استشهاد واعتقالات وهدم.. الاحتلال يلاحق عائلة خرّوشة الفلسطينية بالعقاب الجماعي | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
نابلس – بعد سنوات واجهت فيها مرارا اقتحام الاحتلال منزلها واعتقال زوجها وأبنائها، تعيش الفلسطينية رمزية خروشة (أم خالد) الآن حالة من الخوف والقلق بانتظار تنفيذ الاحتلال قراره بهدم منزلين لعائلتها في مخيم عسكر للاجئين شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية.
قبل 26 فبراير/شباط الماضي لم يكن الخوف قد تسلل إلى بيت العائلة كما هي الحال بعد هذا التاريخ، حيث قلب الاحتلال حياتها إلى “جحيم” وحالة من “العقاب الجماعي” المفتوحة، كما تقول أم خالد، منذ أُعلن أن زوجها عبد الفتاح خروشة هو منفذ إطلاق نار استهدف سيارة مستوطنين وأدى إلى قتل اثنين منهم في بلدة حوارة المجاورة.
هذا العقاب الجماعي بدأه الاحتلال آنذاك في بلدة حوارة أولا، حيث أغلق محالها التجارية التي تزيد عن 300 محل، وأحرق المستوطنون متاجر أخرى وتسببوا في خسارة فاقت 5 ملايين دولار أميركي، فضلا عن تحويل الشارع الرئيسي في القرية، الذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، إلى ثكنة عسكرية.
ملاحقة واغتيال
مباشرة بعد عملية حوارة، بدأ الاحتلال مطاردة الزوج الذي لم تعرف العائلة مصيره لأيام، إلى أن فُجعت في السابع من مارس/آذار الماضي باغتياله في عملية عسكرية واسعة لجيش الاحتلال بمخيم جنين شمال الضفة، والتي تزامنت مع عملية اقتحام واسعة لمنزلها والعبث بمحتوياته واعتقال أبناء الشهيد.
وفي بيتها المهدد بالهدم، تحدثت أم خالد للجزيرة نت عن أصعب لحظات الإرهاب والعنف التي عاشتها وأبناؤها تزامنا مع استشهاد زوجها. وتقول “مارس الاحتلال عنفه منذ اللحظة الأولى، حيث اقتحم المنزل واحتجز الجنود ابني محمد (25 عاما) في غرفة نومي وانهالوا عليه بالضرب المبرح، وجرّوه إلى الاعتقال ودمه ينزف، ثم هددوني وطفلتي الصغيرة بإطلاق النار علينا حال اقتربنا منه”.
وتزامنا مع ذلك، كان جنود آخرون يقتحمون منزل نجلها خالد (27 عاما) ويعتقلونه من بين أطفاله أيضا.
ولم تمضِ أيام كثيرة حتى داهم الاحتلال المنزل، واعتقل الابن الثالث وهو قسام خروشة (20 عاما) وأودعه الاعتقال الإداري مباشرة (احتجاز من دون تهمة)، في حين لا يزال الاحتلال يحاكِم شقيقيه خالد ومحمد بعد تحقيق استمر شهرين ونصف الشهر.
الهدم فوق ذلك
لوهلة ظنّت أم خالد أنّ معاناتها ستتوقف عند اعتقال أبنائها واستشهاد زوجها، لكن الاحتلال عاد ليقتحم منزلها من جديد ويأخذ قياساته تمهيدا لهدمه، ثم يصادر مركبة نجلها قسام بعد تحطيمها. لكن الأصعب والأشد مرارة تضيف أم خالد “اقتحام منزل ابني خالد والإخطار بهدمه أيضا”.
كان منزل نجلها الأكبر خالد الملجأ الذي ستأوي إليه العائلة التي تنتظر هدم منزلها، فإليه نقلت ما تبقى من أثاثها الذي نجا من اقتحامات الاحتلال وعمليات التخريب.
وتشير معلومة نشرها موقع الجزيرة نت إلى أنه منذ عام 2004 وحتى مايو/أيار 2022 هدمت سلطات الاحتلال 269 منزلا كإجراء عقابي لفلسطينيين نفذوا أعمال مقاومة، في حين يشير مرصد شيرين الإلكتروني (أطلق حديثا تخليدا للشهيدة شيرين أبو عاقلة) إلى أن الاحتلال هدم 122 منزلا خلال العام 2023، منها 7 منازل لشهداء وأسرى اتهموا بتنفيذ عمليات مقاومة، وأغلق منزليْ شهيدين في القدس.
حياة متوترة
أم خالد تعيش بالمنزل حياة لحظةٍ بلحظة خشية اقتحامه وهدمه في أي لحظة، فهي لا تتزود بالطعام إلا زاد يومها وبقليل من الملابس، وما تبقى من أثاث ظلت تستخدمه للضرورة بعد أن تلقت وعودا من أقاربها بنقله لحظة الهدم المنتظرة، وحتى ألعاب أحفادها يعيدونها معهم بعد زيارتهم لها، أما أوراق العائلة الثبوتية فباتت تلازمها كظلها بحقيبة خاصة أينما تتنقل.
وأمام كل هذه الضغوط ترفض أم خالد إخلاء المنزل وتركه “لقمة سائغة للاحتلال” كما تقول، وتضيف أن الهدم وحده سيجعلها تغادره وطفلتها ذات الـ11 عاما، فهو المكان الذي عملت سنوات برفقة زوجها لبنائه قبل 30 عاما وبه عاشت آخر وأجمل ذكرياتها معه، ولا تريد أن تكرر مشهدا عاشته عائلتها وعائلة زوجها قسرا بعدما هجّرهم الاحتلال من مدينة اللد في نكبة عام 1948.
وقبل تنفيذه عملية حوارة واستشهاده، قضى عبد الفتاح خروشة (أبو خالد) 6 سنوات في سجون الاحتلال، واعتقل أبناؤه الثلاثة أيضا وقضوا فترات متفاوتة.
عقاب بأشكال مختلفة
وضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تعيشه عائلة خروشة، سحب الاحتلال تصاريح خاصة لبعض أقاربها كانت تمكّنهم من دخول مناطق الخط الأخضر بغرض العمل.
وبشكل مباشر، نكَّل الاحتلال بزوجة الشهيد وزوجة ابنها خالد في محكمة سالم العسكرية الإسرائيلية أثناء حضورهما محاكمته حيث وجهت له “تهما خطيرة” استدعت هدم منزله إلى جانب هدم منزل والده.
إلى جانب ترقبّها هدم منزلي العائلة، تتخوف أم خالد والجيران من ضرر كبير سيلحق بالمنازل الملاصقة بسبب تفجير المنزل أو هدمه.
فضلا عن مصير أبنائها المجهول في غياهب السجون، لا سيما محمد الذي يعزله منفردا منذ3 أسابيع بعدما اتهمه الاحتلال بالاعتداء على شرطي داخل السجن.
منذ شهرين لم يعد الليل سكنا لها، إذ تتناوب أم خالد السهر مع طفلتها حتى مطلع الفجر خشية اقتحام مفاجئ لهدم بيتها، مما يزيد معاناتها الصحية التي فاقمتها الهجمات المتكررة على عائلتها.