زاهر جبارين.. رئيس حركة حماس في الضفة الغربية | الموسوعة
سياسي فلسطيني وعضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ساهم في تأسيس فرع الجناح العسكري للحركة –كتائب عز الدين القسام– في الضفة الغربية.
نسبت إليه إسرائيل المسؤولية عن عمليات نفذتها المقاومة في الضفة وقتل فيها جنود وعناصر شرطة إسرائيليون. اعتقل عام 1993 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، قضى منها 18 عاما قبل أن يفرج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى التي عقدتها حماس مع إسرائيل عام 2011 مقابل الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط.
وبعد خروجه من السجن أبعد خارج فلسطين واستقر في تركيا وكلف بملف الأسرى في حركة حماس والشؤون المالية.
وفرضت عليه الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 عقوبات وعلى قيادات أخرى من الحركة، إذ حظرت التصرف في أي ممتلكات باسمه ومنعت أي مواطن أميركي بصفة عامة من التعامل معه أو “مع الكيانات التي يمثلها”.
انتخب نائبا لرئيس حماس في الضفة الغربية صالح العاروري عام 2021، وبعد اغتيال العاروري في الثاني من يناير/كانون الثاني 2024 في بيروت، أصبح زاهر جبارين القائم بأعمال رئيس الحركة في الضفة.
كما أنه عضو وفد التفاوض حول الهدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في الحرب التي شنها الاحتلال على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المولد والنشأة
ولد زاهر علي موسى جبارين في 18 سبتمبر/أيلول 1968 بمدينة سلفيت في الجزء الشمالي الغربي من الضفة الغربية.
تربى في أسرة مكونة من 9 أفراد، وله شقيقان و4 شقيقات.
بدأ المواظبة على الصلاة صغيرا حين كان في الصف الثالث الإعدادي، ودأب على ارتياد المساجد في بلدته سلفيت، التي كانت تسمى “موسكو الصغيرة” لأنها كانت تعتبر مركز الشيوعية في تلك الفترة.
كان ذهاب فتى صغير إلى المسجد في تلك الفترة أمرا غريبا وغير مألوف، حسب ما روى في كتابه “حكاية الدم من شرايين القسام”، إذ كان معظم مرتادي المساجد من كبار السن.
ولم يمنعه صغر سنه من المشاركة في إقامة الأنشطة والاحتفالات الدينية في المسجد، رغم الاستهجان الذي لقيته هذه المبادرات من الذين لم يتعودوا على هذه الفعاليات في مساجد البلدة.
توفيت والدته وهو في السجن يقضي حكما بالمؤبد، ورفضت السلطات الإسرائيلية السماح له بحضور جنازتها، أما والده فمات بعد سنة من الإفراج عنه ولم يستطع رؤيته وجها لوجه بسبب إبعاده خارج فلسطين.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس سلفيت، ثم انتقل إلى نابلس لاستكمال دراسته الجامعية في تخصص الشريعة الإسلامية بجامعة النجاح الوطنية، ولم يحصل على شهادة البكالوريوس بسبب اعتقاله.
تعلم في فترة سجنه اللغة العبرية وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة العبرية.
النشاط النضالي والسياسي
انضم في المرحلة الجامعية إلى الكتلة الإسلامية وكان من روادها، إذ تصدر المظاهرات الطلابية خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، وكان مسؤولا عن توزيع المنشورات في الضفة الغربية.
ومن أعمال المقاومة الأولى التي نفذها كتابة عبارات مناهضة للاحتلال على الجدران. وكان واحدا من 5 شباب أسسوا فرع حركة حماس في سلفيت.
كما كان مسؤولا عن وحدة تسمى “السواعد الرامية”، كانت مهمتها تنظيم المظاهرات ورشق جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة والكتابة على الجدران.
بعد خروجه من الاعتقال عام 1991 شكل خلايا القسام الأولى في الضفة الغربية مع عدنان مرعي وعلي عاصي ويحيى عياش، وكان دورها الكشف عن العملاء وخطفهم والتحقيق معهم.
وعمل كذلك مع رفاقه على جمع التبرعات لشراء الأسلحة وتجنيد المقاومين وإعداد مجموعات مسلحة لتنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي.
التقى في هذه الفترة بالشيخ صالح العاروري واتفقا على تطوير العمل المقاوم، وكانت أول عملية استشهادية يساهم في تجهيزها هي العملية التي نفذها الشاب محمد بشارات من طمون قرب طوباس.
فقد ارتدى الشاب زيا عسكريا يشبه ملابس جنود الاحتلال وحمل سلاحا قصيرا من نوع “إم 16” ونفذ عمليته في ديسمبر/كانون الأول 1992 في التلة الفرنسية، وقتل فيها جندي وأصيب آخرون.
اعتقل عدد من قيادات حركة حماس في الضفة الغربية بعد هذه العملية وأصبح زاهر جبارين مطاردا من الاحتلال الإسرائيلي.
وخلال فترة مطاردته ذهب زاهر إلى بير زيت والتقى في جامعتها مع يحيى عياش وعرض عليه الانضمام إلى العمل العسكري واتفقا على تطوير أساليب المقاومة عبر تصنيع المواد المتفجرة.
حدد عياش المواد اللازمة لصنع المتفجرات وبعد أن صنعها، ذهب الأربعة: زاهر جبارين ويحيى عياش وعلي عاصي وعدنان مرعي، إلى مكان بين بلدتي قراوة بني زيد وفرخة التابعتين لرام الله لتجربة العبوة المتفجرة، لكن التجربة فشلت.
