أنور الغازي، لاعب كرة قدم محترف وُلِد عام 1995، يحمل الجنسية الهولندية والمغربية، ويلعب في مركز الجناح وكذلك في خط الوسط، وقد بدأ مسيرته في الدوري الهولندي، كما لعب بالفرنسي والإنجليزي والألماني، واشتُهِر في الملاعب باسم “الغازي”، ولعب لمنتخب الطواحين (المنتخب الهولندي) فترة قصيرة.
تعرّض للتوقيف وألغى نادي ماينز الألماني عقده بسبب رسالة مؤيدة للفلسطينيين، وبعد أن أنصفته محكمة ألمانية انتقل إلى نادي كارديف سيتي الإنجليزي.
المولد والنشأة
وُلد أنور الغازي في 3 مايو/أيار 1995 بضاحية باريندريخت، غرب هولندا، لأبوين مهاجرين مغربيين من مدينة العروي جنوب مدينة الناظور الواقعة شمال المغرب.
وصل والد أنور إلى هولندا في سبعينيات القرن العشرين، بحثا عن مستقبل أفضل، في رحلة عبر إسبانيا وبلجيكا، وعمل 26 عاما في مصنع بمدينة باريندريخت، وهو حريص على جمع كل المقالات والمقابلات والصور الخاصة بابنه الوحيد.
أنور هو الابن الوحيد والأصغر وله أخوات ثلاث (نوال ونبيلة وياسمينة)، في عائلة تحتفي بأصولها، حيث تحرص الأم جميلة على تحضير الوجبات المغربية بانتظام، وإشاعة ثقافة بلدها بين أولادها.
يسكن أنور في شرق لندن، ويقول إنه “مدين بأشياء كثيرة” لهولندا، ويضيف “لكن لا يمكنني أيضا نكران الدم المغربي الذي يجري في عروقي، فأنا فخور أيضا ببلدي الأصلي”.
أصبح مركز الجناح الهجومي في صيف عام 2022 أَبا لطفل من زوجته التي كانت زميلته بالمدرسة الثانوية، ويصف ابنه بأنه “أفضل شيء في حياته”.
البدايات الكروية
عندما كان صَبِيا في الخامسة من عمره بدأ أنور لعب كرة القدم في فريق “بي في في” المحلي في باريندريخت عام 2000، وهناك تعلّم أساسيات وقواعد اللعبة.
وفي عام 2006 التحقَ بأكاديمية فينورد للشباب، لكنه غادرها عام 2008 بعد تَلَقِّيه إنذارين بدعوى أنه لم يكن يهتم للتوجيه.
حكى عن ذلك في حوار عام 2018 مع موقع “إلفويتبول” الهولندي، وقال “عدت إلى المنزل وأنا أبكي عندما تلقيت هذه الرسالة من فينورد، وأردت حقا ترك كرة القدم. لكن والدي منعني من ذلك”.
قال له أبوه حينها “حلمك أن تصبح لاعب كرة قدم محترفا، أنت تواجه تجارب في الحياة، ولا يجوز أن تتخلى عن حلمك لمجرد مواجهة صعوبات”.
في خطوة فاصلة في مسيرته الرياضية، استأنف الغازي في نادي سبارتان للهواة، الذي ظل فيه لمدة عام.
وسرعان ما انتقلَ إلى سبارتا روتردام، وشحذ مهاراته في أكاديمية الفريق خلال 4 مواسم، وأثبت جدارتهُ.
انْبَهر أياكس أمستردام -أحد الأقطاب الثلاثة لكرة القدم الهولندية- بمستوى الفتى وإمكاناته التي ظهرت في الفئات العمرية بسبارتا، فسارع إلى التعاقد معه مقابل 5 آلاف يورو في يوليو/تموز 2013.
لعب حينئذٍ في الفريق الرديف “جونغ أياكس” تحت 19 عاما، واستطاع المنافسة في دوري الشباب، وسجل هدفي الفوز 2-1 على سيلتيك.
