من راتب “بسيط” إلى ثروات طائلة.. لماذا يصبح رؤساء وزراء بريطانيا أثرياء بعد مغادرة المنصب؟ | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
لندن- رغم أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون لا يعيش أفضل أيامه السياسية، إلا أن وضعه المالي تحسن وبشكل كبير بعد مغادرته لمنصب رئاسة الوزراء، لدرجة أن جونسون أصبح من أغنى السياسيين في بريطانيا وذلك في غضون أشهر قليلة.
ويبدو أن جونسون كان على حق عندما نقلت عنه وسائل إعلام بريطانيا تذمره من الراتب “الزهيد” الذي يتلقاه كرئيس للوزراء (168 ألف جنيه إسترليني في السنة) بينما يمكنه أن يجني الملايين لو أنه غادر المنصب، وبالفعل فقد نجح جونسون في مراكمة ثروة كبيرة بدون بذل الكثير من الجهد مباشرة بعد استقالته من منصب رئيس وزراء وكذلك بعد استقالته من البرلمان.
وتعكس قصة جونسون في جني ثروة طائلة بعد مغادرة المنصب، ظاهرة في الساحة السياسية البريطانية يشترك فيها جل رؤساء وزراء بريطانيا، الذين بمجرد مغادرتهم للمنصب حتى تصبح مداخيلهم السنوية تعد بملايين الجنيهات.
جونسون ومراكمة الثروة
وحسب التصريح بالممتلكات الذي قدمه بوريس جونسون إلى البرلمان في مارس/آذار الماضي، فقط بلغ مجموع مداخيله خلال 6 أشهر من مغادرة منصب رئيس الوزراء أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني، إلى جانب راتبه كبرلماني والذي يبلغ 84 ألف جنيه إسترليني سنويا.
ومن خلال هذا التصريح يظهر أن جونسون كان يكسب 25 ألف جنيه إسترليني في اليوم الواحد، خلال الأشهر الستة التي أعقبت استقالته من منصبه، وهو ما جعله صاحب أعلى دخل في صفوف كل زملائه في البرلمان البريطاني.
ونجح جونسون في جني هذه المبالغ من خلال 3 موارد أساسية أولها المحاضرات التي يلقيها، حيث حصل على مبلغ 2.49 مليون جنيه من وكالة “هاري وولكر” (Harry Walker) الأميركية المتخصصة في استضافة زعماء وقادة الرأي في العالم، ووقع جونسون عقدا مع هذه الوكالة لإلقاء خطب خلال العام الحالي، علما أنه حصل على مليون جنيه إسترليني من نفس الوكالة مقابل محاضرات ألقاها خلال العام الماضي.
كما حصل جونسون على مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني مقابل إلقاء محاضرة لصالح مجموعة اقتصادية هندية عملاقة تدعى “أديتيا بيرلا ماندجمنت” (Aditya Birla Management)، إضافة لحصوله على مبلغ 246 ألف جنيه إسترليني من “بلومبيرغ سنغافورة” مقابل محاضرة له هناك.
أما مصدر الدخل الثاني لجونسون فهو من توقيع عقود لتأليف الكتب، وحصل على دفعة أولية من دار النشر “هاربر كولينز” قيمتها 510 آلاف جنيه إسترليني، مقابل حصول هذه الدار على الحقوق الحصرية لنشر السيرة الذاتية لجونسون والتي يعكف على كتابتها، ومن المتوقع أن يصل عقد هذا الكتاب إلى أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني.
كما حصل جونسون على 88 ألف جنيه إسترليني مقابل كتاب يؤلفه عن وليام شكسبير، إضافة لحصوله على مبالغ مهمة مقابل المقالات، وحصل جونسون على مبلغ 3 آلاف جنيه إسترليني على مقال يقول إنه كتبه في أقل من ساعة.
والمصدر الثالث لمداخيل جونسون هو التبرعات التي وصلت إلى مكتبه وأكبرها كان من رجل أعمال شهير يدعى كريستوفر هاربورن والذي تبرع لمكتب جونسون بمبلغ مليون جنيه إسترليني.
ولم تتوقف مداخيل جونسون عند هذا الحد، حيث كشفت صحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية أن جونسون اشترى منزلا فخما في ضواحي العاصمة لندن بمبلغ 4 ملايين جنيه إسترليني، إضافة لمنزل آخر قيمته 3 ملايين جنيه إسترليني في جنوب لندن.
رؤساء وزراء أغنياء
تعتبر رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي من أغنى السياسيين أيضا، بالنظر لماضيها السياسي حيث كانت صاحبة أطول مدة في وزارة الداخلية في تاريخ بريطانيا الحديث ورئيسة وزراء وبرلمانية منذ أكثر عقدين من الزمان، كل هذا جعلها مطلوبة من المراكز البحثية والجامعات، وكانت ثروة تيريزا ماي تقدر بحوالي 2 مليون جنيه إسترليني خلال وصولها لمنصب رئاسة الوزراء، وارتفعت بعد مغادرتها المنصب سنة 2019 إلى 5 ملايين جنيه إسترليني.
وتحصل ماي على مبالغ كبيرة مقابل محاضراتها وخدماتها الاستشارية، حيث حصلت على مبلغ 190 ألف جنيه إسترليني مقابل إلقائها محاضرة في الولايات المتحدة، وعلى مبلغ 160 ألف جنيه إسترليني مقابل محاضرتين لبنك “جي بي مورغان” إضافة أكثر من 400 ألف جنيه إسترليني مقابل 6 محاضرات لصالح مؤسسة “خطباء كامبردج” (Cambridge Speakers)، في الولايات المتحدة.
كما كان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون يحصل على أكثر من 150 ألف جنيه إسترليني مقابل الساعة في كل محاضرة يلقيها، إضافة لمداخيل كتبه، واشتغاله مع مؤسسات دولية، من بينها شركة “غرين سيل كابيتال” (Greensill Capital)، التي كانت تمنح كاميرون مليون جنيه إسترليني في السنة مقابل خدماته الاستشارية، وتقدر ثروة كاميرون بحوالي 50 مليون جنيه إسترليني.
رئيس الوزراء الأغنى
ويبقى رئيس الوزراء البريطاني الشهير توني بلير أغنى رئيس وزراء سابق في بريطانيا، حيث نجح في إبرام الكثير من العقود مع مؤسسات عملاقة، مثل المؤسسة المالية “زيوريخ” وبنك “جي بي موغا” وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والفكرية العالمية.
وعلى امتداد هذه السنوات أصبح توني بلير من أغلى المتحدثين في العالم، حيث يحصل على أكثر من نصف مليون جنيه إسترليني مقابل المحاضرة الواحدة، وحسب صحيفة ذي صن (The Sun) البريطانية فإن ثروة توني بلير تبلغ حاليا 100 مليون جنيه إسترليني، بعد تأسيسه لمؤسسة “توني بلير للتغيرات العالمية”، إضافة لاستثماراته في العقار التي تبلغ قيمتها أكثر من 40 مليون جنيه إسترليني.