كوليبالي.. أسد إفريقي حقق المجد من إيطاليا إلى الكاميرون
موقعي نت رياضة:
حينما تراه بطوله الفارع وبنيته الجسدية الضخمة ينتابك الفزع، فهو أشبه بدبابة بشرية تحمي دفاعات فريقه من هجمات الخصوم، حيث يجعل مهمة المهاجمين معقدة، ينتزع كل شيء بالقوة، ولا يسمح بأن يتجاوزه أحد في سبيل حماية عرينه، إذ يتسلّح بالهيبة والشراسة، متجولا داخل الملعب مثل أسد حر طليق.
في 20 يونيو من عام 1991 أبصر خاليدو كوليبالي النور في مدينة سينت ديه التي تقع شرق فرنسا، لأبوين مسلمين، حيث كافح والده لمدة 5 أعوام من خلال عمله في مصنع النسيج بالسنغال الغارقة حينها في الفقر المدقع ليجمع ويدخر ما يكفي من المال ليصطحب والدته إلى فرنسا.
لم ينس خاليدو المعاناة والحياة الصعبة التي كابدها الأبوين هرباً من التوترات السياسية وضنك فقر المعيشة في جمهورية السنغال الإفريقية، بحثا عن حياة مستقرة في أحد المدن الفرنسية التي تعتبر الآن ملاذا آمنا لمختلف الأعراق المهاجرة.
يقول كوليبالي عن ذلك: «كان والداي من المهاجرين، وقد واجهت بنفسي الصعوبات والتحديات التي كان عليهم التغلب عليها، لو يكونوا قد قرروا البحث عن حياة أفضل في مكان آخر، لما كنت أطمح أن أصبح الشخص الذي أنا عليه الآن».
بدأ شغف الفتى السنغالي بحب كرة القدم حينما رأى جميع الأطفال في حيه يلعبون الكرة بدون أحذية ولم يعجبه ذلك المنظر حيث توسل إلى والدته من أجل الذهاب إلى المتجر وشراء أحذية للجميع إلا أن والدته أجبرته على اللعب مع أقرانه كما يفعلون دون حذاء ومن بعدها لم يفارق اللعبة حتى يومنا هذا.
كان كوليبالي من القلة الذين جمعوا بين التفوق الدراسي والرياضي في الوقت ذاته، حيث استطاع أن يصبح متفوقا في المدرسة بشهادة جميع أستاذته الذين أشرفوا عليه خلال المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتي تحول بعدها إلى عالم الاحتراف بداية من النادي المحلي في مدينته سينت ديه، ومن ثم التحق بأكاديمية نادي ميتز التي لم يمكث فيها طويلًا بسبب أنه كان انطوائيًا للغاية، وكان مستواه أقل بقليل من التوقعات، وفقًا لمدير الأكاديمية.
عاد كوليبالي بعدها إلى مسقط رأسه مرة أخرى يجر أذيال الخيبة من فشل تجربته الأولى التي كانت الطريق إلى تحقيق حلمه في التحول إلى لاعب محترف، لكنه أصر على تطوير نفسه بشكل أفضل وعدم اليأس في سبيل طموحه الكبير الذي كافح من أجله منذ الطفولة واضعاً أمامه الصعوبات التي واجهها والديه في القدوم إلى فرنسا من أجل توفير حياة وبيئة أفضل له ولشقيقه الأصغر.
مضت الأيام وعاد خاليدو إلى ميتز في تجربة وتحد جديد بعد أن أمضى الفترة الماضية في تطوير قدراته البدنية والاحترافية مع نادي مدينته حتى بات جاهزاً من أجل الالتحاق بصفوف فريق الشباب في ميتز.
في تجربته الثانية استطاع الشاب السنغالي أن يثبت براعته بعد تألقه مع فريق الشباب ما أجبر دومينيك بيجوتات مدرب الفريق الأول حينها لنادي ميتز على استدعائه إلى صفوف الكبار وتوقيع أول عقد احترافي لمدة موسم واحد، قبل أن يوقع عقداً في الموسم التالي لمدة 3 أعوام.
