هل تسبب التغير المناخي في القنبلة الإعصارية التي تواجهها الولايات المتحدة الآن؟ | علوم
تتعرض الولايات المتحدة الأميركية حاليا لقنبلة إعصارية شديدة البرودة يمكن وضعها في قائمة “الأشد على الإطلاق في التاريخ”، فقد بلغ عدد القتلى 59 بحلول صباح يوم 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث ارتفع الثلج إلى قرابة متر ونصف في الشوارع.
و”القنبلة الإعصارية” (bomb cyclone) نوع من العواصف الشتوية، إلا أن الضغط الجوي فيها ينخفض بسرعة كبيرة مع اشتداد نظام العاصفة، فيؤدي إلى تغير درجات الحرارة بسرعة كذلك.
ولهذا السبب كانت الأجهزة الحكومية قد حذرت من أن درجات الحرارة، التي وصلت إلى حدود 50 تحت الصفر في تلك المناطق وهي بذلك قريبة من درجة حرارة كوكب المريخ، يمكن أن تقتل في غضون دقائق، والواقع أن كثيرين من القتلى في هذه الموجة قد وجدوا في سياراتهم وخارج المنزل، وبعضهم كان فقط يزيح الثلج خارج المنزل.
وكان مركز التنبؤ بالطقس التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) قد أعلن حديثا أن الجانب الغربي للولايات المتحدة سينتقل في الأيام الحالية إلى نمط أكثر برودة من ذي قبل، وستشتد الرياح بشكل يمكن أن يتسبب في مخاطر شديدة.
دوامات الخطر
يتعلق ما تواجهه الولايات المتحدة الآن بما يسميه العلماء “الدوامة القطبية” (Polar Vortex)، وهي مناطق ضغط جوي منخفض، تدور بطريقة تشبه الإعصار في أعلى كل قطب من قطبي الأرض، وتمتد في عمق الغلاف الجوي للأعلى في تلك المناطق، وتتسبب في كتلة كبيرة من الهواء البارد الكثيف أسفلها.
وعادة ما تستمر هذه الدوامات في الدوران في أعلى الأقطاب كوحدة واحدة مستقرة، ويبقى الهواء البارد محصورا في الأقطاب فقط ولا تمس القارات أسفلها بأي شكل، لكن تلك الدوامات تضعف في بعض الأحيان وتتفتت، ومن هنا تسافر بعيدا عن الأقطاب.
وفي هذه الحالة، تنزل كتل الهواء القطبية الباردة إلى الدول القريبة منها مثل كندا أو الولايات المتحدة، بل قد يصل بعض من أثرها إلى شمال أفريقيا والجزيرة العربية، وقد تتحول إلى عواصف شديدة البرودة مثلما يحدث في الولايات المتحدة الآن، وفي هذه الحالة تنخفض درجات الحرارة إلى معدلات قياسية في بعض الأحيان.
التغير المناخي
وبالطبع لا يمكن أن نقرر أن هناك ارتباطا مباشرا بين هذه العاصفة الشتوية الباردة تحديدا والتغير المناخي، فعادة ما تضرب العواصف من هذا النوع الكثير من المناطق في شمال العالم من حين لآخر.
لكن الأبحاث في هذا النطاق تشير إلى أن احترار الغلاف الجوي يسهم في تفتت الدوامة القطبية بمعدلات أكبر من المعتاد، ويرفع ذلك بالتبعية تردد موجات الطقس الشديد البرودة، وكذلك شدتها.
وفي دراسة نشرت بدورية “ساينس” (Science) عام 2021، تبين أن احترار الغلاف الجوي يتسبب أيضا في مط الدوامة القطبية إلى ناحية خطوط عرض سفلى يوما بعد يوم مع ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي يعني أنه حتى مع عدم تفتتها فإن هواءها البارد يمكن أن يصل إلى العديد من المناطق في قارتي أميركا الشمالية وآسيا.