رسائل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من العراق | سياسة
بغداد- وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، صباح الأربعاء الماضي، إلى العاصمة العراقية بغداد على رأس وفد رفيع المستوى في زيارته الخارجية الأولى بعد توليه منصبه، وتستغرق 3 أيام بدعوة رسمية من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وشملت الزيارة 6 محافظات عراقية وهي بغداد وأربيل والسليمانية وكربلاء والنجف والبصرة. وفور وصوله إلى بغداد، زار بزشكيان موقع اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
وحسب بيان مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، فإن “السوداني وبزشكيان رعيا توقيع 14 مذكرة تفاهم في عدة مجالات بينها التعاون التدريبي والشباب والرياضة والتبادل الثقافي والفني والآثاري والتربية والإعلام والاتصالات وتفويج المجاميع السياحية الديني المناطق الحرة والزراعة والموارد الطبيعية”.
نقطة وصل
كما كشفت وزيرة الطرق والتنمية الحضرية الإيرانية فرزانه صادق عن محادثات مع بغداد لاستكمال المشروع الإستراتيجي لربط السكك الحديدية بين الشلامجة والبصرة، بحسب وكالة إيلنا الإيرانية.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، صرح الرئيس الإيراني بأنه تمت مناقشة الأوضاع الجيوسياسية للبلدين الذين يُعتبران نقطة وصل بين أوروبا وآسيا، فضلا عن تشكيل لجنة خبراء في هذا الصدد. وأوضح أنهما بحاجة إلى تنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني الثنائية من أجل التصدي “للإرهابيين والأعداء الذين استهدفوا استقرار وأمن المنطقة في الماضي”.
من جانبه، أكد السوداني أن العراق لن يسمح لأي جهة بالاعتداء على إيران انطلاقا من أراضيه. وقال إن “الشراكة مع طهران ركيزة أساسية لتطلعات الشعبين، وروابطنا تاريخية ومتينة وقديمة بين البلدين”.
وقدّم بزشكيان للسوداني “لوحة تضمّنت رسالة من قائد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، جدد فيها تقديره وشكره للعراق حكومة وشعبا.
من جهة ثانية، استقبل الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد نظيره الإيراني في قصر بغداد. وأكد رشيد “أن إيران دولة جارة مهمة للعراق ولها مكانتها الإقليمية الكبيرة في دعم واستقرار المنطقة”، حسب بيان رئاسة الجمهورية العراقية.
من جانبه، أكد بزشكيان حرص إيران على تمتين العلاقات مع العراق في شتى الميادين.
والتقى مع زشكيان رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، بحضور السوداني وعدد من قادة الإطار التنسيقي، كما التقى مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان.
دلالات
وخلال لقائه رجال الأعمال والناشطين الاقتصاديين الموجودين في العراق بمبنى السفارة الإيرانية في بغداد، قال بزشكيان “لقد جئنا إلى العراق من أجل تسهيل عمل رجال الأعمال والمستثمرين الإيرانيين لدى هذا البلد”.
وأكد أن التعامل التجاري والاقتصادي بين البلدين، صفقة ذات اتجاهين ويجب أن يستفيد منها الطرفان، مشددا على ضرورة إنشاء فرق عمل خاصة ووضع خطة طويلة الأمد لتذليل العقبات وتطوير التبادلات التجارية والاقتصادية والاستثمار بين الجانبين.
وزار الرئيس الإيراني إقليم كردستان العراق، حيث عقد -فور وصوله- اجتماعا مع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس حكومته مسرور بارزاني، كما التقى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، موجها له الدعوة إلى زيارة طهران. كما زار المراقد الدينية بمحافظتي النجف وكربلاء والبصرة في ختام زيارته إلى العراق.
ووفق رئيس كتلة خدمات في مجلس النواب العراقي عزيز شريف المياحي، لزيارة بزشكيان إلى العراق عدة دلالات تصب في مصلحة البلدين الجارين الشقيقين، وحملت رسالة إلى جميع الدول “التي راهنت على دق إسفين بينهما”.
وقال -للجزيرة نت- إن الرئيس الإيراني اختار بغداد أول محطاته الخارجية في رسالة واضحة بأهمية العراق وحرص طهران على ديمومة العلاقات بين البلدين. مشيرا إلى وجود ملفات عدة ذات الاهتمام المشترك تم طرحها خلال الزيارة إضافة إلى توقيع 14 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة.
وحسب المياحي، حمل العراق على عاتقه خلق بيئة مناسبة للإعمار والاستقرار بالمنطقة وقام بدور الوساطة بين دول المنطقة في مناسبات عديدة، “لوأد الفتن وتقريب وجهات النظر خدمة لشعوبها. وأكد أن “زيارة بزشكيان مرحب بها وندعم -ضمن دورنا في مجلس النواب- جميع الاتفاقيات التي تصب بمصلحة الشعب العراقي”، مرجحا أن تفتح الزيارة آفاقا جديدة من التعاون على جميع المستويات بين البلدين.
سياسة مختلفة
من جانبها، أكدت الخبيرة بالعلاقات الدولية نداء الكعبي أن إيران -بعهد بزشكيان- رفعت شعار السياسة المختلفة، مما جعل العراق وأهميته بالمنطقة هو المحطة الأولى التي تركز عليها جولات الرئيس الإيراني بالعالم.
وقالت الكعبي -للجزيرة نت- إن الزيارة مهمة جدا، وإن في اختيار بزشكان بغداد رؤية مختلفة عمن سبقوه من رؤساء إيران حيث تكون زيارتهم الأولى إلى الأمم المتحدة، بالتالي تدل على أهمية العراق في منطقة غرب آسيا والداخل الإيراني.
وبرأيها، تتطلع إيران إلى لعب العراق دور الوساطة بمحاور عدة خصوصا مع دول الخليج وتخفيف العقوبات من قبل واشنطن، موضحة أن الزيارة لها منافع اقتصادية كبيرة، إضافة إلى الفوائد المرجوة من المذكرات والاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين.
من ناحيته، أوضح رئيس مؤسسة “آفاق العدالة للدعم القانوني” يحيى الواجد، أن توقيت الزيارة -مع توترات المنطقة والعالم- يحمل أهمية كبيرة سواء فيما يتعلق بالعدوان على غزة أو الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أن الزيارة جاءت في توقيت مهم وخطر جدا، خصوصا في ظل الاتفاقيات المبرمة بين بغداد والتحالف الدولي لسحب القوات الأجنبية من العراق، وأن هنالك ملفات عديدة عالقة بين بغداد وطهران “تستوجب الحل”.
وتحدث الواجد عن وجود “تداخل بين المحاور، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو سياسية، ولا يمكن التركيز على واحدة منها دون الأخرى”. ونوه إلى وجود “الفصائل المسلحة والتي تبدأ ارتباطاتها مع إيران انطلاقا من اليمن وصولا إلى سوريا ولبنان مرورا بالعراق، بالتالي فإن هذا المحور قد يكون مطروحا ضمن زيارة بزشكيان إلى بغداد”.