جون هاغي.. القس الأميركي الذي يدفع نحو الحرب العظمى باسم المسيح | سياسة
هو رجل دين لن تخطئ وأنت تستمع لخطاباته أمام أنصاره لتلحظ مقدار اللغة الإقصائية التي تحملها، وتدرك سريعا أنه يتحدث لطائفته بأشياء لا تعتمد كثيرا على المنطق وتستبطن في الآن ذاته استعداء لبلاد وأديان أخرى. فهو على سبيل المثال كان قد أشار أكثر من مرة إلى أن الله أرسل هتلر ليكون مقدمة لإنشاء إسرائيل.
قد تعتقد أن هذا حدثا عاديا يحدث في كل بلاد العالم وفي مختلف الأديان والطوائف، لكنك ستعرف أن الأمر أبعد من ذلك حين تدرك أن القس جون هاغي، راعي كنيسة كورنرستون في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأميركية، هو رئيس منظمة معروفة بتأثيرها ونفوذها الكبير على السياسة الأميركية “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”، التي بلغ عدد أعضائها عام 2022، 10 ملايين عضو، أي أن أتباع هذه المؤسسة أكثر عددا من كل اليهود في دولة الاحتلال، وأكثر من عددهم في أميركا.
اقرأ أيضا
list of 2 items
قصة إسلام إنجيلي أميركي.. كيف أصبح تديّن الغزيين نموذج هداية؟
الطوفان والنبوءة والساعة … مرحبًا بك في الأزمنة الاستثنائية!
end of list
يخطئ المتابع إذا افترض أن النقاش مع مؤيدي إسرائيل في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، مبني على أساس الحجة والبرهان. فالحقيقة أن الكثير منهم يتأثرون بأفكار دينية جامدة، بعيدة عن طرق الاستدلال العقلي والمنهجية العلمية التي تعتز بها “الحضارة الغربية”، سواء عن نهاية العالم وحرب هرمجدون المقدسة، وعن عودة المسيح التي لا يؤمن أكثرهم بوقوعها إلا إذا سيطر الاحتلال الإسرائيلي على كل أرض فلسطين التاريخية. وربما يكون أهم المروجين لتلك النظريات والمنذرين باقتراب تلك الحرب العالمية الثالثة والأخيرة، والذي يؤثر إلى حد بعيد في السياسة الأميركية سواء على نحو مباشر أو غير مباشر هو القس جون هاغي.
المسيح قادم.. لكن هذه المرة على دماء الفلسطينيين
يمتلئ العهد القديم بإشارات يرى العديد من أبناء الطائفة الإنجيلية في الولايات المتحدة -وجون هاغي أحد أهم رموزها- أنها واضحة بشأن حرب فاصلة بين الخير والشر سيقودها المسيح في تل مجدو الواقع شمال غرب مدينة جنين، وأن هذا المجيء للمسيح لن يحدث إلا إذا تحققت النبوءة التوراتية بسيطرة اليهود على أرض فلسطين كاملة.
واحدة من أهم تلك الإشارات التي يستند عليها هؤلاء فيما يتعلق بحق اليهود في أرض فلسطين هي مقطع من سفر حزقيال يقول: “وَهَا أَنَا أَحْشِدُ أَبْنَاءَ إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ الَّتِي تَفَرَّقُوا فِيهَا… وَيُقِيمُونَ فِي الأَرْضِ الَّتِي وَهَبْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ… فَيَسْكُنُونَ فِيهَا هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَأَحْفَادُهُمْ إِلَى الأَبَدِ”.
لكن إذا كان الأمر متعلقا بنبوءات الكتاب المقدس، فلماذا لا تُظهر بقية الطوائف الدينية بخلاف الإنجيليين هذا الحماس المفرط تجاه إسرائيل؟
الإجابة باختصار أن الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية تؤمنان بأن الكنيسة قد حلت محل بني إسرائيل باعتبارهم شعب الله المختار، ومن ثم فإن الوعود التي قطعها الرب لبني إسرائيل في العهد القديم قد تم نسخها بشكل أو بآخر. الأمر الآخر شديد الأهمية أن الكنيستين تريان الوعود التي منحت لبني إسرائيل بخصوص الأرض والمملكة، هي وعود روحانية متعلقة بمجيء المسيحية، ولا تعني وعودا سياسية حرفية، كذلك لدى الكنيستين اعتقاد راسخ أن المسيحية قد نسخت أي وضع خاص لقومية أو عرقية بحد ذاتها.
