ميشال بارنييه.. قروي نزل من جبال الألب وصعد سلم السياسة في فرنسا | الموسوعة
10/9/2024–|آخر تحديث: 10/9/202409:50 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
ميشال بارنييه سياسي ودبلوماسي فرنسي ولد عام 1951 في جبال الألب جنوب شرقي البلاد. مارس السياسة منذ شبابه، ويحسب على ما يعرف في فرنسا بالتيار الديغولي، نسبة إلى الزعيم الفرنسي شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة.
تولى مناصب كثيرة بدءا من رئاسة البلدية في منطقته الجبلية، وصولا إلى مناصب رفيعة في الاتحاد الأوروبي، مرورا بمناصب وزارية أخرى في حكومات فرنسية مختلفة منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين.
انزوى إلى الظل نهاية 2021 بعد أن أخفق في نيل ثقة حزبه “الجمهوريون” للترشح باسمه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2022، لكنه عاد إلى السياسة الفرنسية من بابها الواسع بعد أن عينه الرئيس إيمانويل ماكرون في الخامس من سبتمبر/أيلول 2024 رئيسا للوزراء، وأصبح بذلك أكبر رئيس حكومة في تاريخ الجمهورية الخامسة.
مولد ونشأة ميشال بارنييه
ولد ميشال جان بارنييه في التاسع من يناير/كانون الثاني 1951 في بلدة لاترونش القريبة من مدينة غرونوبل بمقاطعة إيزير التابعة لمنطقة صافوا الجبلية جنوب شرق فرنسا.
قضى طفولته في بلدتي ألبيرفيل وبورغ سان موريس، وكان أبوه مديرا لمنشأة صناعية صغيرة للمنتجات الجلدية والنسيجية.
والدته اسمها دينيس دوران (توفيت عام 2013)، حدث أن توفي أحد أحفادها في حادث مروري، فدفعها ذلك إلى تأسيس جمعية سمتها “رابطة محاربة العنف على الطرق”.
قال ابنها ميشال عنها بتأثر في حفل تسلم مهامه رئيسا للوزراء “أنا محظوظ، لأنه كانت لدي أم رائعة، كانت تحول كل المشاكل التي تواجهها في حياتها اليومية إلى قضايا عامة”.
وأضاف بارنييه -وهو الأصغر بين 4 إخوة كلهم ذكور- “لهذا فقد كرست حياتها لقضية هي الآن موضوع مشروع قانون يتحدث عن المرور والأمن في الطرقات وحوادث السير، كما انشغلت بمعاناة الأسر التي يعاني أحد أفرادها من الأمراض العقلية”.
ومما رواه ميشال بارنييه في الحفل نفسه عن أمه أنها كانت يسارية مسيحية، وكان هو في شبابه يمينيا ديغوليا، فنصحته في أول تجمع انتخابي له في حياته عام 1977 قائلة “اسمع يا بني، لك أن تتبنى الأفكار التي تريد، لكن إياك أن تكون طائفيا، فالطائفية علامة ضعف، وعندما تكون طائفيا فمعنى ذلك أن أفكارك وقناعاتك ليست راسخة”.
تزوج من إيزابيل ألتماير عام 1982 وأنجبا 3 أطفال، هما التوأمان نيكولا وبنيامين (39 سنة) وأختهما لايتيتيا. وقد حذا نيكولا حذو أبيه واقتحم ميدان السياسة وترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019 لكنه لم ينجح، والتحق بوظيفة إدارية في مجلس الشيوخ الفرنسي، وينشط من حين لآخر مع أمه في أعمال إنسانية أبرزها في دولة هاييتي.
أما لايتيتيا فهي طبيبة نفسية، وإضافة إلى ذلك تعمل في مركز تابع لوزارة الخارجية والشؤون الأوروبية، في حين أن أخاها بنيامين فضل العمل في المجال الثقافي والأدبي.
زوجة ميشال بارنييه محامية من مواليد عام 1955، وتنشط هي الأخرى في جمعيات لحماية الطفولة، وتنحدر من عائلة مسيحية كاثوليكية، وهي الأخت الكبيرة لـ5 إخوة، اثنان منهما يعملان منتجين في مجال السينما.
دراسة ميشال بارنييه وتكوينه العلمي
درس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة ألبيرفيل، ثم انتقل إلى مدينة ليون حيث التحق بفرع المدرسة العليا للتجارة التي يقع مقرها الرئيسي في باريس.
تخرج في المدرسة العليا للتجارة عام 1972 رفقة زميله آنذاك جان بيير رافاران، الذي أصبح هو الآخر فيما بعد رئيسا لوزراء فرنسا.
تجربته السياسية
يجر ميشال بارنييه وراءه أكثر من نصف قرن من العمل السياسي، ومما يفتخر به في مسيرته السياسية أنه مناصر منذ طفولته للزعيم الفرنسي شارل ديغول وأفكاره وتوجهاته، وانضم إلى تياره وعمره 14 عاما.
