إنه اليوم الأول لعالم جديد.. لوتان: هذا ما تصدر الصحف غداة أحداث 11 سبتمبر؟ | سياسة
قبل 12 سبتمبر/أيلول 2001 لم يكن أحد يتحدث عن 11 سبتمبر بـ”أل العهدية” بل كان يوم الثلاثاء هذا قبل 23 عاما مجرد يوم عادي في التقويم قبل أن يصبح الحدث المعروف اليوم، وفي ذلك التاريخ استيقظت وسائل الإعلام مترنحة، وهي على يقين من دخول عصر جديد.
بهذه المقدمة ألقت لوتان -في تقرير بقلم ليو تيشيلي- نظرة على ما تصدر الصحف العالمية غادة 11 سبتمبر/أيلول 2001، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تحيي تلك الذكرى الدامية.
وتذكرت الصحيفة أن كُتاب الافتتاحيات تحدثوا يومها عن بيرل هاربور، وقدرت لوتان نفسها أنه “إذا كان هناك هجوم بعد السابع من ديسمبر/كانون الأول 1941، فسوف يكون هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001″. وإذا كان قصف القاعدة البحرية الأميركية أكد دخول واشنطن في الحرب العالمية الثانية، فسوف يثير سقوط البرجين التوأمين نفس النوع من ردود الفعل و”الهجمات التي ارتكبت ضد رموز القوة المالية والعسكرية الأميركية تستحق إعلان الحرب” ولكن على من؟
إنه العام صفر، والباب أمام نوع جديد من المواجهة والعدو، كما اعتبرته صحيفة إلباييس الإسبانية آنذاك وقالت إنه “عمل من أعمال الإرهاب المفرط، وبداية قرن” وتابعتها لوموند الفرنسية التي رأت أنه بداية “عالم جديد، أظهرت فيه القوة العظمى ضعفها في مواجهة الإرهاب المفرط”.
اتهام بشكل أعمى
كنا نظن أن واشنطن لا يمكن المساس بها، ولكن أعمدة الدخان المتصاعدة من وسط مانهاتن ألقت بظلال من الشك على هذا اليقين، كما أشارت صحيفة نيو زريتشر تسايتونغ الألمانية وقالت “إن الإرهابيين أرادوا إظهار الضعف الأساسي للمجتمعات الاستهلاكية الغربية ومجتمعات التكنولوجيا المتقدمة في مواجهة الجناة الذين لن يخجلوا من أي خسة. لقد نجحوا بشكل رهيب في هذه المظاهرة بالجحيم الذي ألقوا فيه بنيويورك وواشنطن يوم الثلاثاء”.
ورأت صحيفة نيويورك تايمز في ذلك الوقت أن أعداء أميركا كانوا يتقدمون ووجوههم مكشوفة، في وقت كان فيه السوفيات والشيوعيون يمثلون الشر الأعظم، فكانت نهاية صيف 2001 بمثابة علامة فارقة فـ”لم يحمل الانتحاريون الجدد في القرن الـ21 أعلاما ولا علامات مميزة. كانوا يختبئون وراء المواطنين العاديين، وكان هدفهم الأميركيين العاديين. فمن خلال اختطاف طائرات مدنية والاندفاع بها إلى مركز التجارة العالمي والبنتاغون، استخدموا إمكانية الوصول إلى مجتمع مفتوح لإلحاق الضرر به”.
لم تر وقتها غارديان وجها للمقارنة مع بيرل هاربور، لأن واشنطن استيقظت من فراشها بسبب تهديد جاء من لا مكان فـ”هذه المرة لم يكن هناك بوق ولا صفارة إنذار جوية ولا إعلان مفتوح للأعمال العدائية، ولا إنذار نهائي أو مسبق” إن غياب الوجه والاسم وغياب المعنى يشكل جزءًا أساسيا من رعب أحداث الأمس المروعة والمثيرة للدهشة حقا.
وربما يكون الهجوم قد أدخل بلداً بأكمله في حالة حداد، لكن الصحافة تبحث بالفعل عن المسؤولين وتحاول توجيه أصابع الاتهام إلى الجناة، وقد وجهت صحيفة وول ستريت جورنال اتهامها بشكل أعمى نحو الشرق الأوسط قائلة “يحق لنا أن نعتقد أن هذا من عمل المشتبه بهم المعتادين صدام وطالبان وملالي إيران، وغيرهم من الطغاة الذين يستشهدون بالأصولية الإسلامية لتبرير الإرهاب”.
تنفسي بعمق يا أميركا!
في أعقاب الهجوم، ظل بعض طواقم التحرير يرغبون في مستقبل لا يغرق البلاد في الاندفاع الحربي المتهور، إذ رأت صحيفة شيكاغو تريبيون أن “الرد الذي يركز فقط على الشعور بالانتقام لا يمكن أن يرضينا”. وتبنت واشنطن بوست نفس الرأي ولكنها أعربت عن تحفظات جدية بشأن الموقف الذي سيتعين على الولايات المتحدة تبنيه للرد.
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة “يجب أن تقاوم إغراء استخدام القوة قبل الأوان” ولكن إذا تبين أن الهجوم تم التحريض عليه في الخارج، فعندئذ سيكون عملا من أعمال الحرب ويجب التعامل معه على هذا النحو، وذلك ما قامت به إدارة بوش الابن.
ويبدو أن كلمات غارديان ما زال يتردد صداها بعد 23 عاما فـ”علينا أن نحترس من أي رد فعل مفرط من جانب الأميركيين، وخاصة على المستوى العسكري. الإغراء الحالي هو جعل شخص ما يدفع ويدفع، خذي نفسا عميقا يا أميركا!”. إلا أن صحيفة “لوتون” كانت أكثر تنبؤا وخلصت إلى أن “أميركا إذا دخلت الحرب، فإن العالم يدخل معها”.