تجنيد الكهنة وإعداد المخططات جزء من خطة بن غفير لبناء “الهيكل الثالث” بالأقصى | سياسة
القدس المحتلة- يسابق وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الزمن من أجل فرض سيادة تامة للاحتلال على المسجد الأقصى، وتثبيت مخطط “التقسيم الزماني والمكاني” للمسجد، عبر تشجيع “منظمات الهيكل” المزعوم إلى تكثيف الاقتحامات الجماعية والصعود إلى ما يسمى “جبل الهيكل” في القدس المحتلة.
وتخفي اقتحامات المستوطنين الجماعية للأقصى التي يتقدمها في هذه المرحلة رئيس “عظمة يهودية” الوزير بن غفير، الذي أعدّ خطة منظمة من 3 مراحل للسيطرة على الأقصى، هدفا أبعد مدى لهدم مسجد قبة الصخرة وبناء “الهيكل الثالث” المزعوم مكانه، بحسب تقرير لصحيفة “هآرتس”.
ووفقا للصحيفة، فقد ظل التطلع التوراتي إلى بناء “الهيكل الثالث” محفورا في قلوب اليهود منذ ألفي عام، ولكن حتى الآن لم تكن هناك خطة عملية، سواء لأسباب النهي الديني بعدم الصعود إلى “جبل الهيكل” حتى قدوم المسيح، أو بسبب الواقع السياسي الذي لم يسمح بذلك تحت ذريعة “الوضع القائم”.
في هذه المرحلة، تقول الصحيفة في تقريرها “يشغل اليوم مناصب رئيسة في الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، الوزير بن غفير، وإلى جانبه مجموعة من أعضاء الكنيست من الليكود، و”عظمة يهودية”، وتيار الصهيونية الدينية، والحاخامات المتطرفين، وقد أصبح حلم “الهيكل الثالث” حقيقة”.
قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية إن سياسته قائمة على السماح لليهود بالصلاة في “جبل الهيكل” (المسمى التوراتي للمسجد الأقصى)، وأنه لا وجود لأي قيود على صلاة اليهود في الأقصى، مثلهم مثل المسلمين، وفق قوله. pic.twitter.com/Rl8xLyKC3S
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) August 26, 2024
نقطة تحول
وللمضي قدما في تحقيق هذا الهدف في ظل حكم اليمين المتطرف، تخطط “منظمات الهيكل”، وبضوء أخضر من بن غفير وموافقة صامتة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى تنظيم اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى خلال فترة الأعياد اليهودية التي تبدأ في مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل وتتواصل خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
أما الشخص الذي أحدث نقطة تحول في حركة “إنشاء الهيكل” فهو الناشط اليميني الحاخام يهودا غليك، فحقيقة أنه تم إطلاق النار عليه على يد فلسطيني في عام 2014 عززت مكانته وأوصلته إلى الكنيست الـ20 بصفة ممثل عن حزب الليكود.
لقد أيقن الحاخام غليك، الذي كان يشغل سابقا منصب المدير التنفيذي “لمعهد المعبد”، أن الطريق إلى شرعنة قضية الهيكل في قلوب اليهود العلمانيين لا يكون عبر الحجج الدينية أو حتى الوطنية، بل باستخدام طريقتهم في الطرح، عبر استعمال أساليب التفكير الخاصة بهم، وتبنّي خطاب الحقوق الذي يروّجون له.
ولتذويب فكرة بناء “الهيكل” الثالث في العقلية اليهودية الجماعية، دأب الحاخام غليك على عدم الحديث عن “الهيكل” على الإطلاق، بل اكتفى بادعاء السماح لليهود بالصعود والصلاة على “جبل الهيكل”.
وأمعن غليك في استخدام حجة الحقوق العالمية بأن يصلي اليهود في أي مكان في العالم ولا يسمح لهم بالصلاة في أقدس مكان عندهم (الأقصى)، وفق زعمه، مدعيا أنه لا يدعو للمساس بحقوق المسلمين، بل يريد أن يسمح لليهود أن يفعلوا ما يجوز للمسلمين أن يفعلوه في ساحات الحرم.
تغييرات جوهرية
في العقدين الأخيرين، تزايد عدد المنظمات التي أنشئت لتعزيز هذا الهدف لبناء “الهيكل الثالث”، بل قد جرت محاولات لتوحيدها، كان هذا على سبيل المثال المقر المشترك لحركات المعبد الذي أنشئ في عام 2012.
إن أحد التغييرات الجوهرية كان التحول في الموقف الرسمي للصهيونية الدينية، وهي التي أيدت في الماضي المنع التوراتي لصعود جبل الهيكل -اقتحام الأقصى- لأسباب تتعلق “بالطهارة اليهودية”، إذ إنها تخلّت عن موقفها.
وفي العقد الحالي، حتى الجماعات الأرثوذكسية المتطرفة (اليهود الحريديم) التي كان موقفها أكثر صرامة إزاء الصعود إلى جبل الهيكل، بدأت تدعمه، وهكذا تصادف أن الواقع في ساحات الحرم تحول من اقتحامات قليلة لليهود إلى اقتحامات جماعية.