وبعد أسبوع من هذه المحاولة، تم اكتشاف الخلل في العبوة الأولى وإصلاحه وأجريت التجربة الثانية بحضور الأشخاص أنفسهم ونجحت، وكانت تلك بداية العمليات التفجيرية والاستشهادية التي حملت توقيع المهندس يحيى عياش.
سنوات الاعتقال
اقتحم الجيش الإسرائيلي بلدة سلفيت في الخامس من يناير/كانون الثاني 1988، وحدثت مواجهات عنيفة، أصيب خلالها زاهر برصاصة في رجله اليسرى.
وبعد انسحاب الجيش في المساء، نقله والده وعمه في سيارة إلى المستشفى في نابلس، وفي الطريق عند قرية إسكاكا المجاورة، أوقفهم كمين نصبه جنود الاحتلال فألقوا القبض عليه وهو مصاب وقضى شهرا في التحقيق والتعذيب، قبل أن يتم الحكم عليه بالسجن 8 أشهر تنقل فيها بين معظم المعتقلات الإسرائيلية منها الفارعة ومجدو وعتليت والنقب.
اعتقل مرة أخرى في بداية سنة 1991، وتم التحقيق معه في طولكرم والمسلخ، وحكم عليه بـ10 أشهر ثم أفرج عنه.
وفي الأول من أبريل/نيسان 1993 اعتقلته إسرائيل وحُكم عليه بالسجن 3 مؤبدات و35 عاما، ونسبت له المسؤولية عن الوحدة القسامية الخاصة التي خططت وخطفت الجندي الإسرائيلي “نسيم طوليدانو” وتصفيته عام 1992، وتزويد خلية بسلاح نفذت به عمليات أدت إلى مقتل شرطيين إسرائيليين.
وصفته الصحافة الإسرائيلية عند اعتقاله بأنه يقف خلف تأسيس أخطر المجموعات التي شكلتها حماس في تاريخها. وفي عام 1998، أعيد زاهر للتحقيق 3 أشهر بعد اكتشاف علاقته بخلايا “شهداء من أجل الأسرى” القسامية التي كانت تخطط لاختطاف جنود وضباط إسرائيليين بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
وبعد إنهاء التحقيق معه، وضع في زنزانة للعزل الانفرادي قضى فيها عامين، ولم يخرج منها إلا عام 2000 بعد الإضراب الشهير الذي نظمه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية وطالبوا فيه بإخراج المعتقلين من زنازين العزل.
اختاره أسرى سجن عسقلان ليكون ممثلا عن أسرى حركة حماس في لجنة حوار أسرى الفصائل الفلسطينية مع إدارة السجن.
بعد قضائه 18 عاما في السجن، أفرج عنه في صفقة “وفاء الأحرار” لتبادل الأسرى عام 2011 وأبعد خارج فلسطين.
النشاط السياسي بعد الحرية
بعد الإفراج عنه، انتقل إلى سوريا ومنها إلى تركيا حيث استقر وأصبح مسؤولا ماليا لحركة حماس ويدير مشاريع تدر تمويلات للحركة.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على زاهر جبارين بوصفه رأس المكتب المالي لحماس إلى جانب قيادات أخرى من الحركة.
وتعني العقوبات حظر التصرف في أي ممتلكات للأشخاص أو الكيانات المعنية بالعقوبات ومنع أي مواطن أميركي بصفة عامة من التعامل مع هؤلاء الأشخاص أو تلك الكيانات.
انتخب جبارين نائبا لصالح العاروري رئيس حركة حماس في الضفة الغربية للفترة ما بين 2021 و2025، وبعد اغتيال العاروري شغل مهمة القائم بأعمال رئيس الحركة في الضفة.
شارك في المفاوضات التي احتضنتها العاصمة القطرية الدوحة بشأن الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة ضمن وفد حركة حماس.
نشرت عنه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية مقالا وصفته فيه بأنه يمثل إمبراطورية مالية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات تمول الأعمال العسكرية لحماس، بما فيها عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وذكرت أن زاهر جبارين هو مهندس العلاقات المالية لحركة حماس مع إيران، وأنه المسؤول عن تحويل الأموال إلى قطاع غزة منذ سنوات متجاوزا العقوبات الدولية الغربية من خلال قنوات في عدة دول بالشرق الأوسط.
وأضافت أنه مسؤول أيضا عن إدارة محفظة من الشركات التي توفر تمويلا ثابتا لحركة حماس، فضلا عن إدارة شبكة من المانحين ورجال الأعمال من القطاع الخاص الذين يستثمرون لصالحها.
مؤلفات
في سجن عسقلان المركزي ألف كتابا عنوانه “حكاية الدم من شرايين القسام” عام 1998، وثق فيه تاريخ كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية، وتجربة الرجال الأوائل للقسام والعمليات التي نفذت، وتحدث فيه عن الأخطاء التي ارتكبت والعراقيل التي واجهت العمل العسكري في بدايته.
حاول إخراج هذا الكتاب من السجن عن طريق رسائل الخط الصغير فاكتشفت السلطات الإسرائيلية ذلك وأتلفتها، ووضعته في سجن انفرادي سنوات عدة ثم أعاد المحاولة مرة أخرى ونجحت، ونشر الكتاب بعد عام من إطلاق سراحه.