يدفع الأسر لإخراجهم من المدارس.. تغير المناخ يهدد تعليم ملايين الأطفال بآسيا | أسرة
يشكل تغير المناخ تهديداً لتعليم الملايين من الأطفال، وهو ما تجلى خصوصاً خلال مارس/آذار الماضي من خلال موجة الحر التي ضربت آسيا، وقد أجبرت على إغلاق المدارس.
وبينما ساهم هطول الأمطار الموسمية في التخفيف من حدة المشكلة بمناطق معينة، فإن الخبراء يخشون من أن هذا النوع من المشكلات سيتفاقم مع عواقب وخيمة -نهاية المطاف- على التعليم.
وتشهد درجات الحرارة في آسيا ارتفاعاً بسرعة أكبر من المتوسط العالمي، مع موجات حارة أطول زمنياً وأكثر تواتراً وشدة، لكن ارتفاع درجات الحرارة ليس التحدي الوحيد.
إلحاق الضرر بالمدارس
فمع الجو الأكثر دفئاً، تزداد الرطوبة، مما قد يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات يمكن أن تلحق الضرر بالمدارس أو تغلقها لاستخدامها كملاجئ.
إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى حرائق غابات وارتفاع في مستويات التلوث، مما يجبر المدارس أيضاً على إغلاق أبوابها، كما حدث بالفعل في الهند أو أستراليا.
حرارة قياسية على مستوى العالم
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) العام الماضي من أن “أزمة المناخ أصبحت بالفعل حقيقة واقعة بالنسبة للأطفال شرق آسيا والمحيط الهادي”.
وفي هذا الإطار، تشكل موهوا أكتر نور (13 عاماً) دليلاً حياً على ذلك. فمنذ أن أُغلقت مدرستها، وهي تختنق في الغرفة الوحيدة في منزلها في داكا عاصمة بنغلاديش.
ومع تكرار انقطاع التيار الكهربائي، لا تستطيع الفتاة الاعتماد على مروحة لتبريد منزلها الضيق. وقالت للفرنسية “الحرارة لا تطاق” مضيفة “مدرستنا مغلقة، لكني لا أستطيع الدراسة في المنزل”.
وكان أبريل/نيسان الجاري الشهر رقم 11 على التوالي الذي يشهد درجات حرارة قياسية على مستوى العالم.
وفي بنغلاديش، تبدو هذه الظاهرة واضحة، كما يشير شومون سينغوبتا، المدير الوطني لمنظمة “سايف ذا تشيلدرن” غير الحكومية. ويقول “ليست درجات الحرارة أعلى فحسب، لكنها تدوم لفترة أطول بكثير”.
مدارس غير مجهزة
ويؤكد سينغوبتا “في السابق، كانت مناطق قليلة تتأثر بهذه الموجات الحارة، أما اليوم فإن هذا يمثل جزءاً أكبر من البلاد”.
وفي آسيا، فإن أغلب المدارس غير مجهزة للتعامل مع العواقب المتزايدة لتغير المناخ. ويقول سينغوبتا إن المدارس بالمناطق الحضرية في بنغلاديش غالباً ما تكون مكتظة وسيئة التهوية.
وفي المناطق الريفية، يمكن للأسقف الحديدية المموجة أن تحول قاعات التدريس إلى فرن حقيقي، وأحيانا تنفد الكهرباء اللازمة لتشغيل المراوح.
وفي بنغلاديش وأماكن أخرى، غالباً ما يمشي الطلاب مسافات طويلة من المدرسة وإليها، مما يعرضهم لخطر الإصابة بضربة شمس.
معاناة أطفال المجتمعات الفقيرة
وتقول سلوى الإرياني أخصائية الصحة بمنظمة اليونيسيف لبلدان شرق آسيا والمحيط الهادي إن إغلاق المدارس يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة “خصوصاً على الأطفال في المجتمعات الفقيرة والضعيفة الذين لا يستطيعون الوصول إلى الموارد مثل أجهزة الحاسوب والإنترنت والكتب” أو إلى منزل محمي بشكل كاف من الحرارة.
ويقول سينغوبتا إن ترك الأطفال في بعض الأحيان من دون إشراف والديهم الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الإقامة معهم، يجعلهم أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحايا أو لأن يُجبروا على العمل أو الزواج.
خطوات مهمة ولكن..
كما يهدد تغير المناخ التعليم بشكل غير مباشر. وأظهرت أبحاث أجرتها منظمة اليونيسيف في بورما أن نقص المحاصيل الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة وعدم القدرة على التنبؤ بهطول الأمطار يدفع الأسر إلى إخراج أطفالها من المدارس لكي يساعدوا الأهل، أو بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لدفع تكاليف التعليم.
واتخذت بعض الدول الغنية في المنطقة خطوات لضمان عدم تأثر التعليم بتغير المناخ. ففي اليابان، كان أقل من نصف المدارس العامة مكيفة الهواء عام 2018، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من 95% بحلول عام 2022.
ويعود سينغوبتا ليؤكد أن البلدان النامية بحاجة إلى المساعدة للاستثمار في تحديث البنية التحتية. ولكن الحل الحقيقي الوحيد للأزمة يتلخص في معالجة السبب الجذري لها: تغير المناخ.