وبلغت الاقتحامات ذروتها خلال عام 2023، إذ اقتحم 50 ألف مستوطن الأقصى، بدعم بن غفير وتشجيعه وحراسة شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
المخطط التفصيلي
اقتحام الأقصى شيء، والاستعدادات لبناء “الهيكل الثالث” وتشغيله شيء آخر. وعلى مر السنين، تم بالفعل تدريب الحاخامات والكهنة الذين من المفترض أن يتسلموا هذا المنصب، فقد دُرّبوا على حرفتهم، وخيطت ملابسهم وصنعت آلاتهم الموسيقية وأدوات عملهم.
وبحسب الصحيفة، بني بالفعل المذبح المحفوظ في مكان سري، كما أنشئت المدرسة التوراتية (المدراش)، حيث يتعلمون قوانين جبل الهيكل، وتحدث المهندس المعماري يورام جينزبرغ -في مقابلة- عن المخطط التفصيلي الذي يقوم بإعداده للمعبد الجديد.
وذكر أنه سيبنى نظام تدفئة وموقف سيارات تحت الأرض في المعبد، حيث يعرض على الزائرين هناك نموذج ومجسم كبير، يظهر المعبد كما هو موصوف في “نبوءة حزقيال”، وفي متجر المعهد يمكنك شراء نموذج “ليغو” للهيكل الثالث، وفي قسم المطلوبين بالمعهد يتم تجنيد كهنة مؤهلين للذبح من سن 14 سنة فما فوق.
وأوضح المهندس المعماري أنه حتى الصعوبة الرئيسية حتى الآن، وهي حرق بقرة حمراء لتطهير “بني إسرائيل” من رمادها والسماح لهم بصعود جبل الهيكل، أصبحت على وشك الانتهاء. وبعد محاولات عديدة مثمرة لاستنساخ مثل هذه البقرة، في إسرائيل والولايات المتحدة، هناك في مكان سري في مرتفعات الجولان، يتم حاليا تربية قطيع يضم العديد من هذه الأبقار.
ويتوقع أن يعلن معهد المعبد عن أول بقرة حمراء لتكون الأولى منذ أيام “الهيكل الثاني”، والخطوة التالية تتضمن ذبحها وحرقها وخلط رمادها بالماء، وبعد ألفي عام سيتمكن اليهود المؤمنون من تطهير أنفسهم من نجاسة الموتى والصعود بحرية إلى جميع أنحاء “جبل الهيكل”.
شرعية متزايدة
اكتسب دعم حركة المعبد شرعية متزايدة في العقدين الماضيين. فقد انتخب الدكتور ميخائيل بن آري، عضو حركة “كاخ” والناشط في منظمات الهيكل، عضوًا في الكنيست الـ18 عن “الاتحاد الوطني” عام 2009، وبعده انضم موشيه فيغلين إلى الكنيست.
وأسست الوزيرة عن حزب الليكود ميري ريغيف ما يسمى “مديرية جبل الهيكل”، وهي هيئة يهودية توازي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وبرأيها “ستحدث تغييرا في الخطاب العام في ما يتعلق بعلاقة اليهود بجبل الهيكل”.
وفي القاعة الضخمة لمباني الأمة بالقدس، أقيمت خلال عام 2023 بالفعل تجمعات ومهرجانات بمشاركة آلاف من طالبي بناء الهيكل وأنصار حركة المعبد، شارك فيها كبار السياسيين الإسرائيليين، بينهم وزراء وأعضاء كنيست.
وتتدفق ملايين الشياكل والدولارات على حركة المعبد من إسرائيل والخارج، وجزء منها عن طريق المنظمات المسيحية الأصولية، كما تدعم الحركة العديد من المنظمات العامة والوزارات الحكومية الإسرائيلية، بعضها بشكل مباشر، وبعضها سرا.
وفي العديد من المنظمات التي تعمل لمصلحة “جبل الهيكل”، هناك مجموعة متنوعة من الآراء. أما الجهة التي يرأسها البروفيسور هليل فايس فتدعو إلى هدم مسجد قبة الصخرة الآن وبناء الهيكل مكانه.
عضو الكنيست الإسرائيلي السابق موشيه فيجلين يعلن قرب بناء الهيكل أثناء اقتحامه للمسجد الأقصى pic.twitter.com/M57kFDfehV
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) August 27, 2024
نظرية المراحل
وفي وقت مبكر من عام 2004، تمكن فايس من إنشاء “السنهدرين الجديد”، وهو مجلس الحاخامات الذي من المفترض أن يحل محل الكنيست، و”هدفه أن يصبح مصدر السلطة والتشريع للشعب اليهودي هو التوراة”، وتغيير الديمقراطية الإسرائيلية والانتقال من “ممالك الأنواع” إلى “مملكة الكهنة”.
لكن ما هو مشترك بين أغلب الحركات الموالية لبناء “الهيكل الثالث”، ولكنه مخفي عن عامة الناس، هو نظرية المراحل. فالمهمة اليوم هي جلب أكبر عدد ممكن من اليهود إلى الأقصى، ثم السماح لهم في ما بعد بالصلاة وإقامة الشعائر التلمودية والتوراتية وفرض السيادة والحكم بساحات الحرم.
وبعد السماح لليهود بالصلاة في الأقصى، سيكون هناك مطلب صريح ببناء كنيس بجوار المسجد، وفي المرحلة النهائية سيهدم مسجد قبة الصخرة ويبنى المعبد مكانه، علما أن شبكة الإنترنت مملوءة بعمليات المحاكاة والمقترحات التفصيلية التي أعدّها المهندسون المعماريون “للهيكل الثالث” الجديد الذي سيخصص “للأمة المختارة فقط”.