محللون: خطاب غانتس مناورة سياسية لكسب الناخبين | البرامج
اتفق محللون سياسيون على أن الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أثار في خطابه الذي ألقاه يوم السبت عدة نقاط قصد من خلالها مخاطبة جمهور الناخبين الإسرائيليين، واعتبروا خطابه مناورة سياسية تحسبا لما يمكن أن يحدث سياسيا أو ميدانيا خلال الشهر المقبل.
فبحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أشرف بدر، فإن غانتس سعى لمخاطبة جمهور الناخبين الإسرائيليين بقوله لهم “أنا يميني ولكنني مختلف عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورغم أنني أتبنى الأهداف نفسها، فإنني لست رهينا للأقلية التي يقصد بها أحزاب الصهيونية الدينية”، التي وصفها بـ”الجبن”.
واتفق مدير مكتب القدس للدراسات عريب الرنتاوي مع الخبير بدر على أن مهلة الثلاثة أسابيع التي منحها غانتس لنتياهو طويلة نسبيا، مرجحا أنه ربما يراهن على حدوث تطورات سياسية أو ميدانية خلال هذه الفترة، ليحافظ بذلك على شعرة معاوية مع هذا الائتلاف ومع الحكومة المقبلة وترك خياراته مفتوحة للمرحلة القادمة، واصفا خطابه بالانتخابي الموجه للناخب الإسرائيلي.
بينما يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة حديث غانتس عن الوثيقة التي قدمت برعاية أميركية مصرية قطرية بأنها مقبولة ويمكن تطويرها، وهو ما يمكن تفسيره بأنه تحميل لمسؤولية إفشال المفاوضات لنتنياهو، أشار الحيلة إلى أن الوثيقة تتحدث بشكل واضح عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة بمصطلح “هدوء مستدام” لا يؤدي إلى أعمال عسكرية.
ورأى أحمد الحيلة أن من أبرز مفارقات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي هو أثرها الكبير والحيوي على الانتخابات الأميركية، خاصة وأن مستوى المعارك الجغرافي أصبح ذا تداعيات بعيدة في المنطقة حيث شملت الحرب حزب الله في لبنان، وأنصار الله (الحوثيين) في اليمن، والقصف الإيراني، والتصعيد العسكري في البحر الأحمر.
من ناحيته، يرى بدر الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن اختيار غانتس هذا التوقيت لعقد المؤتمر الصحفي مرتبط بزيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لإسرائيل، والتي يتوقع أن يطرح خلالها -بحسب صحف إسرائيلية- مقترحا أميركيا بخطة متكاملة للتطبيع مع السعودية وبعض الدول العربية مقابل قبول إسرائيل بحل سياسي يتضمن دولة فلسطينية بغض النظر عن طبيعتها وسيادتها وصلاحياتها.
صمود غزة
وأوضح أن نتنياهو عندما أقدم على شن الحرب كان يتوقع نتيجة واحدة وهي تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء، ولكن صمود المقاومة والشعب الفلسطيني أفشلا هذه الخطة، كما شدد على أن الشارع الإسرائيلي وصل لقناعة بأنه لا يمكن إعادة الأسرى إلا من خلال عملية تفاوضية.
من جهته، أشار الرنتاوي إلى أن خطاب غانتس تضمن الشيء ونقيضه حينما قال إن تحرير الأسرى أولوية لكنه عاد ليستخدم لغة نتنياهو نفسها بأن “لا حماسستان ولا فتحستان”، كما أنه مؤيد للتوغل في رفح ومواصلة محاربة حماس حتى نهاية قوتها العسكرية والسلطوية.
وأشار الرنتاوي إلى حديث غانتس عن سيطرة إسرائيلية أمنية عليا على قطاع غزة رغم تقديمه مقترح الإدارة الأوروبية العربية لقطاع غزة، موضحا “أنه لم يذكر الاشتراطات المتعلقة بحل الدولتين حينما تحدث عن التطبيع مع السعودية بعد نهاية الحرب”.
وبحسب الرنتاوي، فإن العلاقة بين نتنياهو وغانتس ووزير الدفاع في مجلس الحرب يوآف غالانت وصلت إلى الذروة، ولم تعد هناك مساحة عمل مشتركة داخل هذه الحكومة، خصوصا بعد أن قال غانتس في خطابه إن الدولة الإسرائيلية تدار الآن وفقا لأهواء شخصية، وإن هناك أقلية تجر البلاد نحو الهاوية، معتبرا أن “هذا يدل على فشل هذه الوزارة في تحقيق أهدافها في قطاع غزة”.
كما أيد الرنتاوي وجهة النظر التي تقول بأن خطاب عانتس حمل نتنياهو مسؤولية تعطيل صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، مشيرا إلى قول غانتس إن مقترح الصفقة “متوازن ويمكن تطويره”.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية الدكتور رائد النعيرات أن يشكل حديث غانتس ضغوطا كبيرة على حكومة نتنياهو من خلال ردة فعل الشارع الإسرائيلي الثائر على موقف الحكومة من الصفقة واستمرار الحرب.
وأضاف أن حديث غانتس عن أن الصفقة متوازنة ويمكن تطويرها سيلقى صدى إيجابيا لدى الشعب الإسرائيلي، مشيرا إلى أن حديثه عن السيطرة الأمنية العليا على القطاع أمر لا يمكن أن يحدث وهو يعلم ذلك، كما أشار إلى تضاربات كثيرة لا يمكن فهمها في خطاب غانتس حيث إنه اتبع نفسه طريقة الساسة الأميركيين عندما يتحدثون عن الحرب في غزة وعن مآلات اليوم التالي.
واعتبر أن ما قدمه غانتس ليس رؤية ولا يشكل أي تقارب مع الرؤية الفلسطينية بأي شكل من الأشكال، ولكنه ذكر بعض المحطات خلال حديثه يمكن أن يبنى عليها، ويمكن أن تشكل إطارا للحل في المرحلة القادمة.
وأشار النعيرات إلى أن مجمل الآراء والتحليلات السياسية في إسرائيل تجمع تقريبا على أن هذه الحرب لا تحقق أهدافها، وأن الحديث عن تدمير ألوية حماس عار عن الصحة، وأن حماس لديها 24 لواء لا تزال تعمل في الميدان.
السياسة الأميركية
وفيما يتعلق بالرؤية الأميركية بشأن الموقف في قطاع غزة، يرى الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية الدكتور لورانس فريمان أن واشنطن ليس لديها رؤية حقيقية حول تأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف فريمان أن تصدّر أخبار قتل المئات من الفلسطينيين العناوين الرئيسية قاد إلى تمرد داخل صفوف الحزب الديمقراطي الأميركي وخاصة وسط الشباب، الأمر الذي وضع إدارة بايدن تحت ضغوط تجعلها تبحث عن شخص أكثر اعتدالا من نتنياهو لقيادة الحكومة في إسرائيل.