غضب في اليمن بعد تفجير منازل برداع والحوثي يعتبرها عملا فرديا | سياسة
صنعاء- أشعل سقوط مدنيين قتلى في تفجير قوات أمنية تتبع جماعة أنصار الله الحوثيين لمنازل في مدينة رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن، الثلاثاء الماضي، غضبا عارما في أوساط اليمنيين.
وأدى التفجير إلى تهدم عدد من المنازل في حارة الحفرة ومقتل 12 مدنيا وإصابة 5 آخرين، بينهم نساء وأطفال كان معظمهم نائمين في بيوتهم، ولم يعلموا أنها ستسقط فوق رؤوسهم.
نزل الخبر كالصاعقة على الجميع، وفي مقدمتهم قيادات جماعة أنصار الله الحوثيين الذين سارعوا لإدانة الحادثة، واعتبروها “جريمة نكراء وغير مسؤولة وغير مقبولة”.
صحيح ان مرتكبي جريمة رداع هم من يتحمل مسؤوليتها ولكن تسببها في مقتل هذا العدد الكبير من المواطنين بمن فيهم نساء واطفال وبهذه الطريقة وفي مثل هذا التوقيت بالذات مؤشر خطير على وجود الكثير من المظالم التي يجب على انصار الله التحرك العجل لحلها، قبل ان تتسبب في تبديد اسباب النصر. pic.twitter.com/loaLs51Riy
— محمد البخيتي(Mohammed Al-Bukhaiti) (@M_N_Albukhaiti) March 20, 2024
إدانة وإقالات
واتخذت وزارة الداخلية في صنعاء التي يتولاها اللواء عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، قرارات بإقالة مديري الأمن بمدينة رداع ومحافظة البيضاء، وإلقاء القبض على أفراد الحملة الأمنية والمتسببين بها.
كما تشكلت لجان تحقيق برئاسة اللواء عبد المجيد المرتضى نائب وزير الداخلية، إلى جانب القيادي محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لأنصار الله.
واعتبر الحوثيون جريمة التفجير عملا فرديا وغير مسؤول واستخدام قوة مفرطة بشكل غير قانوني من رجال الأمن، ووعدوا بمحاسبة جميع المتسببين وإحالتهم للمحاكمة وتعويض الضحايا. وأدان رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مهدي المشاط العملية، واعتبرها “مؤسفة” وأكد “عزم الدولة معاقبة المتورطين ومحاكمتهم”.
بدوره، كتب القيادي محمد البخيتي على منصة إكس “صحيح أن مرتكبي جريمة رداع هم من يتحملون مسؤوليتها، ولكن تسببها في مقتل عدد كبير من المواطنين، بمن فيهم نساء وأطفال وبهذه الطريقة وفي مثل هذا التوقيت بالذات، مؤشر خطير على وجود مظالم كثيرة يجب على أنصار الله التحرك العاجل لحلها، قبل أن تتسبب في تبديد أسباب النصر”.
واعتبر البخيتي أن “إدانة أميركا المتأخرة لجريمة رداع -بعد أن أدانتها حكومة الحوثيين بصنعاء- لا تعبر عن دوافع إنسانية، وإنما عن دوافع شيطانية لإثارة الفتنة”.
وحذر نشطاء مؤيدون للحوثيين من تبعات خطيرة لحادثة التفجير، وقال النائب البرلماني المعارض في صنعاء “إذا لم يحدث تغيير حقيقي في منظومة الحكم الراهنة في صنعاء بعد الذي حدث في رداع، فإني أرى عاصفة كبيرة أو قيامة باتت تقترب”.
بداية القصة
ويروي مقربون من بيت الزيلعي قصة ما جرى في رداع كما يلي:
- قبل نحو عام، قتل صهر المشرف الحوثي أبو حسين الهرمان العوكبي المواطن سيف إبراهيم الزيلعي دون أي ذنب.
- قصَد أولياء الدم من أهل الزيلعي مسؤولي سلطات الدولة التي يقودها أنصار الله الحوثيين منذ عام 2014، لكنهم لم يتحركوا ولم يبتوا في القضية.
- يوم الاثنين 18 مارس/آذار الجاري، شاهد عبد الله إبراهيم الزيلعي قاتلَ شقيقه فوق عربة عسكرية، فأطلق النار عليه وقتله وشخصا آخر بجانبه، وجرح اثنان آخران من أفراد السيارة.
- عقب الحادث، توجهت قوة أمنية إلى حارة الحفرة في رداع للقبض على عبد الله الزيلعي، ولكنه كان قد فر خارج المدينة، فحاصروا منزل عائلته.
- صباح الثلاثاء السابع من رمضان الجاري، فجرت قوة أمنية بيت الزيلعي بعد إفراغه من ساكنيه.
