ماذا وراء حملة الداخلية الكويتية على مخالفي قانون الإقامة؟ | سياسة
الكويت- بمشاركة جميع القطاعات الأمنية الميدانية المعنية، أطلقت وزارة الداخلية الكويتية، الاثنين الماضي، حملة ميدانية واسعة لضبط مخالفي قانون الإقامة وإبعادهم عن البلاد، بعد مهلة منحتها لهم انتهت الأحد الماضي.
وأسفر أول أيام الحملة -حسب وسائل إعلام محلية- عن ضبط 713 مخالفا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم وتحويلهم إلى جهات الاختصاص إلى حين الانتهاء من الإجراءات وإبعادهم عن الكويت، بالتنسيق مع سفارات بلادهم، من دون السماح بعودتهم مرة أخرى.
وكانت الوزارة قد منحت، يوم 14 مارس/آذار الماضي، مخالفي قانون الإقامة ولائحته التنفيذية مهلة لتعديل أوضاعهم في الفترة ما بين 17 مارس/آذار و17 يونيو/حزيران الماضيين وفق الضوابط والإجراءات.
ثم أعلنت يوم 13 يونيو/حزيران المنقضي تمديد المهلة إلى يوم 30 من الشهر نفسه، بسبب تزامنها مع عطلة عيد الأضحى الرسمية، والإقبال الكبير من قبل المقيمين المخالفين الراغبين في مغادرة البلاد أو تعديل أوضاعهم.
أهداف
تهدف الحملة الأمنية إلى ضبط الوضع الأمني في البلاد، وتعديل التركيبة السكانية، وأوضح الخبير الأمني اللواء متقاعد حمد السريع أنها بدأت بإقامة نقاط تفتيش في جميع مناطق الكويت مع مداهمة بعض الأماكن المعروفة بالكثافة العددية لسكن العزاب والمخالفين. وقال إنه من المتوقع استمرار الحملة حتى يتم ضبط غالبية المخالفين مع إلزام كفلائهم أو من يؤويهم بدفع تذاكر مغادرة البلاد.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف السريع أن الحملة بدأت في هذا التوقيت بالذات لعدة أسباب، أهمها انتهاء العام الدراسي، وسفر عديد من المواطنين لقضاء إجازاتهم الصيفية، مما يسهل عمل رجال الأمن، لأن الطرقات والشوارع الرئيسية الفرعية تكون أقل ازدحاما فلا تسبب نقاط التفتيش أي اختناقات مرورية.
وأشار إلى عدم وجود إحصاءات رسمية بأعداد المخالفين المقيمين بصورة غير قانونية داخل الكويت، لكن المعلومات المتداولة تتحدث عن أن العدد يقارب 130 ألفا.
وأوضح أن الوزارة -بناء على تعليمات من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد يوسف سعود الصباح- أعلنت السماح للمخالفين بمغادرة الكويت مع إمكانية عودتهم إلى البلاد بتأشيرة عمل جديدة لو تم فتح باب التقديم مجددا.
ووفق اللواء متقاعد السريع، فإن أعدادا كبيرة من المخالفين غادروا البلاد بشكل طوعي، خصوصا بعد تمديد مهلة المغادرة حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، لكن ليس كما كان متوقعا، ولهذا بدأت وزارة الداخلية -عبر أجهزتها المختصة- بشن حملتها الواسعة بدءا من أول أيام يوليو/تموز الجاري.
وتجاوزت الحصيلة الأولية خلال اليومين الأوليين 1500 مخالف، من بينهم أشخاص صدرت بحقهم أوامر بالإبعاد بعد دخولهم البلاد متسللين عبر الحدود، حسب المصدر نفسه.
تأثيرات
وتسعى حملة وزارة الداخلية -بالدرجة الأولى- إلى تطبيق القانون، وترحيل مخالفي الإقامة، وقد يترك ذلك آثاره على بعض القطاعات، خصوصا قطاع البناء.
ويرى الخبير العقاري سليمان الدليجان أن الجزء الأكبر من هؤلاء المخالفين من الطبقة العاملة، وقطاع البناء هو أول ما سيتأثر بذلك مع وجود حركة بناء كبيرة في السنوات الأخيرة، خصوصا في مدينة المطلاع السكنية، وقسم من هؤلاء العاملين يعملون في أماكن مخالفة لمكان إقامتهم أو ممن انتهت إقاماتهم.