هذا القروي الذي نزل من جبال الألب ليس من نخبة باريس السياسية، ولا من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة، التي أنجبت كثيرا ممن أداروا دفة الدولة، لكنه رغم ذلك صعد سلم السياسة الفرنسي من أسفل درجاته إلى قمته.
انتمى منذ شبابه إلى حزب الاتحاد من أجل الدفاع عن الجمهورية، ومارس السياسة فعليا وهو في العشرينيات من عمره، وفي النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين اشتغل مستشارا لعدة وزراء، وفي سن الـ27 كان أصغر نائب برلماني في تاريخ فرنسا آنذاك، إذ اختير لتمثيل منطقته في المؤسسة التشريعية عام 1978.
عضو في حزب الجمهوريين (يمين الوسط)، أو ما يعرف باليمين التقليدي الفرنسي، لكنه منذ بدايته مع حزب الاتحاد من أجل الدفاع عن الجمهورية وإلى حزب الجمهوريين، مر بعدة أحزاب منها التجمع من أجل الجمهورية والاتحاد من أجل حركة شعبية، وصار بسبب تجربته السياسية الغنية “يحظى بشعبية كبيرة بين أعضاء اليمين في البرلمان دون أن يكون مصدر إزعاج لليسار”، حسب تعبير إحدى الصحف الفرنسية.
تولى مناصب وزارية عدة في حكومات فرنسية مختلفة منذ 1993، ونال عضوية مجلس النواب من 1978 إلى 1993، وعضوية مجلس الشيوخ من 1995 إلى 1999، كما انتخب عضوا في البرلمان الأوروبي عام 2009.
عام 1995 عينه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وزيرا مكلفا بالشؤون الأوروبية، وشارك في المفاوضات المتعلقة بمعاهدة أمستردام، وكان من المساهمين في إخراج الدستور الأوروبي إلى الوجود.
وفي 2004 عينه شيراك مجددا وزيرا للخارجية، واشتهر آنذاك برحلاته المتكررة إلى الشرق الأوسط لبحث سبل الإفراج عن الصحفيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، اللذين خطفتهما جماعة مسلحة في العراق.
عام 2016 كلفته اللجنة الأوروبية بقيادة المفاوضات مع بريطانيا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وأشرف بذلك على تنفيذ “قرار الطلاق” بين الاتحاد والمملكة المتحدة.
أخفق عام 2021 في الحصول على ترشيح حزب الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2022، فانزوى واعتزل العمل السياسي إلى أن عينه الرئيس إيمانويل ماكرون رئيسا للوزراء.
مناصب ميشال بارنييه ومسؤولياته
تولى ميشال بارنييه مناصب كثيرة منذ شبابه، وتجاوزت شهرته وتأثيره السياسي حدود فرنسا، إذ شغل مناصب سامية في الاتحاد الأوروبي. ومن أبرز المسؤوليات التي تولاها:
- عينه رئيس الوزراء عضوا في اللجنة العليا للشباب والرياضة والترفيه عام 1971.
- نائب في مجلس النواب من 1978 إلى 1993، وفي مجلس الشيوخ من 1995 إلى 1999.
- تولى رئاسة المجلس البلدي لمنطقة صافوا في 1982.
- ارتبط اسمه بتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في منطقته عام 1992.
- وزير البيئة عام 1993 ووزير مكلف بالشؤون الأوروبية عام 1995.
- مفوض أوروبي مكلف بالسياسات الجهوية عام 1999.
- وزير خارجية فرنسا عام 2004.
- وزير للفلاحة والصيد البحري عام 2007.
- نائب في البرلمان الأوروبي عام 2009.
- مندوب التجارة الداخلية في الاتحاد الأوروبي عام 2010.
- من 2010 إلى 2014 تولى منصب المفوض الأوروبي المكلف بالتجارة الداخلية والخدمات.
- في 2016 قاد مفاوضات مع بريطانيا بشأن البريكست إلى أن تم توقيع اتفاق عام 2021.
- عينه ماكرون في الخامس من سبتمبر/أيلول 2024 رئيسا للحكومة بعد أزمة سياسية تلت انتخابات برلمانية مبكرة.
مؤلفات ميشال بارنييه
كتب ميشال بارنييه عدة مؤلفات، بعضها يتحدث عن تجربته السياسية، وبعضها ذو حمولة فكرية وثقافية. ومن أبرز هذه المؤلفات:
- عاشت السياسة (1985).
- التحدي البيئي (1991).
- نحو بحر مجهول (1994).
- ميثاقنا من أجل التناوب (2001).
- إخراج أوروبا من الأفكار الجاهزة (2005).
- أوروبا، أوراق على الطاولة (2008).
- من سيطعم العالم؟ من أجل ثورة زراعية جديدة (2008).
- خيار أوروبي: الراحة أو الحرية (2014).
- الوهم الكبير، أسرار البريكست (2021) تحدث فيه عن تجربته في مفاوضات البريكست.