وول ستريت: جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي محبطون ومنهكون | أخبار
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا استعرض ينقل جانبا آخر من المعاناة التي يغرق فيها عدد كبير من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ نحو 10 أشهر.
واستهلت الصحيفة تقريرها بمقابلة مع أحد جنود الاحتياط هو آدي حزان (41 عاما)، الذي قال إنه بعد يوم من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين أول، قاد سيارته إلى نقطة تجمع في جنوب إسرائيل وبدأ ما اعتقد أنه سيكون شهرا أو شهرين من الخدمة العسكرية الاحتياطية الطارئة، ولكنه وبعد ما يقارب العشرة أشهر، انقلبت حياته رأسا على عقب، وتحولت إلى حالة من الفوضى؛ فقد غرق في الديون، وتوشك أعماله في البناء أن تنهار، وباتت أسرته تعتمد على التبرعات من الأصدقاء والجمعيات الخيرية، وهو إلى جانب كل ذلك، لا يرى بصيص أمل، ولا ضوءا قريبا في نهاية النفق.
عمل حزان 100 يوم في قطاع غزة ضمن وحدة مسؤولة عن إجلاء الضحايا هناك، ثم زج به إلى الضفة الغربية ضمن قوات أرسلتها إسرائيل إلى هناك في محاولة منها للسيطرة على التوترات التي تتفاقم مع تصاعد العدوان على غزة.
يبث جندي الاحتياط شكواه للصحيفة قائلا “لا أعلم ماذا سيحدث.. ولم يكن أحد يعلم أن هذا الوضع سيستمر لفترة طويلة”.
ويشعر أنه بات محاصرا أكثر بسبب ظروف الحرب، فقد توقع في البداية توقف أعمال البناء الخاصة به شرق تل أبيب لفترة قصيرة عندما تم استدعاؤه للخدمة في غزة، ومع تمدد واجباته ومهامه، لم يتمكن من إعادة إحياء عمله الذي كان يعتمد على فريق من 13 فلسطينيا من الضفة الغربية، مُنِعوا جميعهم من دخول إسرائيل بعد اندلاع الحرب.
وقد يؤدي إنهاء خدمته العسكرية إلى تبعات أخرى، ويجلب له صداعا آخر، ويجبره على مواجهة الأصعب وهو التعامل مع الدائنين، الذين يقول إنه مدين لهم بمبلغ 250 ألف دولار، بينما يتمتع الآن بالحماية الممنوحة للأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية، وإزاء ذلك، يشعر حزان أن كل شيء ينهار.
رفض الخدمة
ومن جهته، قال جندي احتياط آخر هو أساف مور (45 عاما)، إنه اندفع للعمل عندما تم استدعاؤه للخدمة الاحتياطية في 7 أكتوبر/تشرين أول. وبينما كان يقاتل لمدة 100 يوم في غزة، كانت أعماله في مجال الطب تنزف ماديا، وكانت على وشك الانهيار.
ويشير إلى أنه وخلال خدمته في غزة كان يدير في المساء قوافل لوجستية إلى غزة مع وحدته، وفي الصباح كان يفتح حاسوبه المحمول في قاعدته ويحاول العمل على خيارات تمويل مع محاسبه للحفاظ على عيادته قائمة، وكانت الموازنة بين الأمرين مرهقة بالنسبة له حسب قوله.
وعندما استدعت الجيش أساف مور مرة أخرى في أبريل/نيسان الماضي، رفض، وبينما كان قلقًا من أن رفضه الحضور يمثل خذلانا لوحدته العسكرية؛ إلا أنه شعر أن لا خيار لديه خيار سوى البقاء في المنزل والقتال من أجل بقاء أسرته ماليا.
وقال تعليقا على ذلك، قال مور “إنه أمر لا يطاق، واحدة من أصعب الأزمات التي مررت بها في حياتي”.
حالة مور، ليست وحيدة فقد تصاعد رفض جنود الاحتياط الالتحاق بالخدمة العسكرية، لاعتبارات عدة، وتشير الصحيفة إلى وعلى الرغم من أن ذلك قد يجر عليهم عقوبات بما فيها السجن؛ فإن إسرائيل لم تلاحقهم قضائيا، لأن الضباط القياديين على دراية بالضغط الذي يتعرض له جنود الاحتياط، وعادة لا يضغطون عليهم في هذا الأمر.
وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على جنود الاحتياط للحفاظ على قوة جيشها في أوقات الأزمات.
ولكن الآن، ومع اقتراب الحرب في غزة من شهرها الـ11، وتصاعد ما تصفه الصحيفة بالمواجهات مع مليشيات إقليمية مثل حزب الله، فإن العديد من هؤلاء المقاتلين على وشك الوصول إلى نقطة الانهيار؛ إنهم منهكون وفي بعض الحالات محبطون، يكافحون لتحقيق التوازن بين الأسرة والعمل والخدمة العسكرية، بينما تزداد الأعباء الاقتصادية الناجمة عن غيابهم جراء استمرار الحرب.
وتشير إلى أن الضغط على القوى العاملة العسكرية هو أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الإسرائيليين مترددين في شن حرب شاملة ضد حزب الله، وهي الحرب التي ستتطلب نفس المجموعة من جنود الاحتياط المنهكين للقتال ضد قوة عسكرية متفوقة بكثير على حماس، كما تكشف تلك الحالة -وفقا للصحيفة- عن نقاط ضعف أطول أمدا لإسرائيل وهي تواجه احتمال نشوب صراعات على حدودها مع مليشيات يصعب قهرها والتغلب عليها لسنوات قادمة.
إسرائيل لم تستعد للحرب
ويبدو أن حالة الإحباط من إطالة أمد الحرب لا تتملك جنود الاحتياط وحدهم، فقد قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور للصحفة إن “إسرائيل لم تُعدّ نفسها لحرب طويلة؛ كنا نفكر في ضربة كبيرة من سلاح الجو ثم مناورة سريعة من القوات البرية”.
وأضاف أنه “كلما طال الوقت، زادت إشكالية الحفاظ على الدعم والجاهزية للقوات المقاتلة”.
وتشير الصحيفة إلى أن إسرائيل نجحت تاريخيا في خوض حروب قصيرة، حيث يمكنها الاعتماد على جنود الاحتياط ومزاياها التكنولوجية الهائلة، مع قوة نيران مثل سرب مقاتلاتها من طراز F-35 التي تم شراؤها من الولايات المتحدة.
ومع أن إسرائيل هزمت إسرائيل أربعة جيوش عربية في غضون ستة أيام في عام 1967، وبعد ست سنوات فقط، احتاجت أقل من ثلاثة أسابيع لصد هجوم من مصر وسوريا، ولكن هذه المرة كانت مختلفة، حيث تسيطر ما تصفها الصحيفة بالمليشيات المسلحة، الممولة والمدربة من إيران، على مساحات شاسعة من الأراضي المجاورة لإسرائيل، كما أن حماس وحزب الله يمتلكان صواريخ قوية، وعشرات الآلاف من المقاتلين المدربين وبنية تحتية مهمة، بما في ذلك شبكات الأنفاق، في حين تشكل المليشيات المدعومة من إيران في اليمن والعراق وسوريا تهديدات أيضاً.