وأضاف أنه في أثناء الإجراءات التي تم تطبيقها خلال فترة تفشي فيروس كورونا، كان هناك ترحيل كبير للعمالة الوافدة من المخالفين بعد حملة مشابهة قادتها الوزارة تضمنت إعفاء المخالفين من دفع الغرامات ومغادرتهم إلى بلادهم.
وحينها -يتابع الدليجان- تضرر قطاع البناء وارتفعت أجور عمالته بعد عودة الحياة إلى طبيعتها نهاية عام 2021، قبل أن يتم فتح المجال لاستقدام عمالة جديدة. وقال للجزيرة نت إنه مع إطلاق هذه الحملة الأمنية، يتوقعون أن ترتفع أجور الأيدي العاملة، والحل -باعتقاده- أن تكون هناك قوانين تصاحب تطبيق الحملة وتسمح بفتح باب استقدام العمالة.
وأشار الدليجان إلى أن ارتفاع أجور الأيدي العاملة سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف البناء على المواطنين سواء في حالة البناء الجديد أو الترميم، وهذا سينعكس على الخدمات التي سيقدمها المستثمرون للمواطنين والمقيمين في البلاد، في الأبنية الاستثمارية أو التجارية.
وسيكون هناك تأثير سلبي على الأسعار، “لكن ننتظر الفترة المقبلة حتى نرى الآليات التي سيتم تطبيقها بخصوص استقدام عمالة جديدة إلى البلاد”، كما يقول.
خطوة إستراتيجية
أما الناشطة السياسية والاجتماعية هدى الكريباني، فترى أن حملة وزارة الداخلية ليست مجرد إجراء أمني، بل هي خطوة إستراتيجية نحو تعديل التركيبة السكانية في البلاد من خلال تنظيم أوضاع المخالفين. وهذا -برأيها- سيكون مفيدا في تخفيف الأعباء على البنية التحتية والخدمات العامة، كما يحقق توازنا أفضل في توزيع السكان.
وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت الكريباني أن هذا التوازن يعزز من استقرار المجتمع ويسهم في تحسين جودة الحياة للجميع، مما سيؤدي إلى تحسين الأوضاع السكانية والاقتصادية. وباعتقادها، فإن إبعاد المخالفين أو حتى تقليل أعدادهم، سينعكس على مستوى الأمان والاستقرار، وهذا بدوره يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.
كما أن ترحيل المخالفين بالتنسيق مع سفارات بلادهم وتحمل كفلائهم تكاليف سفرهم يعكس “جديّة الوزارة في تنفيذ القوانين بشكل عادل ومنصف”.
وأشارت الكريباني إلى أن هذا النهج الشامل في التعامل مع المخالفين سيضمن عدم تكرار هذه المخالفات في المستقبل ويعزز من الالتزام بالقوانين والأنظمة. وأكدت أن الحملة تتسم بجدية كبيرة لفرض هيبة القانون، وإبعاد المخالفين، وتركت ارتياحا كبيرا لدى المواطنين والمقيمين على حد سواء، وما تحقق حتى الآن هو دليل على الالتزام والعمل الجاد.
يُذكر أن الحملة التي تقودها وزارة الداخلية الكويتية تأتي بعد أن منحت مخالفي قانون الإقامة، الذين لا يستطيعون دفع الغرامة أو تعديل أوضاعهم، فرصة لمغادرة البلاد من أي منفذ دون دفع أي غرامات مع السماح لهم بالعودة مرة أخرى بإجراءات جديدة. كما سمحت للمخالفين بتعديل أوضاعهم بعد دفع الغرامة، حسب الضوابط والإجراءات المنظمة.
وسبق للوزارة أن منحت مخالفي قانون الإقامة في أبريل/نيسان 2020 فرصة لمغادرة البلاد من دون دفع أي غرامات مالية مترتبة عليهم أو تحمل تكاليف السفر وتذاكر الطيران، بالإضافة إلى إمكانية عودتهم للبلاد مرة أخرى.