وفيما يتعلق بحرب هرمجدون، فالكنيسة الكاثوليكية تؤمن بعودة المسيح ليهزم الشر وتقوم بعد ذلك القيامة، لكنها لا تركز على سيناريوهات محددة لحدوث ذلك بأن تفرض قوة احتلال نفسها على أرض ما أو خلافه، في حين تنظر الكنيسة الأرثوذكسية إلى حرب هرمجدون بتفسير رمزي، فهي حرب روحية مستمرة بين الخير والشر، سينتصر فيها المسيح بالنهاية.
ورغم أن العديد من الطوائف البروتستانتية مثل الكنائس المشيخية واللوثرية، تؤمن كذلك بالفهم المجازي لحرب هرمجدون، وأن المسيح لن يأتي بشكل حرفي ليحكم العالم 1000 سنة بعد نهاية الحرب، لكن النسبة الأكبر من الإنجيليين والبروتستانت في الولايات المتحدة الأميركية يفسرون تلك الأحداث التي ذكرت في التوراة تفسيرًا حرفيًا ومن ثم فهم يؤمنون بحق إسرائيل الإلهي في الأراضي الفلسطينية، وأن المسيح الدجال سيحارب دولة إسرائيل، ومن ثم سيأتي المسيح ليخلص العالم، ويتحول اليهود إلى المسيحية على إثر هذه العودة. وهنا يأتي دور القس جون هاغي كأحد أهم المروجين لاقتراب حرب هرمجدون وتلك الرؤية الدينية.
لا يرهق جون هاغي نفسه بأن يعطي جمهوره مبررات تاريخية أو منطقية، حتى لو ملفقة، عن حق إسرائيل التاريخي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ يكتفي بحجة دينية بسيطة، قائلا إن الوعد الإلهي في التوراة قد أعطى إسحاق وأولاده أرض فلسطين، وفي المقابل وعد إسماعيل بأن يهب بنيه الكثير من المال (يستشهد هاغي على تحقيق الرب لوعده بالنفط الذي وُهب لأرض العرب).
وبما أن الرب هو الذي يملك الأرض فهذا يعني أنه الوحيد الذي يملك الحق في إعطائها لمن يشاء، وقد أعطى اليهود هذه الأرض، ومن ثم فهو يعتقد أيضا أن تأسيس إسرائيل الحديثة بعد تشريد الفلسطينيين في عام 1948 هو معجزة إلهية، وبالنسبة له فإن إسرائيل لم تتأسس بقرار من مجلس الأمن، أو بقتال العصابات الصهيونية التي دعمها العالم، وإنما بقرار من الرب قبل آلاف السنين.
ومن هذا المنطلق يعتقد جون هاغي أن هؤلاء الذين يدعون لحل الدولتين إنما يرجون لحل “مجنون”، فالرب قد أعطى الأرض مقدما لبني إسرائيل، وربما تكون المفارقة هنا في خطاب هاغي أنه حين ينتقد اليساريين الغربيين الداعين لحل الدولتين يقول إن هذا الحل المجنون ليس ممكنا فحسب فـ”كيف تدعوننا إلى التنازل لمن يريدون قتلنا فقط لأننا نختلف معهم في الدين”. وهو حين يقول ذلك يجد موجات حارة من التصفيق، ولا ينتبه أحد إلى أن هاغي نفسه هو من يدعو للاستيلاء على أراضي الآخرين وشن حرب شرسة ضدهم لأن سيادتهم على أرضهم لا تتناغم مع نبوءته الدينية.
