لن نسمح بهدم منازلنا.. إضراب في جبل المكبر ضد تصعيد الاحتلال بالقدس | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة – “لن نسمح بهدم منزل آخر، اجتماع السواعد يبني الوطن، واجتماع القلوب يخفف المحن”.. بهذه الكلمات صدحت مآذن مساجد بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة داعية إلى الإضراب الشامل، اليوم الثلاثاء، احتجاجا على تصاعد هدم الاحتلال لمنازل الفلسطينيين في القدس.
قادت الإضراب عشائر عرب السواحرة إلى جانب الحراك الشبابي في جبل المكبر، وقد أكدت أنها ستتعامل بحزم وقوة مع كل من يخالف الإضراب، مضيفة في بيان “لن نكون لقمة سائغة للاحتلال وأعوانه وسوف نتصدى بصدورنا العارية لجرافاته وآلياته”.
لم يقتصر الأمر على الإضراب، وإنما تعداه ليغلق الشبان الطرق المؤدية إلى منزل المقدسي إبراهيم بشير -كان من المقرر أن يُهدم اليوم- وقاموا بسكب الزيت في طريق الآليات كما فعلوا في منتصف الشهر الجاري حين حال الزيت دون وصول جرافات الاحتلال إلى مرآب المقدسي أكرم شقيرات في جبل المكبر.
وإلى جانب الزيت وحاويات النفايات المشتعلة، خاض الشبان مواجهات صباحية مع قوات الاحتلال لمنعها من اقتحام البلدة، لتنسحب بعد ذلك ويعلن الاحتلال أنه سيؤجل الهدم نظرا لسوء الأحوال الجوية، وفق التبرير الرسمي.
ميثاق ملزم وتجارب ناجحة
لم تكن تلك المرة الأولى التي يجابه فيها أهالي جبل المكبر الهدم، حيث أصدرت عشائر عرب السواحرة في مارس/آذار عام 2022 ميثاقا ملزما لأبنائها يقضي برفض الهدم الذاتي، وفعلا التزم الأهالي بالميثاق ولم يهدم أحد من أبناء العشائر بيته بنفسه في جبل المكبر، كما خاضوا العام الماضي احتجاجات في محيط بلدية الاحتلال في القدس ضد قرارات هدم بيوتهم.
يثق المقدسيون، وخصوصا أهالي جبل المكبر، بنجاح الإضراب الحالي، بعد أشهر من نجاح إضراب سابق في سبتمبر/أيلول 2022 قادته لجنة أولياء أمور طلبة المدراس في جبل المكبر ضد حرمان بلدية الاحتلال 600 طالب من المواصلات، وتكلل الإضراب بعد 3 أيام باستجابة البلدية لمطالبهم.
ويعيش نحو 23 ألف مقدسي على مساحة 5021 دونما (الدونم= ألف متر مربع) من أراضي بلدة جبل المكبر التي نالت -إلى جانب بلدة سلوان- الحصة الأكبر من قرارات الهدم، كان آخرها منشأة تجارية أمس، ومنزلا للمواطن محمد راتب مطر أول أمس، كما هدمت بلدية الاحتلال منذ بداية العام الجاري نحو 100 منزل في البلدة.
الدفاع عن النفس
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات أن نجاح العصيان المدني الذي خاضه المقدسيون في مخيم شعفاط لفك حصارهم في أكتوبر/تشرين الأول 2022 إبان عملية الشهيد عدي التميمي ألهم المقدسيين الإيمان بفعالية العصيان ضد الاحتلال، متوقعا أن إضراب جبل المكبر سيُبنى عليه لاحقا ويتوسع في بقية أنحاء القدس.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول عبيدات إن تأجيل هدم اليوم جاء بسبب خشية الاحتلال من انفجار الأوضاع على منحى أوسع، في ظل زيارات أميركية متكررة من أجل التهدئة، وتفاقم الاحتقان المقدسي بفعل تصاعد الانتهاكات تزامنا مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تهدف لتسريع الإجهاز على القدس وحسم الصراع بالقوة، وفق تعبيره.
“من حق كل إنسان أن يدافع عن بيته وأرضه، الإضراب حق مشروع”، هذا ما قاله المقدسي نبيل بشير من بلدة جبل المكبر، الذي عاين ترقب ابن عمه إبراهيم هدم منزله اليوم، لكن الإضراب أسهم في تأجيله.
ويقول بشير للجزيرة نت إن المستوى السياسي تخلى عن القدس، وحان الوقت أن يدافع المقدسي عن نفسه.
مكمن قوة الجبل
ويوضح بشير أن طبيعة جبل المكبر السكانية ساعدت في نجاح العديد من الحراكات ضد الاحتلال، حيث ينحدر معظم ساكنيها من عائلات تنتمي إلى عشائر متحدة، تعرف بعشائر عرب السواحرة، وهي 11 عشيرة استقرت في القدس منذ القرن الـ18، في ما يعرف اليوم بمنطقة السواحرة الغربية (جبل المكبر) والسواحرة الشرقية التي فصلها جدار العزل عن القدس.
ينحدر بشير من إحدى هذه العشائر، التي تضم عائلته وعائلات أخرى مثل شقيرات، وجعافرة، وعبيدات، بالإضافة إلى عويسات، حيث تأتمر كل عشيرة بأمر شيخها الذي يتحد مع شيوخ آخرين من النسل نفسه، ويعرفون بمواقفهم الوطنية الثابتة التي تنعكس على أبناء عشيرتهم بفعل عمق الترابط القبلي وقوة الانتماء العشائري.
تغذية الاستيطان
تطل البلدة على المسجد الأقصى من الجنوب، حيث يرتفع الجبل أكثر من 700 فوق سطح البحر. وشرع الاحتلال عام 1967 في البناء تدريجيا فوق أراضي جبل المكبر، فبنى مستوطنات أبرزها “نوف تسيون” و”أرمون هنتسيف”.
كما أقرت بلدية الاحتلال بنهاية العام الماضي مخططا لبناء 100 وحدة سكنية و275 غرفة فندقية في مستوطنة نوف تسيون عند مدخل بلدة جبل المكبر، لتوسيعها وربطها بمستوطنة أرمون هنتسيف، إلى جانب موافقة البلدية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على مخطط بناء مركز لشرطة الاحتلال فوق تلة الترمس في جبل المكبر.