مع تصاعد حدة أزمة التعديلات القضائية.. هل تتجه إسرائيل إلى حرب أهلية؟ | البرامج
اختلفت آراء ضيوف برنامج “ما وراء الخبر”، بشأن مآلات تصاعد حدة الاستقطاب في الشارع الإسرائيلي إزاء التعديلات التي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو لإجرائها، ومدى إمكانية أن تؤدي لحرب أهلية، وتحدث أثرا حقيقيا داخل المؤسسة العسكرية.
فبينما استبعد رئيس برنامج دراسات الأمن القومي في جامعة حيفا، دان شيفتان بشكل حاسم، اندلاع تلك الحرب، رأى ديفيد بولجير، المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن ما يحدث يمثل تحديا حقيقيا للديمقراطية في إسرائيل، وسيترك أثرا على مختلف المستويات.
في حين، ذهب المحلل السياسي والباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين إلى أن هناك خطين أحمرين في الداخل الإسرائيلي، إذا تم تجاوزهما فلن يكون من المستبعد حدوث حرب أهلية، وهما وقوع اغتيالات سياسية، وحدوث حالة تمرد داخل الجيش الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/21) للحديث عن أبعاد سحب وزير الثقافة الإسرائيلي، هيلي تروبر، فيلما دعائيا، يظهر عصيانا للأوامر داخل الجيش، والذي يشير إلى الخلاف بشأن التغييرات القضائية بوصفها سببا لشق وحدة المؤسسة العسكرية.
وتدور قصة الفيلم التمثيلي الذي أجّج مزيدا من الجدل بشأن التغييرات القضائية في إسرائيل، حول قائد طائرة يرفض تغطية وحماية فرقة مشاة خلال إحدى الحروب على خلفية اختلاف المواقف تجاه خطة نتنياهو.
وتصر حكومة نتنياهو على إقرار تغييرات تحد من صلاحيات القضاء لصالح السلطة التنفيذية، ما أدى لاحتجاجات غير مسبوقة وتحذيرات من احتمال حرب أهلية.
وتساءلت حلقة “ما وراء الخبر” عن مدى اقتراب إسرائيل من شبح الحرب الأهلية بسبب الخلاف المتصاعد بشأن التغييرات القضائية وما يرافقها من مظاهرات ودعوات عصيان داخل الجيش، وانعكاس المواجهة داخل إسرائيل على سياسات حكومة نتنياهو تجاه الفلسطينيين، ومستقبلها في ضوء تمسكها بإجراء التغييرات القضائية.
فرضية مستبعدة
وفي حديثه لما وراء الخبر، قال الأكاديمي الإسرائيلي، دان شيفتان، إن فرضية حدوث حرب أهلية في إسرائيل مستبعدة، معتبرا ما يحدث خلافا طبيعيا وصراعا على السلطة ضمن أطر الديمقراطية التي يراها تزداد قوة في بلاده عن ذي قبل، حيث يلتزم الطرفان، حسب رأيه، بمعايير الاختلاف المشروعة.
وأشار إلى أن توسع الطرفين في استخدام البروباغندا ووجود خلاف حقيقي لا يمكن اعتباره أمرا مهددا للديمقراطية في إسرائيل، كما نفى أن يكون ما يحدث يمثل عصيانا، لافتا إلى أن من أعلن وقف خدماتهم هم أفراد متطوعون وأغلبهم كبار في السن، فليس هناك استقالات يمكن أن تؤثر على المؤسسة العسكرية، حسب تقديره.
ومع الانقسام في الشارع الإسرائيلي، بات عصيان الأوامر داخل الجيش حديث القاصي والداني، حيث أكدت وسائل إعلام إسرئيلية إعلان أكثر من ألف من وحدات سلاح الجو الإسرائيلي وقف خدمتهم في الاحتياط رفضا للتعديلات القضائية.
تحد حقيقي
بدوره، يرى ديفيد بولجير، المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي وعضو مكتب الرئيس جو بايدن عندما كان سيناتورا، أن ما يحدث يمثل تحديا حقيقيا للديمقراطية في إسرائيل، لافتا إلى وجود بواعث قلق لدى الرئيس بايدن وإدارته مما يحدث، عُبر عنها في أكثر من مناسبة.
وأشار إلى أن نتنياهو الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى أقصى اليمين واتخذ سياسات متطرفة تجاه الفلسطينيين، باتت سياسته في هذه المرحلة في طريقها لإحداث أثر في الداخل الإسرائيلي، وهو ما يستدعي تزايد القلق بشأنها.
وفي هذا السياق، لا يرى بولجير، أن فتور العلاقة بين قيادة البلدين يعكس أزمة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، مؤكدا أن بايدن والحزب الديمقراطي سيظلان داعمين قويين لإسرائيل، مع إمكانية حدوث تغييرات طفيفة بشأن سياسة المساعدات الأميركية لإسرائيل وكيفية تقديمها.
صهيونية دينية
فيما يرى المحلل السياسي والباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية جبارين، أن ما يجري من طرف الحكومة الإسرائيلية، يأتي في سياق طريق الصهيونية إلى أن تكون دينية بحتة، بعد 75 عاما من مرحلة دمج اليهودية بالديمقراطية، التي كانت بطبيعة الحال لصالح الداخل الإسرائيلي ومواطنيه.
وأشار في حديثه إلى أن نتنياهو عندما عاد للسلطة في حكومته الثانية عام 2009، كان لديه هدف واحد، وهو بسط سيطرة اليمين بشكل كامل على مراسم الحكم داخل إسرائيل، وهو الأمر الذي يؤرق المحتجين داخل تل أبيب، لافتا إلى أن دولة الاحتلال لم تشهد استقرارا سياسيا منذ عام 2018 بسبب هذا الخلاف.
وأكد أن هذه التطورات سيكون لها تأثير على الواقع الفلسطيني، من خلال تداعياتها في الجيش والمجتمع الإسرائيلي، كما أنه في حال إقرار تلك التعديلات، ستزيد سياسة الاستيطان أكثر مما هي عليه.