بعد عام من العروض الجيدة مع فريق الشباب، استفاد في سن الـ19 من فرصة كاملة للتدريب مع الفريق الأول.
8 أهداف في 150 دقيقة فقط من اللعب خلال المعسكر التحضيري، جعلته أفضل هداف في أياكس قبل بداية موسم 2014-2015.
وبسبب أدائه المتميّز انتقاه المدرب فرانك دي بوير في تشكيلة الفريق، وظهر أوّل مرّة في كأس السوبر الهولندي (درع يوهان كرويف).
في افتتاح الموسم، سجل المشاركة الرسمية الأولى له، وخرج حينئذٍ من مقاعد البدلاء ليصنع هدفا في الفوز 4-1 على فيتيس.
في 17 أغسطس/آب 2014، سجّل هدفا متميّزا في الدقيقة الـ90 من مباراة الفوز على أريزونا 3-1، وكان الأول له في الدوري الهولندي.
وسجل في المباراتين التاليتين لفريقه ضد ألكمار وبي إس في آيندهوفن، ونجح في حجز مكان أساسي له في الفريق.
لمع نجم الغازي بسرعة قياسية مع أياكس أمستردام في موسمي 2015/2014 و2016/2015، حيث سجل 20 هدفا في 58 مباراة بالدوري الهولندي، على الرغم من أنه لعب جناحا أيمن وجناحا أيسر في مرات أخرى.
وكان أفضل موهبة عام 2015 (جائزة ماركو فان باستن)، كما لعب 5 مرات في دوري أبطال أوروبا.
الاحتراف.. صعود وهبوط
لم يعد أياكس بحاجة إلى الغازي في 31 يناير/كانون الثاني 2017، فبدأ مغامرة جديدة في الدوري الفرنسي الاحترافي، وانتقل مقابل 7 ملايين يورو، بعقد يمتد عامين ونصف عام، إلى نادي “ليل”.
وعلى الرغم من أنه وجد صعوبة في الاستقرار بشمال فرنسا في البداية، إذ شعر “باكتئاب شديد” حسب قوله، لكنه تجاوز ذلك، وأصبح في التشكيلة الأساسية للنادي.
وبالنسبة له كانت خطوة مهمة إلى القمة، بعد أول ظهور له مع نادي “ليل” في 2 فبراير/شباط أمام لوريان، وسجل هدفه الأول في الفوز 1-0 ضد نادي “كان” في 18 من الشهر نفسه.
وأصبح أول لاعب هولندي يسجل هدفا في الدوري الفرنسي بقميص “ليل” منذ الأسطورة باتريك كلويفرت بمرمى رين في فبراير/شباط 2009.
خلال موسمه الأول سجل الجناح المهاري والسريع 4 أهداف، وصنع هدفين في 27 مباراة، مما عزز سمعته، وفي 18 فبراير/شباط 2018، تعرض لإصابة في أوتار الركبة في المباراة ضد “ليون”، ولم يعد للملاعب حتى نهاية الموسم، وكافح لإثبات نفسه أساسيا، لكن انتهى به الأمر على مقاعد البدلاء.
قَرّر الانتقال لنادٍ جديد خارج الأراضي الفرنسية، وبعد أن كان محطَّ اهتمام عدد من الأندية الإنجليزية، اختارَ الانتقال إلى نادي أستون فيلا في صيف 2018 على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد مع بند للشراء.
وهناك استعاد الغازي عافيته، وقدم مستويات جيدة، وسجل 26 هدفا في 126 مباراة وصنع 16 هدفا، وهو ما جعل مدربه دين سميث آنذاك، يثنى عليه بالقول “أنور أثبت للجميع في النادي قدرته على أن يكون لاعبا رائعا بالفريق”.
ظهر مع الفريق الأبرز في مدينة برمنغهام أول مرة في 25 أغسطس/آب، وصنع هدف التعادل مع ريدينغ، وسجل هدفه الأول بعد أسبوع في الهزيمة 4-1 أمام شيفيلد يونايتد.