كان الهوس الأميركي بالنبوءات الدينية حول نهاية العالم قد بدأ في سبعينيات القرن الماضي، حين أصبح كتاب “نهاية العالم” للكاتب هال ليندسي الكتاب الأكثر مبيعا في هذا العقد، وهو الكتاب الذي توقع أن نهاية العالم ستكون عام 1988 باعتبار أن الجيل الذي شهد النكبة الفلسطينية وتأسيس دولة إسرئيل عام 1948 هو آخر جيل سيعيش على الأرض. ومن ثم يعد هاغي امتدادا لتقليد شديد التأثير في قطاع واسع من الشعب الأميركي، بل وحتى السياسيين الأميركيين، وهذا القطاع الواسع لا يهتز شغفه بالنبوءات الدينية مع فشل كل تنبؤ تلو الآخر في محاولة إجراء الحسابات لمعرفة النهاية، والموعد المقترب للحرب الكبرى في الشرق الأوسط.
ولجون هاغي بالتحديد قدرة فائقة على الحديث مع جمهوره من الإنجيليين المنتمين للطبقات العليا، فهو يحضر لهم دائما ما يلهب خيالاتهم المتشوقة للنبوءات المثيرة. في إحدى المرات، وهو يشرح لهم ما الذي سيحدث في العالم في السنوات القادمة وفق ما يعتقد أنه ذُكر في التوراة، أحضر لهم عرش الممالك السبع في مسلسل “صراع العروش” وبدأ بتشغيل عرض مثير لهم على الشاشة وهو يحكي كيف سيأتي المسيح ويعقد هدنة تتضمن “حل الدولتين” في الشرق الأوسط، ثم تأتي بعدها جيوش روسيا والاتحاد الأوروبي ومصر لتعلن الجهاد ضد إسرائيل ليعود المسيح ويقتل 4 من كل 5 جنود من تلك الجيوش.
يمتلك الرجل أيضا قدرة مثيرة على لي عنق أي عبارة في التوراة على نحو يجعلها مفسرة لشيء يحدث في الوقت الحالي، وفي الوقت نفسه هو دائمًا يذكر الحضور بطبيعته الخاصة، فهو رجل دائمًا ما تحدث له المعجزات، وواحدة من تلك المعجزات التي يذكرها بفخر كبير باعتبارها معجزة مبهرة هي أنه حين دعا 400 قس للتحالف المسيحي من أجل إسرائيل استجابوا كلهم، وهو يُذكّر جمهوره أيضًا بأنه ذو تواصل مباشر بالسيد المسيح، إذ يقول إنه ذهب لأول مرة إلى إسرائيل عام 1978 كسائح وعاد منها “صهيونيا”، لأنه رأى رجلا عند حائط المبكى يمسك بالتوراة ويبكي في خشوع، فأوحى السيد المسيح لجون هاغي -حسب روايته- بأن “هذا الرجل الذي يبكي هو أخوك الروحي وأنت لا تعلم عنه شيئًا وهو الآن خائف منك، أنا أريد منك أن تفعل كل شيء في وسعك لتجمع المسيحيين واليهود معا في جو من الاحترام والحب”.
ولعل من أهم المفاهيم التي أسهم هاغي في زرعها على نطاق واسع في العقل الإنجيلي الأميركي ثم انطلقت بعد ذلك لتغزو الثقافة بشكل عام، هي فكرة أن انتقاد إسرائيل سيعني باختصار استجلاب لعنة الرب، لأن الرب قد قال في آية من سفر التكوين في العهد القديم موجهة للنبي إبراهيم: “سأبارك أولئك الذين يباركونك، ومن يلعنك سألعنه”، وبحسب تقرير للغارديان، فإن هذه الآية قد تحولت على نطاق واسع في قناعة المسيحيين المؤيدين للصهيونية من إبراهيم لإسرائيل الحديثة، إذ جرى استبدال إبراهيم بالشعب اليهودي في هذا المنظور، بحيث أصبح طريق استجلاب البركة من الرب هو مباركة ما تفعله دولة إسرائيل وجمع التبرعات لها والسياحة في الأراضي التي تحكمها وإعطاء الأصوات الانتخابية لمن يدعمونها، وتجنب انتقادها على أي نحو.
