من تقصد روسيا بمناوراتها البحرية الكبيرة بمشاركة الصين؟ | سياسة
موسكو- تواصل البحرية الروسية مناورات “المحيط 2024” للقيادة والأركان الإستراتيجية والتي انطلقت يوم 10 سبتمبر/أيلول الحالي وتستمر 6 أيام بمشاركة وحدات من سلاح البحرية الصيني.
وتجري المناورات في مياه المحيطيْن الهادي والمتجمد الشمالي والبحر المتوسط وبحريْ قزوين البلطيق.
ويشارك فيها أكثر من 400 سفينة وغواصة وسفينة دعم، ونحو 120 طائرة ومروحية من الطيران البحري التابع للقوات البحرية والقوات الجوفضائية و7 آلاف وحدة من الأسلحة والمعدات، وأكثر من 90 ألف جندي.
رسائل تحذير
برأي الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين، فإن المناورات الحالية تظهر بشكل واضح تطور التعاون العسكري بين روسيا والصين في منطقة القطب الشمالي واستعداد بكين لمشاركة موسكو في التصدي لهيمنة الولايات المتحدة “المتلاشية”.
وفي حديث للجزيرة نت، يضيف ليتوفكين أن المناورات استعراض للقوة وتحمل رسائل تحذير للدول الغربية بأن روسيا لن تتردد في حماية حدودها ومصالحها القومية، كما تنص على ذلك عقيدة الدفاع الروسية التي تركز على التصعيد واسع النطاق من قبل دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) للأوضاع قرب حدودها.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في البداية عن مشاركة “شركاء أجانب” في التدريبات، قبل أن تنشر وكالة تاس الروسية لقطات لالتقاء السفن الحربية الروسية والصينية في خليج بطرس الأكبر في بحر اليابان.
وأوضح القائد العام للبحرية الروسية، ألكسندر مويسيف، أن 4 سفن حربية صينية تشارك في المناورات إضافة إلى زورق إمداد و15 طائرة “لوضع إجراءات عملية للدفاع عن الاتصالات البحرية ومناطق النشاط الاقتصادي البحري”.
وتعد مناورات “المحيط 2024” أحد أهم الأنشطة التدريبة والقتالية للقوات الروسية، وتتمثل في التحقق من الاستعداد القتالي للوحدات والتشكيلات التابعة للقوات البحرية والجوفضائية الروسية وضمان تماسك التنسيق فيما بينها.
إجراء منطقي
وشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -من خلال خدمة الفيديو- في متابعة انطلاق المناورات، وقال في كلمة له إن “الولايات المتحدة تحاول الحفاظ على هيمنتها العسكرية والسياسية العالمية بأي ثمن. ولهذا الغرض، تحاول إلحاق هزيمة إستراتيجية ببلدنا باستخدام أوكرانيا”.
وتابع أن “واشنطن، وبحجة مواجهة التهديد الروسي المزعوم واحتواء الصين، وباستخدام أقمارها الصناعية، تعمل على زيادة وجودها العسكري قرب حدود روسيا الغربية وفي القطب الشمالي وفي منطقة آسيا والمحيط الهادي” وأن الإدارة الأميركية تثير سباق تسلح “دون مراعاة أمن حلفائها الأوروبيين والآسيويين”.
وشدد بوتين على ضرورة أن تكون بلاده مستعدة لأي تطور في الأوضاع وصد أي عدوان عسكري محتمل في أي اتجاه، بما في ذلك مناطق المحيطات والبحار، موضحا أن سلاح البحرية يلعب دورا رئيسيا في ذلك.
من جانبه، اعتبر الكاتب السياسي يرغي بيرسانوف أن المناورات البحرية، التي تأتي على خلفية الحرب في أوكرانيا والتهديدات والتحديات المتعلقة بمناورات الناتو والوضع الدولي عموما، هي إجراء منطقي تماما من جانب روسيا يدفعها إلى الرد.
ويوضح للجزيرة نت أن هذه المناورات تتزامن مع تكثيف المنظومة الغربية لمحاولاتها دفع كييف لزيادة الهجمات على روسيا، حيث “تتدفق المعلومات الاستخبارية مثل النهر من الولايات المتحدة إليها لتحقيق هذا الهدف”.
ووفق بيرسانوف، فإن التدريبات واسعة النطاق التي تشارك فيها الإمكانات البحرية بأكملها هي اختبار للاستعداد القتالي والتيقن من نجاح تنسيق العمليات الدفاعية والقيام بها. وأضاف أن تعدد مناطق هذه المناورات واتساع رقعتها، وعدم اقتصادرها على بحر بعينه، يأتي في سياق الاستعداد لمواجهة أي خطط هدفها اختلاق العديد من بؤر التوتر حول الحدود البرية والبحرية لروسيا.
قلق متزايد
وتأتي مناورات موسكو بعد بدء الناتو سلسلة مناورات قرب الحدود الروسية تستمر حتى نهاية فصل الخريف، تحت إشراف الجنرال بالجيش الأميركي كريستوفر كافولي.
ففي الفترة من 11 إلى 20 سبتمبر/أيلول الجاري ستقام في ألمانيا مناورات تتضمن تدريبات عملياتية على تخطيط وتنفيذ مهام لدعم وتعزيز القوات العسكرية. ومن 30 من الشهر الجاري وحتى 11 أكتوبر/تشرين الأول المقبل ستجرى في اليونان تدريبات عسكرية أطلسية تحت إشراف القيادة الموحدة للطيران الحربي.
وقبل ذلك، انطلقت في الثامن من الشهر الجاري مناورات عسكرية كيميائية وبيولوجية في سلوفاكيا، وذلك بعد مناورات “المحارب الشجاع” في المجر التي بدأت نهاية الشهر الماضي.
ومن المقرر إجراء مناورات “هامر 2024” من 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني القادمين في فنلندا، إضافة إلى مناورات بحرية في تركيا وبلغاريا وإسبانيا وإيطاليا ولاتفيا.
وإضافة إلى قلقها المتزايد من تنامي التعاون العسكري بين موسكو وبكين، بدأت واشنطن تتحدث في الآونة الأخيرة عن قلقها إزاء ما تصفه بالنشاط المتزايد للسفن الروسية في المناطق التي تمر فيها خطوط الاتصالات الدولية تحت الماء، وترى أن موسكو ربما تكون تستعد عبر ذلك للقيام بعمليات “تخريبة” هناك.
ورغم أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لم تقدم أي دليل على أن موسكو تخطط لأعمال من هذا النوع، فإن مسؤولين عسكريين أميركيين أشاروا عدة مرات إلى أن وزارة الدفاع الروسية أنشأت أسطولا هائلا من السفن والغواصات والطائرات البحرية بدون طيار.