وتُوج الجناح الهولندي موسمه الأول بالهدف الافتتاحي في نهائي ملحق البطولة عام 2019، والذي ضمن عودة الفيلانز إلى الدوري الممتاز بعد غياب دام 3 سنوات.
فَعّلَت إدارة أستون فيلا عقد شرائه من “ليل” الفرنسي بمبلغ 9 ملايين يورو، في 10 يونيو/حزيران 2019، وساهم في حفاظ أستون فيلا على مكانته بالدوري الممتاز في موسم 2020/2019.
أصبح المهاجم -الذي يبلغ طوله 1.89 متر ويحب اللون الأبيض- من بين 183 لاعبا هولنديا الأكثر شعبية.
عندما تم استبعاده من قِبل مدرب أستون فيلا السابق ستيفن جيرارد بعد 4 مباريات فقط لعبها تحت قيادته على مقاعد البدلاء، قَبِلَ في 13 يناير/كانون الثاني 2022 أن يَتحَمَّل فترة إِعَارَة صعبة إلى إيفرتون في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى نهاية الموسم مقابل 10 ملايين يورو.
لكن الرياح لم تجرِ بما تشتهي سفن الغازي، إذ لم يشارك إلا في مباراتين، وكان فقط لاعبا بديلا.
وفي 30 أغسطس/آب 2022، عاد مرة أخرى إلى الأراضي الهولندية، لكن من بوابة “بي إس في آيندهوفن” مقابل حوالي 2.5 مليون يورو.
كان الظهور الأول للغازي مع الفريق في 3 سبتمبر/أيلول 2022، وسجل 9 أهداف في 33 مباراة، ولم يصنع سوى هدفين، وفي بداية سبتمبر/أيلول 2023 أنهى عقده بالتراضي لرفضه تهميشه على دكة البدلاء، إذ لم يشارك إلا في مباراة واحدة لمدة 4 دقائق فقط أمام فيتيس.
خلال وجوده في البريميرليغ 4 مواسم -3 مع أستون فيلا وواحد مع إيفرتون- شارك في 73 مباراة وسجّل 15 هدفا وقدّم 5 تمريرات حاسمة ولعب 4068 دقيقة.
وتشير الإحصاءات إلى أن الغازي شارك طوال مسيرته في 94 مباراة بالدوري الهولندي، وسجل 28 هدفا، وصنع 15، فيما لعب في 73 مواجهة بالدوري الإنجليزي أحرز خلالها 15 هدفا وصنع 5 أهداف.
مع ماينز.. توقيف وإنصاف
في 21 سبتمبر/أيلول 2023، وقع الغازي عقدا في صفقة انتقال حر بقيمة 5 ملايين يورو لمدة عامين مع نادي ماينز في الدوري الألماني، وحمل القميص رقم 34 وشارك في 3 مباريات فقط بديلا، ولعب 51 دقيقة فقط.
ظهر لأول مرة في 23 سبتمبر/أيلول ضد أوغسبورغ في سن 28 عاما و143 يوما، وآخر مرة في 6 أكتوبر/تشرين الأول مع ماينز ضد بوروسيا مونشنغلادباخ.
وأوقف النادي اللاعب في 17 أكتوبر/تشرين الأول، ومنعه من المشاركة في تدريبات الفريق، لمشاركته على منصة إنستغرام منشورا مؤيدا للفلسطينيين تضمن عبارة “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.
ثم دُعي مرة أخرى للتدريب، وقال النادي إنه تراجع عن موقفه المؤيد للفلسطينيين، غير أن الغازي نفى ذلك، فألغت إدارة النادي عقده في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وعقب ذلك، نشر الغازي رسالة عبر حسابه على إنستغرام قال فيها “قف مع الحق، ولو وحدك. فقداني مصدر رزقي لا يقارن بالجحيم الذي يتعرض له الأبرياء والمستضعفون في غزة”.
في 12 يوليو/تموز 2024 قضت محكمة ألمانية بعدم شرعية فسخ عقد الغازي، مما ألزم النادي بدفع مستحقات اللاعب كاملة طوال تلك الفترة.