ولا عجب هنا أن هاغي بعد انطلاق عملية فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023 قد ذكر جمهوره على يوتيوب بالآية، وقال بعد ذلك بنشوة عارمة أن إسرائيل بدأت في غزو غزة، وأكد ضرورة دعم إسرائيل في أي قرار ستتخذه وترى أنه الأصلح لحماية شعبها، كما أكد ضرورة أن تدخل الولايات المتحدة في الصراع الدائر.
الأهم من ذلك أن اليهود المؤيدين لإسرائيل وغيرهم يعلمون جيدًا دافع هاغي الأساسي، إنه يريد أن تسيطر إسرائيل على الأراضي العربية، ويريد تسريع الاستيطان، لا لأنه يريد الخير لليهود في أن يتوسعوا في الأرض، ولكن لأنه وفق نبوءته يرى أن ذلك التوسع هو مفتاح عودة المسيح التي ستجعل اليهود يعتنقون المسيحية حين يعرفون الحق كما يعتقد.
يعرف بنيامين نتنياهو ذلك جيدًا، فاليمين الإسرائيلي لا يتصور نهاية التاريخ على النحو الذي يتصوره هاغي بالمرة والذي لا يعد فيه اليهود أكثر من مجرد جنود صغار يمهدون لعودة المسيح الذي لا يؤمنون به، لكن ذلك لم يمنع رئيس وزراء دولة الاحتلال من أن يقول في المؤتمر السنوي لمؤسسة هاغي عام 2017: “إننا لا نملك أصدقاء أعظم من المؤيدين المسيحيين لإسرائيل، فأنا أعلم وقفتكم معنا دائما. أنتم تقفون معنا لأنكم تقفون مع أنفسكم لأننا نمثل ذلك التراث المشترك للحرية الذي يعود إلى آلاف السنين. ليس لأميركا صديق أفضل من إسرائيل وليس لإسرائيل صديق أفضل من أميركا. وليس لإسرائيل صديق في أميركا أفضل منكم”.
المسيحية الصهيونية.. كيف يؤثر هاغي في السياسة؟
“أعتقد أن معظم الناس يتفهمون ضرورة تمويلنا لإسرائيل. إنهم يقاتلون من أجل وجودهم.. بالنسبة لنا نحن المؤمنين، هناك توجيه في الكتاب المقدس بأن نقف إلى جانب إسرائيل، وسنفعل ذلك بلا ريب وسينتصرون طالما كنا معهم”. *رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون.
لا تعد نبوءات جون هاغي التي يشحذ بها العقول الأميركية البيضاء مجرد نبوءات رجل دين تشعل الحماسة في صفوف أتباعه، وإنما هي نبوءات محركة للسياسة. في كتابيها: “النبوءة والسياسة، الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية” و”يد الله، لماذا تُضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل؟” حاولت الصحفية الأميركية غريس هالسل، التي كانت تعمل في البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون أن تبحث عن السر الذي يجعل بلادها تدعم دولة الاحتلال إلى هذا الحد وتبرر لها كل أخطائها، بل وتضحي بمصالحها الإستراتيجية لأجلها، وقد وجدت الإجابة في تشبع العقل الأميركي -سواء من النخبة والمسؤولين وحتى العديد من الرؤساء أو من المواطنين العاديين- بالنبؤات الإنجيلية الصهيونية.
في احتفالية نقل السفارة الأميركية في دولة الاحتلال إلى القدس كان القس جون هاغي حاضرًا مع كبار المسؤلين لـ”يلقي البركات” على عملية النقل التي تثبت الحقيقة وفق اعتقاده، وهي أن تلك الأراضي ملك لليهود منذ 3 آلاف سنة وحتى الآن، وذلك بالطبع وفق تفسيره للكتاب المقدس.