يقول بيجوتات عنه: «هو الشخص الذي فاجأ معظم الناس، بينما كان أقل ما فاجأني شخصيًا، كنت أعلم أنه سيأتي اليوم الذي يشيد به الجميع لأنه لقد كان يظهر بالفعل نضجًا جيدًا، إنه دائمًا في مزاج جيد وهذا أمر مهم للوظيفة التي يقوم بها، كما أنه يعرف كيفية تحليل مبارياته الخاصة، مما يجعله ينتظم في أدائه».
بعد تألقه في صفوف ميتز برفقة مواطنه ساديو ماني رحل كوليبالي إلى جنك البليجكي ومن ثم إلى نابولي الإيطالي برئاسة العجوز المشاغب أوريليو دي لورينتيس الذي قال عندما شاهد الفتى السنغالي أول مرة أنه كان يجب أن يدفع له مبلغًا أقل لأنه كان أصغر من توقعته بعد قرأته في الصحف أن طوله يبلغ 1.92 أو 1.93 مترًا، ورد كوليبالي بأنه سيقدم قيمته الحقيقة على أرض الملعب وليس على أغلفة الصحف.
في الجنوب الإيطالي وبأسلوب لعبه القوي الذي لا هوادة فيه، كان كوليبالي مناسباً تماماً لنابولي وعلى تواصل مع شعب المدينة المتحمس الذي دعم السنغالي بقوة لتخطي كل الصعوبات، بعد أن تفجرت موهبته ليصبح أحد أفضل المدافعين في العالم تحت قيادة ماوريسيو ساري، وذلك بفضل الرؤى الدفاعية الدقيقة للمدرب التوسكاني، في حين أن خبرة كوليبالي المتنامية منحته أيضاً الثقة لترك بصمته الشخصية في المباريات.
أقنع أداء المدافع المولود في فرنسا كارلو أنشيلوتي بمنحه شارة الكابتن، والتي احتفظ بها تحت قيادة جينارو جاتوزو والمدرب لوتشيانو سباليتي، وكان من المنتظر أن يظل الكابتن في الموسم المنصرم الذي شهد تتويج الفريق بالكالتشيو بعد غياب طويل، لكن الانتقال إلى تشيلسي أسدل الستار على ملحمة كوليبالي الإيطالية، وهي ملحمة أسفرت عن العديد من الذكريات السعيدة لكل من مشجعي نابولي واللاعب نفسه.
رغم ولادته ونشأته في فرنسا ومشاركته مع المنتخب الفرنسي لأقل من 20 عامًا بدءًا من 2011 ولعب ست مرات خلال كأس العالم تحت 20 سنة FIFA في كولومبيا، إلا أن كوليبالي قرر تمثيل السنغال بلده الأم، وشرح لاحقًا قراره قائلاً: «ليس لدي أي ندم لأنني أريد أن أكتب قصة مستقبل كرة القدم السنغالية، وآمل أن أكون قادرًا على فعل ذلك»، وبالفعل خلده التاريخ بعد أصبح أول سنغالي يرفع كأس الأمم الإفريقية 2021 في الكاميرون، بعد الفوز في النهائي على مصر.
في السعودية يحلم كوليبالي المعروف بالتزامه الديني أن يقود أزرق الرياض إلى المزيد من الألقاب، وتعويض فشل مسيرته الأخيرة مع أزرق لندن، لكن عليه مواجهة نصر رونالدو واتحاد بنزيما والبقية في طريقه إلى المجد مع الهلال.
نشكركم على قراءة خبرنا الرياضي عبر موقعنا, ونود التنويه أن الخبر تم اقتباسه والتعديل عليه ومصدره الأساسي صحيفة الرياضية.