وبعد أن فاز بقضيته أمام المحكمة، ودع ملاعب الدوري الألماني وفسخ عقده رسميا في 30 يوليو/تموز مع ماينز، الذي شارك في تأسيسه عام 1905 يوجين سالومون، وهو ألماني من أصل يهودي وكان أيضا أول رئيس للنادي.
فصل جديد
في 30 يوليو/تموز 2024، أعلن نادي كارديف سيتي الويلزي، المنافس في الدوري الإنجليزي الأول “تشامبيونشيب”، تعاقده مع اللاعب أنور الغازي بقيمة 2.50 مليون يورو.
وشارك الغازي -عبر حسابه الشخصي على موقع إنستغرام- صورا بقميص فريقه الجديد، معلقا “اليسر يأتي مع المشقة، وبعد ظلام الأشهر القليلة الماضية، أتطلع إلى هذا الفصل الجديد مع كارديف سيتي”.
اللاعب الذي قال والده إنه “يساند القضية الفلسطينية منذ صغره” و”لا يتردد في الإعلان عن ذلك جهرا، لأنه يؤمن بعدالتها”، تمسك بدعم قطاع غزة بالقول “أتمنى أن تجلب الأشهر المقبلة الرخاء والسلام للجميع، بما في ذلك سكان غزة”.
وأضاف “قف في المكان الصحيح حتى لو كان هذا يعني أن تكون وحيدا. لا أندم ولست خائفا على مركزي، ولن أتراجع عما قلته وما أقف من أجله، سأبقى حتى آخر نفس أتحدث من أجل الإنسانية والمظلومين، لأطفال غزة أحبكم وسأقف دائما معكم”.
مغربي أم هولندي؟
شهد عام 2011 انضمام الغازي لمنتخب هولندا للمرة الأولى في فئة أقل من 17 سنة، وسجل الهدف الذي هزم إيطاليا، ثم لعب لمنتخب أقل من 18 عاما في مباراة ودية ضد النمسا، وأيضا مع فريق أقل من 21 عاما.
وقرر الغازي ذو الأصول المغربية، تمثيل المنتخب الهولندي بدلا من أسود الأطلس، حين تواصل معه مدرب المنتخب المغربي آنذاك بادو الزاكي.
وأوضح أنه استعان بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في حسم اختياره، وقال “لقد فكرت في الأمر كثيرا واستعنت بوالدي وعائلتي ومدربي الشخصي، وحتى بنصيحة من كريستيانو رونالدو”.
ثم أضاف “أخبرني (رونالدو) بأني سأتعرض للانتقاد في كل الأحوال، إذا اخترت هولندا فسيعتقد المغاربة بأنك لست مغربيا حقيقيا، وإذا اخترت المغرب فسيقول الهولنديون إنك لم تهتم بالمكان الذي تربيت فيه”.
بعد ذلك تعرض للتهميش، ولم يمثل المنتخب الهولندي الأول إلا في مباراتين فقط في عام 2015، الأولى ضد المنتخب الكازاخستاني والثانية ضد التشيك، في إطار تصفيات كأس الأمم الأوروبية عام 2016.
وفي 14 مايو/أيار 2021، استدعى المدرب فرانك دي بوير اللاعب الغازي ليكون جزءا من التشكيلة المؤقتة لبطولة يورو 2020، ولم يُدرج اسمه في القائمة منذ ذلك الحين.
لاحقا قال إنه أخطأ في اختيار منتخب هولندا في بداية مسيرته، وأبدى استعداده لتمثيل منتخب المغرب، ونقل عن محمد الغازي قوله إن ابنه “أخطأ في اختياره السابق، لأنه كان صغيرا في السن، ولم نستطع حينها مقاومة رغبته في اللعب برفقة منتخب هولندا”.
واستطاع الغازي (28 عاما) تغيير جنسيته الرياضية إلى بلده الأصلي، بعد جهود من الاتحاد المغربي لكرة القدم، وقال والده “إنه متشوّق لارتداء قميص أسود الأطلس”.