ولا عجب في ذلك فقد صرح نائب الرئيس الأميركي آنذاك الإنجيلي مايك بنس بوضوح: “نحن ندعم إسرائيل بسبب الوعد التاريخي المقدس أن من يدعمهم الآن سينال بركة الرب”، كذلك لم يكن مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، يخجل من استخدام اللغة الدينية الصريحة نفسها، فهو من أكثر المتأثرين بفكرة ضرورة دعم دولة الاحتلال من أجل التسريع بتحقيق نبوءة حرب هرمجدون، وكان يقول إن ترامب هو مبعوث العناية الإلهية لحماية إسرائيل، وقد كان الوعاظ الإنجيليون في عهد ترامب ينظمون دورات خاصة في البيت الأبيض أسبوعيًا لبعض العاملين فيه، من أجل شرح الكتاب المقدس وما يتضمن ذلك من نبوءات آخر الزمان لهم.
ويوجد في الولايات المتحدة الأميركية ما يقارب 80 مليون إنجيلي مسيحي، كما يوجد بشكل مباشر قرابة 40 مليون شخص من أتباع المسيحية الصهيونية التي يعد هاغي أبرز رموزها، ويمتلك هذا التيار بشكل عام 100 محطة تلفزيونية و1000 محطة إذاعية، كما يمتلك 80 ألف قسيس يقومون بأعمال التبشير.
ولا يؤثر جون هاغي في إسرائيل فقط بشكل غير مباشر من خلال التأثير في السياسيين الأميركيين أو الناخبين الأميركيين، ولكن تأثيره يمتد ليصبح مباشرا للغاية وأكثر من مجرد دعم خطابي، فمن عام 2001 إلى عام 2015 تبرعت مؤسسة هاغي بأكثر من 58 مليون دولار للمستوطنات ولأكثر المنظمات الصهيونية اليمينية تطرفا، وقد جمع هاغي في عام 2021 أكثر من 3 مليارات دولار تبرعات لأجل إسرائيل، كما تقوم مؤسسته ببيع أعلام إسرائيل بدولارين للعلم الواحد، وتذهب أموال تلك الأعلام بحسب “تايمز أوف إسرائيل” للأعمال الخيرية بإسرائيل.
ورغم التأثير الطاغي لهاغي ورفاقه على المخيال السياسي الأميركي، فإن أحدث الإحصاءات تكشف أن الأمور قد تتغير في السنوات القادمة، فقد كشف استطلاع أعدته جامعة كارولاينا الشمالية أن الإنجيليين الأصغر سنا أصبحوا أكثر ميلا تجاه فلسطين وقضايا العدالة الاجتماعية، فبعد أن كان 40% منهم مؤيدين لميل الولايات المتحدة لصالح إسرائيل عام 2015، أصبح 21% فقط مؤيدين لهذا الأمر في عام 2018.
وبحسب تقرير للغارديان البريطانية، فإن هاغي الذي يقود الآن الإنجيليين في الولايات المتحدة، هو في الثمانينيات من عمره، ولكن في غضون الأعوام الـ15 القادمة ستصبح هناك قيادات جديدة للمجتمع الإنجيلي، هذه القيادات ستجد نفسها أمام أجيال جديدة تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وهذا سيلعب دوره في تغيير الكثير من الأمور الراسخة الآن.
لطالما كانت الصورة الغربية السائدة هي أن العرب والمسلمين تحديدا غير عقلانيين ويحكمون قصصهم و”أساطيرهم” الدينية في كل حركاتهم، في حين أن الغرب هو منبر العلمانية والانفتاح والعقلانية، ولكن نظرة سريعة على الدور المتعاظم الذي يلعبه هاغي ورفاقه في تشكيل المخيال السياسي الأميركي، فضلا عن حضوره البارز في دوائر صناعة القرار، ودفعه لتصرفات سياسية أميركية منافية لمعايير العدالة الأخلاقية، وتسويغها من خلال النصوص الدينية وحرب هرمجدون المنتظرة، الأمر الذي دفع الكثيرين لكسر أصنام القيم الغربية التي ظلت سائدة لعقود.