- أدى تفجير المنزل إلى تهدم بيوت ملاصقة له كبيت آل ناقوس واليريمي ومجاهر، مما أدى إلى مقتل 20 مدنيا وجرح آخرين بينهم نساء وأطفال.
ورأى مراقبون أن من فجر منازل المواطنين في رداع، “طالته شظاياها، وتناثرت بقاياها مهشمة وجهه، وشوهت صورته التي عمل عليها لسنوات، وأثارت عليه غضبا متراكما لن يزول بمرور الأيام”.
ويعتقد كثيرون أن قوة التفجيرات تسبب في تداعيات عكسية على منفذيها والآمرين بها والمخططين لها، وأحدثت خدوشا كبيرة “في وجه الجماعة المتحكمة بمقاليد الدولة في صنعاء”.
التبرير الحوثي لجريمة رداع لا يقل سوءًا عن الجريمة ذاتها. فلا يمكن أن تكون عملية تفجير المنازل عملًا فرديًا كما زعم البيان الأمني الحوثي. فمثل هذه العملية المعقدة لا يستطيع القيام بها إلا فريق حوثي متخصص بتفخيخ المباني، تتوزع عناصره على مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيا… pic.twitter.com/RuLSzPl4EH
— صالح البيضاني Saleh Al Baidhani (@salehalbaydani) March 19, 2024
حملة حكومية
وشنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا حملة كبيرة لإدانة الحوثيين، وطالبت مجلس الأمن بإدانة الجماعة ونهجها في تفجير منازل خصومها ومعارضيها.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة بالحكومة اليمنية معمر الإرياني إن “مليشيا الحوثي اتخذت -منذ الانقلاب- من سياسة تفجير المنازل وتهجير سكانها قسرا، منهجا وأسلوبا لإرهاب المواطنين، والانتقام من المناهضين لمشروعها الانقلابي”.
وأضاف أن منظمات حقوقية وثقت قيام جماعة الحوثي بتفجير 900 من منازل قيادات الدولة والجيش والأمن والسياسيين والإعلاميين والمشايخ والمواطنين في 16 محافظة يمنية، “كاشفة عن وجهها الحقيقي كتنظيم إرهابي، وأنها أداة للقتل والتدمير ولا يمكن أن تكون شريكا حقيقيا في بناء السلام”.
من ناحيته، قال عبد الله العليمي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي إن “جريمة رداع ورغم حجم بشاعتها، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وإنها مجرد حلقة من سلسلة طويلة من الجرائم التي ارتكبتها هذه الجماعة بحق اليمنيين عبر تاريخهم الحديث والمعاصر”.
وأكد أن “هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم”، وقال “لعل الله أرادها كاشفة للمزاعم الحوثية التي تتشدق بنصرة المظلومين من إخواننا في فلسطين”.
وعقد العليمي اجتماعا، الأربعاء الماضي في عدن، مع كبار مسؤولي الدولة، ووجه الحكومة اليمنية بسرعة جبر ضرر عائلات الشهداء والمصابين، واتخاذ الإجراءات المنسقة مع مختلف الجهات المعنية لتوثيق الجريمة، وتخليد ضحاياها، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب وطنيا ودوليا.
وتضمنت التوجيهات “اعتماد رواتب لضحايا الجريمة واعتبارهم شهداء ضمن قائمات وزارة الداخلية، وتقديم المساعدة والرعاية اللازمة للمصابين في التفجير الإرهابي”.
تجاوزات فردية
في المقابل، أوضح زعيم أنصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي، أمس الخميس، “أنه حصل في مدينة رداع استهداف للأمنيين نتج عنه استشهاد اثنين منهم فكانت ردة الفعل من بعض الأمنيين الاعتداء والتصرف الهمجي وغير القانوني وتفجير منزل تلاصقه منازل أخرى، فكانت المأساة باستشهاد وجرح بعض من الأهالي وتضرر منازلهم وتهدم بعضها”.
وتوجه الحوثي بالعزاء والمواساة لكل أسر الشهداء في رداع، وقال “نبرأ إلى الله تعالى من تلك التجاوزات والاعتداءات وما يماثلها”.
وأضاف أن “التجاوزات والاعتداءات الفردية التي تحصل من شخص منتسب للأجهزة الأمنية أو غيرها، وهي تجاوزات بها ظلم أو اعتداء، لا تعبّر عنا وليست من أخلاقنا ولا ديننا ولا قيمنا”.
وأكد عبد الملك الحوثي أن “الدم اليمني غالٍ علينا، ولن نألو جهدا في أن تكون الدماء والأعراض والممتلكات مصونة، وأهل رداع هم أهلنا وأبناؤنا وإخوتنا ونحن نتألم مما حصل هناك”.