قرار مجلس الأمن بشأن غزة ومعضلة الإلزام من عدمه | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
واشنطن- تبنى مجلس الأمن، أمس الاثنين وللمرة الأولى، قرارا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقد خرجت تقديرات متناقضة حول إلزامية القرار من عدمه للأطراف المرتبطة به.
وامتنعت الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض (الفيتو) وذلك للمرة الأولى منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل أكثر من 5 أشهر.
وفي تغريدة على منصة إكس، قال السفير السابق والخبير بمجلس العلاقات الخارجية مارتن إنديك إنه مع “امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار مجلس الأمن، وإلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاورات المخطط لها مسبقا مع واشنطن، تكتمل العزلة الذاتية لإسرائيل”.
وأضاف إنديك “القرار غير ملزم؛ ويدعو إلى وقف إطلاق النار في رمضان وإطلاق سراح المحتجزين. وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت لا يعد تطورا جيدا لنتنياهو”.
وعندما سأله خبير القانون الدولي بجامعة نيويورك روبرت هاوز عما يقصده، أوضح إنديك أن “القرار غير ملزم بمعنى أنه ليست هناك عواقب لعدم الامتثال لمطالبه”.
بدوره، أشار هاوز إلى أنه على الرغم من عدم احتواء القرار نفسه على تدابير إنفاذ، فإنه “ملزم بمعنى أن عدم الامتثال له ينتهك المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، وتترتب على ذلك عواقب بموجب القانون الدولي العام المتعلق بمسؤولية الدول، حتى وإن لم يكن منصوصا عليه في القرار”.
وتنبع أهمية القرار الذي يحمل الرقم 2728 وامتناع الولايات المتحدة عن عرقلة صدوره كما فعلت 3 مرات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في رسائله السياسية غير المباشرة، ورغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في إخراج خلافه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العلن.
وسبق أن دعم بايدن خطاب السيناتور تشاك شومر الذي طالب بضرورة إجراء انتخابات في إسرائيل “ربما تغير طبيعة الحكومة اليمينية الحاكمة في تل أبيب في الوقت الراهن”.
هل لقرار مجلس الأمن قوة تنفيذية ملزمة؟
لا، حيث يُعتبر عدد قليل جدا من قرارات الأمم المتحدة ملزِمة قانونا. ولا يتفق خبراء القانون الدولي على ما يَلزم لجعل القرار ملزِما.
ولكنْ هناك إجماع عام على أنه يجب أن يُذكر الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنح مجلس الأمن الحق في اتخاذ إجراءات عسكرية وغير عسكرية لمواجهة “تهديد السلم والأمن الدوليين”. ويجب أن ينص القرار أيضا على أن المجلس “يقرر” مسار العمل، بدلا من مجرد الدعوة إليه.
ولا يفي القرار بأي من هذه الشروط، لكن بعض الفقهاء القانونيين يجادلون بأنه باستخدام كلمة “يطالب” فإن المجلس ينشئ التزاما قانونيا خارج الفصل السابع. لكن إسرائيل انتهكت عشرات القرارات السابقة لمجلس الأمن، بما في ذلك العديد من القرارات “التي تطالبها” بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
ما الهدف من مثل هذه القرارات إذن؟
غالبا ما تكون قرارات مجلس الأمن شكلا من أشكال الإشارات السياسية تعكس توجهات وتفضيلات الرأي العام العالمي تجاه هذه القضية.
وبالنسبة للأعضاء الخمسة الدائمين المنقسمين بشكل واضح وحاد بين معسكر غربي يضم الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا، ومعسكر شرقي يضم روسيا والصين، فإن الاتفاق على أي شيء أمر نادر الحدوث، لذلك إذا وافقوا على المطالبة بوقف إطلاق النار، يكون ذلك حدثا دبلوماسيا استثنائيا.
كما يمكن أن تكون عملية التوصل إلى حل وسيلة لحل الخلافات بين القوى الكبرى. ومنح قرار مجلس الأمن 2728 بشأن غزة حيزا سياسيا صغيرا يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا التعايش معه حتى مع امتناع واشنطن عن التصويت.
وتاريخيا، استخدمت واشنطن قرارات الأمم المتحدة كوسيلة لإرسال إشارات إلى إسرائيل. وعندما تمتنع واشنطن عن التصويت في مناسبات نادرة، منها ما جرى أمس الاثنين، على قرار ينتقد السياسة الإسرائيلية أو يدعم الحقوق الفلسطينية، عادة ما تكون رسالة إلى تل أبيب مفادها أن صبر الإدارة ينفد من كل ما تفعله.
ماذا بعد؟
وبعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، والذي رآه الكثير من المعلقين إشارة واضحة لترجمة خطاب بايدن لصالح وقف إطلاق النار إلى عمل سياسي، تبقى أسئلة سياسية مهمة تبحث عن إجابات خلال الأيام والأسابيع المقبلة، منها:
- كيف سيؤثر تمرير هذا القرار على موقف واشنطن من اقتحام إسرائيلي متوقع لمدينة رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون نازح فلسطيني منذ بدء العدوان؟
- هل ستستمر إدارة بايدن في بيع الأسلحة لإسرائيل، حتى لو استمرت تل أبيب في رفض وقف إطلاق النار؟
- هل يستمر بايدن في غض الطرف عن عمليات القتل الإسرائيلية العشوائية في قطاع غزة؟
- هل يستمر بايدن في تكرار مقولة إن الهجمات الإسرائيلية هي تنفيذ لحق تل أبيب في الدفاع عن نفسها؟