بايدن وترامب.. مسار يضيق وآخر يتسع نحو البيت الأبيض | سياسة
واشنطن- منح أداء الرئيس الأميركي جو بايدن “السيئ” في المناظرة الرئاسية، الأسبوع الماضي، دفعة كبيرة لمنافسه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وجاء قرار المحكمة العليا أول أمس الاثنين -بشأن الحصانة الرئاسية للأعمال الرسمية- ليضخ مزيدا من الحيوية والحماس على حملة ترامب.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت تقديرات معلقين باقتراب ترامب من تأمين انتصار جديد بانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل خاصة بعدما تركت المناظرة الحزب الديمقراطي في حالة صدمة لم يستفق منها بعد، وسط تزايد الدعوات إلى ضرورة استبدال بايدن بمرشح أصغر سنا وأكثر حيوية.
كما ضمن قرار المحكمة لترامب تجنب مواجهة أي إجراءات جنائية فدرالية قبل الانتخابات المقبلة، كان من شأنها التشويش على أنشطته الانتخابية.
ضربة ثالثة
ووجه أول استطلاع رئيسي بعد المناظرة ضربة جديدة للرئيس الحالي، حيث أظهر أنه متأخر بـ6 نقاط. وكان استطلاع شبكة “سي إن إن” هو الأول الذي يتم إجراؤه في أعقاب الأداء المتعثر لبايدن في مناظرة الخميس الماضي، وهو ما يزيد الضغط عليه. وحصل ترامب على أصوات 49% من الناخبين مقابل 43% للرئيس.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، كان السباق متقاربا، وإن تقدم ترامب بنقطة إلى 3 على المستوى الوطني. ويبدو أن نتائج الاستطلاع تؤكد أسوأ مخاوف الديمقراطيين، وهو تراجع ثقة الناخبين في الرئيس بايدن.
وقال 75% من الناخبين -الذين شملهم الاستطلاع- إن الديمقراطيين سيحصلون على فرصة أفضل إذا كان شخص آخر غير بايدن هو المرشح، وهو رقم شديد الإزعاج لحملته. ووصلت نسبة الرضا على أدائه إلى أدنى مستوياتها، حيث بلغت 36% بسبب التأثير السلبي للمناظرة.
وتحدثت مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند كانديس توريتو -للجزيرة نت- عن رؤيتها لتأثير المناظرة الرئاسية وقرار المحكمة العليا على سباق الانتخابات، وأكدت أن ترامب “يمر بأسبوع أكثر من ممتاز”.
وطبق رؤية الكاتب والمحلل السياسي والعضو بالحزب الجمهوري بيتر روف، فإنه رغم أن الانتخابات الأميركية على بعد 4 أشهر، وهي فترة طويلة جدا بالمعايير الانتخابية، إلا أنه من المؤكد أن فرص ترامب تحسنت بشدة منذ المناظرة، لكن هذا لا يعني أن النتيجة مؤكدة.
مسارات مفتوحة
في حين اعتبر المدير السابق للحزب الجمهوري بولاية ميشيغان ساوول أزنوزيس أنه مع تحول كل نتائج استطلاعات الرأي بالولايات الرئيسية لصالح ترامب، وإذا استمر ذلك، يجب على الجمهوريين الظفر كذلك بمجلس الشيوخ والاحتفاظ بأغلبية مجلس النواب.
وفي هذه الحالة، يضيف أزنوزيس للجزيرة نت “سنشهد فترة شهر عسل سياسي حيث سيتمكن ترامب من تنفيذ العديد من سياساته ووعوده”.
وتتحمس حملة ترامب حاليا لتوسع نطاق تركيزها على ولايات كان مضمونا فوز الديمقراطيين بها قبل أسابيع قليلة.
وفي هذا السياق، قال روف للجزيرة نت إنه يجب أن تكون حملة بايدن أكثر قوة ونشاطا وتكلفة مما كان مخططا له لأن إستراتيجيتها -المتمثلة بالفوز عبر حرمان ترامب من ذلك في الولايات المتأرجحة الرئيسية- قد انقلبت توقعاتها رأسا على عقب.
وباعتقاده، فإنه ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي، أصبح السباق الآن تنافسيا بالولايات التي كان من المتوقع أن يفوز بها بايدن بسهولة بما في ذلك نيوهامبشير ونيومكسيكو وفرجينيا ومينيسوتا. وهذا يعني -برأيه- أن ترامب لديه المزيد من المسارات المفتوحة للفوز أكثر مما كان عليه بداية يونيو/حزيران الجاري، بينما ضاقت المسارات أمام بايدن.
في الوقت ذاته، قد تسمح فترة 4 أشهر المتبقية بمساحة كبيرة لوقوع أي مفاجأة أو أحداث هامة من شأنها التأثير بالانتخابات المقبلة. ورغم تراجع بايدن، يبقى القول إن ترامب -بما يمثله- يمكنه تحفيز الديمقراطيين واستفزازهم بما يدفعهم إلى الخروج والتصويت ضده غير مكترثين بحالة الرئيس.
تذبذب تقليدي
ورغم أن أغلب التقديرات تشير حاليا إلى أن خسارة بايدن شبه مؤكدة، إلا أنه وبالنظر إلى مدى استقطاب السياسة الأميركية، فإن ما قد يحصل عليه أي مرشح ديمقراطي بالسباق الانتخابي الرئاسي قد يصل إلى 45%، والشيء نفسه ينطبق على الجمهوريين.
واعتبرت توريتو أن التذبذب صعودا وهبوطا في مراحل الحملة الانتخابية شيء تقليدي، وقالت إنه وعلى بُعد 4 أشهر من موعد التصويت، من المؤكد أن ترامب سيواجه بعض الأيام أو الأسابيع السيئة الفترات القادمة، والمهم هو توقيت الأسابيع الجيدة مقابل السيئة.
وبرأيها، فإن أسبوعا مثل ما يمر به بايدن حاليا سيكون أسوأ بكثير بالنسبة له إذا حدث في أكتوبر/تشرين الأول القادم. لكن إذا استمر ترامب في تحقيق انتصارات متتالية، فسوف تتراكم وتمنحه ميزة أكبر عند عدد متزايد من الناخبين.
وأكدت توريتو أنه -وبلا شك- كان أداء بايدن في المناظرة “كارثيا”. وأضافت “ومع ذلك، لنتذكر أن المناظرة الأولى للرئيس السابق باراك أوباما ضد منافسه الجمهوري مت رومني عام 2012 أظهرته ضعيفا للغاية على نحو مماثل لبايدن. وعاد أوباما ليحقق النصر بانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني”.
باختصار -تقول توريتو- لا يزال كل شيء ممكنا حتى الآن، ولكن لا شك أن حملة بايدن يسيطر عليها الكثير من القلق والتوتر مقارنة بحملة ترامب.
من جهته أشار أزنوزيس إلى أن مشاكل بايدن المعرفية والذهنية تزداد سوءا، ورأى أن استمرار ترشحه سيمكّن ترامب والجمهوريين من تسليط الضوء على هذه القضية بشكل أكبر خلال الأشهر القادمة.