كيف تتعامل إيران مع اغتيال هنية على أراضيها؟ الخبراء يجيبون | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
طهران- صبيحة اليوم الأول من رئاسة مسعود بزشكيان، وبعد مرور نحو 10 ساعات فقط على احتضانه رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية تحت قبة البرلمان، سادت صدمة كبيرة الجمهورية عقب الإعلان عن اغتيال الضيف الفلسطيني.
وأعلن الحرس الثوري، فجر اليوم الأربعاء “استشهاد هنية وأحد حراسه الشخصيين إثر استهداف مقر إقامتهم في طهران” مؤكدا -فی بیان- أنه سيعلن نتائج التحقيق لاحقا بعد دراسة أبعاد الحادث، لكنه تجنب التطرق إلى كيفية وصول “يد الغدر” إليه، رغم تأكيد حماس أن هنية قضى “إثر غارة صهيونية غادرة”.
وبينما سارعت أعلى الجهات الأمنية في إيران إلى عقد اجتماع طارئ بحضور هرم السلطة وكبار القيادات الأمنية والعسكرية، بدأ الإعلام الفارسي بتقطير المعلومات عن عملية الاغتيال التي تمت قبيل الثانية فجرا بصاروخ أُطلق من خارج البلاد واستهدف مقرا خاصا لقدامى المحاربين شمالي العاصمة.
عملية معقدة
ورغم ذلك، فإن طيفا من المراقبين في طهران يشككون في رواية اغتيال هنية بواسطة صاروخ، لاسيما وأن هيئة البث الإسرائيلية كانت قد عزفت على هذا الوتر بالقول إن “هنية استُهدف بصاروخ أُطلق من دولة خارج إيران وليس من أجوائها”.
ويرجح الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا أن تكون ما سماها الخلايا الصهيونية النائمة في إيران قد نفذت العملية بواسطة الطائرات المُسيّرة الصغيرة والتي سبق واستخدمتها في أماكن أخرى، موضحا أن عدم تفعيل أي من الرادارات الإيرانية يدحض فرضية إطلاق صاروخ من الخارج.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الباحث السياسي أن المقر الذي كان قد نزل به هنية الليلة الماضية محصن بالكامل لكنه قابل للاختراق في حال تم إطلاق مُسيّرات صغيرة من مكان قريب، تجعل من كشفها مهمة عصية علی المضادات الجوية.
وبرأي الباحث الإيراني، لا يمكن النظر إلى اغتيال هنية بمعزل عن استهداف القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الغارة التي شنها الاحتلال، مساء أمس، على ضاحية بيروت الجنوبية.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد حصل على ضوء أخضر من الولايات المتحدة للقيام (بمثل هذه) العمليات تمهيدا لقبوله بالهدنة وتسجيل إنجاز في عدوانه على غزة.
ولم يكن ورود الأنباء عن الاغتيالات الغادرة جديدا على المجتمع الإيراني، بيد أن وطأة الحدث الأمني -الذي طال ضيفا حليفا كان قد قصد الجمهورية الإسلامية بدعوة رسمية للمشاركة في مراسم أداء اليمين الدستورية لرئيسها- نزلت جسيمة وكشفت عن خرق أمني غير معهود على البلاد.
اغتيالات متزامنة
خرقٌ لم يأت اعتباطا البتة، وفق أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي يد الله كريمي بور، إنما خطط له نتنياهو لاستدراج إيران إلى حرب مباشرة يدفع عبرها الولايات المتحدة للوقوف إلى جانبه، مضيفا أن الحادث قد يرمي إلى إفشال حكومة بزشكيان في يومها الأول.
وعلى قناته بمنصة تليغرام، حث كريمي بور مسؤولي بلاده على توخي اليقظة والحذر وعدم الوقوع في الفخ الذي نصبته لهم إسرائيل، مؤكدا أن الاحتلال يسعى -من خلال هذه العملية- إلى رفع معنويات جيشه وأن إطلاق حرب إقليمية ستعني اللعب وفق أهدافه الإستراتيجية.
ونصح الأكاديمي الإيراني قيادات بلاده بالتصرف بدم بارد خلال اليوم الأول من رئاسة بزشكيان والقيام بخطوة متقابلة تدفع إسرائيل إلى ورطة داخلية دون الحاجة إلى تبني المسؤولية، وحض طهران على الاعتبار من هذا الحادث لمعالجة التحديات وترميم الخروقات الإستراتيجية.
من ناحيته، يعتقد الخبير السياسي صلاح الدين خديو أن التزامن في اغتيال هنية واستهداف شكر واختراق التحصينات الأمنية في بيروت وطهران بفارق 6 ساعات فقط، قد يؤدي إلى تطورات مصيرية في المنطقة. وباعتقاده، فإن الأجهزة التجسسية في إسرائيل حققت “إنجازا أمنيا” خلال سويعات عجزت عن تحقيق مثله في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى الآن.
واعتبر الحادثين بمنزلة رسم إسرائيل خطوطا حمراء جديدة لإيران وحزب الله وحماس للتغطية على إخفاقاتها المتتالية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم عملية “الوعد الصادق” الإيرانية قبل أشهر وأخيرا الحادث في مجدل شمس بالجولان السوري المحتل.
تهديد مبطن
ورأى الخبير السياسي، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل قد تهدف إلى توجيه رسالة غير مباشرة إلى حزب الله لردعه من شن حرب شاملة، وتحذره من أنها تمتلك الإرادة السياسية والقوة الأمنية والعسكرية لاستهداف أمينه العام حسن نصر الله في حال أقدم على مهاجمتها.
واعتبر أن اغتيال هنية في طهران، قبل مغادرة الضيوف الأجانب المشاركين في مراسم أداء الرئيس اليمين الدستورية، عملية استفزازية ترمي “لتحقير” طهران ووضع حد للآمال المعلقة على السياسة الخارجية لحكومة بزشكيان خلال السنوات المقبلة.
وذهب خديو إلى أن احتمالات تنفيذ عملية اغتيال هنية في طهران بدون تنسيق مع واشنطن تساوي الصفر.
وخلص إلى أن الهدنة في غزة ومبادلة الأسرى ستعني نهاية حياة نتنياهو السياسية، لذلك يسعى لشراء الوقت عبر مثل هذه الاغتيالات حتى رئاسيات أميركا 2024 بانتظار فوز المرشح الجمهوري فيها دونالد ترامب لحسم حربه ضد حماس.