “حكومة الإنقاذ” تشكيل ما وصفته بـ”لجنة استجابة طارئة”، إذ استنفرت مؤسساتها لمساعدة الأهالي المتضررين من الزلزال الذي تعرضت له المنطقة، كما دعت منظمات العمل الإنساني والإغاثي كافة للاستجابة الطارئة بأقصى درجاتها.
هذا وتسبب الزلزال في حالة هلع كبيرة في عموم المنطقة، حيث خرج آلاف المدنيين إلى الشوارع في عموم المحافظات الجنوبية في تركيا، ومناطق أرياف إدلب وحماة وحلب، في الوقت الذي أُعلنت فيه وفاة العشرات من المدنيين في عدة ولايات تركية في حصيلة أولية، بانتظار الأرقام النهائية لعدد الضحايا.