Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

حل اللغز.. كشف سر متانة الخرسانة الرومانية لآلاف السنين | علوم


الخلط الساخن يمكن أن يشبع الخرسانة الحديثة بخصائص الالتئام الذاتي ويقلل من انبعاثات الكربون.

شكلت الخرسانة الرومانية القديمة صمودا على مدار آلاف السنين، لكن الرؤى الميكانيكية لقوة تحملها لا تزال لغزا. وفي دراسة جديدة، استخدم باحثون نهجا جديدا لرسم الخرائط الأولية والكيميائية للتحقيق في الكسور الجيرية المنتشرة في ملاط المباني الرومانية القديمة.

وتوفر هذه التحليلات دليلا على أن الرومان استخدموا “الخلط الساخن” باستخدام الجير الحي بالاقتران مع الجير المطفأ أو بدلا منه لتشكيل الملاط الذي بقي على مدار آلاف السنين.

وأمضى الباحثون عقودا في محاولة اكتشاف سر مادة البناء القديمة التي مكنت الرومان من بناء شبكات شاسعة من الطرق والقنوات المائية والموانئ والمباني الضخمة، التي بقيت آثارها على مدى ألفي عام.

ومن أمثلة هذه الهياكل، لا تزال البانثيون الشهيرة في روما، والتي تضم أكبر قبة خرسانية غير مسلحة في العالم، سليمة، ولا تزال بعض القنوات الرومانية القديمة تنقل المياه إلى روما حتى اليوم.

وقد أشار التحليل الجديد إلى أن الخلط الساخن يمكن أن يشبع الخرسانة الحديثة بخصائص الالتئام الذاتي، ويقلل من انبعاثات الكربون.

الخرسانة الرومانية في بعض المباني التاريخية بإيطاليا تم إنتاجها باستخدام الخلط الساخن (شترستوك)

الخلط الساخن

ووفقا للدراسة -التي نشرت يوم الجمعة 6 يناير/كانون الثاني الجاري في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances)- عثر المؤلفون على أدلة تشير إلى أن الخرسانة الرومانية من جدار مدينة بريفيرنو في إيطاليا تم إنتاجها باستخدام الخلط الساخن، والذي يقول الباحثون إنه أعطى هذه المادة القدرة على التئام الشقوق والمسام ذاتيا عبر كتل تفاعلية من الكالسيت.

وتم إنتاج العديد من هذه الخرسانات عن طريق تسخين وترطيب مادة الكالسيت (مثل الحجر الجيري أو الرخام) لتكوين الجير الحي أو الجير المطفأ، قبل خلطه بالماء ومسحوق “البوزولان” الناعم المشتق في الغالب من الرماد البركاني، لإنشاء تفاعل كيميائي يقوي الملاط (مادة البناء).

ويتضمن الخلط الساخن إضافة الجير الحي الجاف مباشرة إلى البوزولان والماء دون ترطيب أولا، مما يتسبب في تراكم الجير في كتل تعرف باسم تكسير الجير. ومن غير الواضح ما إذا كانت الشقوق الجيرية -الموجودة في كل مكان بالخرسانة الرومانية- تخدم غرضا محددا في متانة المادة. علاوة على ذلك، اقتصر البحث عن الكتل الجيرية بالخرسانة الرومانية في الغالب على الهياكل البحرية التي يتفاعل فيها ماء البحر مع الخرسانة.

وأثناء عملية الخلط الساخن، تقوم الكتل الجيرية بتطوير بنية جسيمات نانوية، مما يكوّن مصدرا للكالسيوم سهل التصدع والتفاعل، والذي يمكن أن يوفر وظيفة التئام ذاتي مهمة. وبمجرد أن تبدأ الشقوق الصغيرة في التكون داخل الخرسانة، يمكن أن تتفاعل هذه المادة بعد ذلك مع الماء، مما ينتج عنه محلول مشبع بالكالسيوم يمكن أن يتبلور ككربونات الكالسيوم ويملأ الشق بسرعة، أو يتفاعل مع المواد البوزولانية لزيادة تقوية المادة المركبة.

وتحدث تلك التفاعلات بشكل عفوي، ومن ثم تلتئم الشقوق تلقائيا قبل أن تنتشر، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert).

Inside the Pantheon, former Roman Temple, now ...
الفحص الدقيق أظهر احتواء العينات القديمة على مواد معدنية بيضاء ساطعة صغيرة ومميزة بصغر حجمها (شترستوك)

لغز الكالسيت

أوضح المؤلف المشرف على الدراسة “أدمير ماسيك” أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” (MIT) أن الفحص الدقيق أظهر احتواء العينات القديمة على مواد معدنية بيضاء ساطعة صغيرة ومميزة بصغر حجمها، تم التعرف عليها منذ فترة طويلة كمكون في كل مكان من الخرسانة الرومانية. وهذه القطع البيضاء، التي يشار إليها غالبا باسم “الكالسيت الجيري” تنشأ من الجير، وهو مكون رئيسي آخر لمزيج الخرسانة القديم.

وأضاف “ماسيك” -في تصريح للجزيرة نت- أن وجود هذه المواد الجيرية كان يرجعه الباحثون في السابق إلى تدني معايير الجودة عند تكوين المزيج أو إلى رداءة المواد الخام، لكن النتائج التي توصلت لها الدراسة تكشف أن هذه الكتل الجيرية الصغيرة أعطت الخرسانة قدرة التئام ذاتي لم يتم التعرف عليها سابقا.

وأشار المؤلف إلى أن هذه المواد الجيرية البيضاء كانت مصنوعة من أشكال مختلفة من كربونات الكالسيوم، وأنها تشكلت في درجات حرارة قصوى، كما هو متوقع من التفاعل الطارد للحرارة الناتج عن استخدام الجير الحي بدلا من الجير المطفأ في الخليط أو بالإضافة إليه.

وقد طور فريق البحث خرسانة حديثة مستوحاة من الطراز الروماني باستخدام تقنية الخلط الساخن، وقارنوا خصائصها الكيميائية والعنصرية بالخرسانة القديمة من بريفيرنو.

وتدعم النتائج التي توصلوا إليها فكرة استخدام الخلط الساخن لإنتاج الخرسانة الرومانية لهيكل قائم على الأرض، وأن الكالسيت يتم إطلاقه إلى الشقوق وإعادة تبلوره بعد التعرض للماء، وملء الفراغات الناتجة عن عملية التجوية (تحلل وتفتت الصخور بفعل العوامل الجوية) بمرور الوقت.

ويقول المؤلفون إن هذه القدرة على الالتئام الذاتي يمكن أن تمهد الطريق لإنتاج خرسانة حديثة أكثر استدامة، ويأمل الفريق أن تساعد هذه الجهود في تقليل التأثير البيئي لإنتاج الإسمنت.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى