رئيس الوزراء اللبناني يقول إن الضربات الموسعة تشير إلى رفض إسرائيل للهدنة
بيروت: قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة، فيما اتهمها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بـ”العناد” في المفاوضات.
وجاءت الهجمات الإسرائيلية وسط تعثر المحادثات بين مبعوثين أمريكيين في إسرائيل في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.
وجدد ميقاتي التأكيد على التزام لبنان المستمر بالقرار الدولي 1701 وبنوده.
ورأى ميقاتي أن “توسع إسرائيل المتجدد في نطاق عدوانها على المناطق اللبنانية، وتهديداتها المتكررة للسكان بإخلاء مدن وقرى بأكملها، وتجدد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت بغارات مدمرة، كلها مؤشرات تؤكد ذلك”. رفض إسرائيل كافة الجهود المبذولة لضمان وقف إطلاق النار تمهيداً للتطبيق الكامل للقرار الدولي 1701.
وقال: إن التصريحات الإسرائيلية والإشارات الدبلوماسية التي تلقاها لبنان تؤكد تعنت إسرائيل في رفض الحلول المطروحة والإصرار على نهج القتل والدمار.
وهذا يضع المجتمع الدولي برمته أمام مسؤولياته التاريخية والأخلاقية لوقف هذا العدوان”.
ونفى ميقاتي مزاعم مصدرين من رويترز يوم الجمعة بأن الولايات المتحدة “طلبت من لبنان إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد لضخ زخم في المحادثات المتوقفة بشأن اتفاق لإنهاء الأعمال العدائية”.
وقال مكتبه الإعلامي إن موقف الحكومة اللبنانية “كان واضحا بشأن السعي إلى وقف إطلاق النار من الجانبين وتنفيذ القرار 1701”.
وجاء تحذير ميقاتي فيما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي 14 غارة على أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت بعد أسبوعين من الهدوء الحذر في المنطقة.
وطالت الغارات برج البراجنة والرويس وحارة حريك والحدث وطريق المطار القديم.
واستهدفت 12 غارة بعلبك الهرمل، مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا، بينهم عائلات بأكملها.
وفي الأمحازية وحدها، استشهد 12 شخصاً في مداهمة، معظمهم أطفال، فيما قتلت امرأة وأصيب خمسة في مداهمة في طرايا غرب بعلبك.
وقتل ثلاثة أشخاص في حربتا، فيما قتل آخر في كسرنبا.
قبل الغارات، أرسل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، تحذيرات إخلاء للسكان في حوالي الساعة 3.30 صباحًا، أعقبها إطلاق نار كثيف من قبل أعضاء حزب الله لتنبيه السكان النائمين في المناطق المستهدفة.
وخرج الناس من منازلهم وهم يرتدون ملابس النوم، حاملين أطفالهم في الشوارع القريبة من طريق المطار القديم، وهي إحدى المناطق المستهدفة
وخلال فترة هدوء نسبي استمرت أسبوعا، عاد العديد من سكان ضاحية بيروت الجنوبية إلى منازلهم التي لم تتأثر بالغارات السابقة.
وأحدثت الغارات دماراً واسعاً في هذه المناطق التي يعتبرها الجيش الإسرائيلي مربعاً أمنياً لحزب الله، رغم أن اللبنانيين يعتبرونها منطقة سكنية.
وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في بيان لها، الجمعة، عن قلقها إزاء “تأثير العمليات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية في لبنان”.
وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت إن الضربات الإسرائيلية على مدينتي صور وبعلبك الأثريتين، موطن الآثار الرومانية المدرجة في قائمة اليونسكو، تعرض التراث الثقافي اللبناني للخطر.
وقالت هينيس بلاسخارت في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “المدن الفينيقية القديمة الغارقة في التاريخ معرضة لخطر كبير من أن تُترك في حالة خراب”، مضيفة أن التراث الثقافي اللبناني “يجب ألا يصبح ضحية أخرى في هذا الصراع المدمر”.
وجاءت مناشدتها فيما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: “منذ أيلول/سبتمبر الماضي أهدرت إسرائيل أكثر من فرصة للتوصل إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 واستعادة الهدوء وإعادة النازحين إلى جانبي الحدود”.
وشدد على “التزام لبنان بتنفيذ القرار 1701 باعتباره الخيار الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين”.
وقال النائب ميشال موسى، عضو كتلة التنمية والتحرير النيابية، إن بري “أبلغ بأن مفاوضات وقف إطلاق النار وصلت إلى طريق مسدود”.
وقال موسى إن إسرائيل لم تبد أي نية للتفاوض، ويبدو أن انتظار الانتخابات الأمريكية هو “نقطة تحول مهمة”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائه مع المبعوثين الأميركيين الخاصين عاموس هوشستين وبريت ماكغورك، الخميس، إن إسرائيل “مصممة على مواجهة التهديدات في الشمال”. وأي وقف لإطلاق النار مع حزب الله في لبنان يجب أن يضمن أمن إسرائيل.
وأضاف: “هناك ضغوط لتحقيق التسوية في لبنان قبل الأوان، والواقع أثبت عكس ذلك.
وقال نتنياهو: “لم أحدد موعدا لنهاية الحرب، لكنني حددت أهدافا واضحة للنصر”. نحن نحترم القرارين 1701 و1559، لكنهما ليسا الشيء الرئيسي”.
واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية، التي استمرت صباح الجمعة ونهارا، شقة سكنية في بلدة قماطية في عاليه، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أفراد من عائلة تسكن هناك وإصابة خمسة.
كما استهدفت عشرات البلدات في الجنوب والبقاع الشمالي بعد أن تحولت مدينة بعلبك إلى مدينة أشباح نتيجة تجدد التحذيرات الإسرائيلية من عودة مهجريها.
وشملت الهجمات الإسرائيلية على محافظة بعلبك الهرمل والبقاع الأوسط 1035 غارة جوية، أدت إلى مقتل 528 شخصا وإصابة 1069 آخرين.
وبحسب تقرير لجنة الطوارئ الوزارية فإن الحصيلة ارتفعت إلى 2822 قتيلا و12937 جريحا منذ الهجوم الأول الذي شنته إسرائيل على لبنان قبل نحو 14 شهرا.
وقدر النائب عن حزب الله حسين الحاج حسن، أن نحو 60 ألف شخص نزحوا من بعلبك والهرمل، والرقم يحتاج إلى تحديث يوميا.
وفي تقرير عن عملياته الميدانية ضد الجيش الإسرائيلي، قال حزب الله إن “أكثر من 95 جنديا قتلوا وأصيب 900 آخرون، وتم تدمير 42 دبابة ميركافا” منذ بدء الهجوم البري. “تم إسقاط ثلاث طائرات بدون طيار من طراز هيرميس 450 وطائرتين من طراز هيرميس 900. وقال حزب الله إن القوات الإسرائيلية تحاول عدم التحرك أو تغيير مواقعها في الحقول خوفا من استهدافها.
وزار قائد قوات اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو، الجمعة، ميقاتي وبري لبحث العمليات العسكرية المستمرة ضد لبنان والصعوبات والتهديدات التي تواجهها اليونيفيل أثناء قيامها بمهمتها.
وشدد ميقاتي على أهمية “الالتزام بدور اليونيفيل والاعتراف بأهميتها في الجنوب وعدم المساس بقواعد عملها والمهام التي تقوم بها بالتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني”.
وفي إسرائيل، دوت صفارات الإنذار في عدة مستوطنات في منطقة الجليل، تزامنا مع إعلان إسرائيلي “رصد إطلاق نحو عشرة صواريخ من لبنان، تم اعتراض بعضها وسقوط بعضها الآخر في مناطق مفتوحة”.
وأعلن حزب الله عن استهداف “كريات شمونة وحاتسور هجليليت وكيدمات تسفي ويسود همعالا وكرميئيل” ومجموعة من الجنود بالقرب من بلدة الخيام الحدودية اللبنانية.
أفادت وكالة الأنباء السعودية أن طائرة الإغاثة السعودية السابعة عشرة، التي يديرها مركز الملك سلمان للإغاثة والإغاثة السعودية، هبطت يوم الجمعة أيضا في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وعلى متنها مساعدات غذائية ومأوى وطبية.