من وصفات الجدة إلى نجمة ميشلان.. مسيرة طاهٍ فلسطيني في أميركا | منوعات
في شهر مايو/أيار الماضي، استضافت ولاية شيكاغو حفل توزيع جوائز جيمس بيرد، التي تُعد بمثابة “جوائز الأوسكار” في عالم الطهي. تُنظم هذه الجوائز مؤسسة جيمس بيرد، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة الأميركية، تهدف إلى تكريم ودعم الأفراد الذين يسهمون في تعزيز ثقافة الطعام الأميركية، مع التركيز على الموهبة والابتكار في هذا المجال. تُعد جوائز جيمس بيرد السنوية من بين الجوائز الأكثر شهرة في صناعة الأغذية.
وفي ختام الحفل، أُعلن عن الخبر الأبرز، حيث انضم رئيس الطهاة في مطعم “أويستر روب”، روب روبا، الحائز على جائزة “الطاهي المميز” من مؤسسة جيمس بيرد لعام 2023، إلى الكاتبة والطاهية نانسي سيلفرتون للإعلان عن خليفته لهذا العام: مايكل رفيدي.
وأثناء تسلمه الجائزة كان رفيدي ذو الملامح العربية يرتدي الكوفية الفلسطينية، وفي كلمته التي ألقاها بعد تسلمه الجائزة أهدى فوزه “لفلسطين ولكل الشعب الفلسطيني هناك، سواء كان هنا (الولايات المتحدة) أو في فلسطين أو في جميع أنحاء العالم”.
قال رفيدي للحضور: “الشيء الوحيد الذي أفكر فيه الآن هو أجدادي الفلسطينيون وأمي. هذه الجائزة مخصصة لفلسطين”.
رفيدي هو مالك ورئيس الطهاة لواحد من المطاعم الفاخرة في العاصمة الأميركية واشنطن، ويدير أيضًا مقهى في مدينة جورج تاون، حيث يقدم وجبات خفيفة وأطباقًا مستوحاة من المطبخ العربي بلمسة فرنسية.
في فبراير/شباط 2022، ترشح رفيدي كأحد المتأهلين لنصف نهائي جائزة جيمس بيرد لأفضل طاه، وأصبح مرشحًا نهائيًا في الفئة نفسها في عام 2023. ومنتصف عام 2024، فاز بالجائزة.
لم تكن هذه الجائزة الوحيدة التي ترشح لها، فقد كان من بين المتأهلين للنهائيات في عام 2018 لجائزة “الطاهي النجم الصاعد” (Rising Star Chef)، ومرشحًا نهائيًا لعام 2022 لجائزة “طاهي العام” (Chef of the Year) في جوائز “رامي” (RAMMY) لجمعية مطاعم منطقة واشنطن العاصمة. ويُعد رفيدي أحد نجوم المطبخ الجدد في الولايات المتحدة، ويتميز مطعمه بتقديم تجربة غير تقليدية.
فلسطين.. الجذور
رفيدي الذي نشأ بالقرب من واشنطن العاصمة، استلهم فن الطهي من أجداده الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة من رام الله في الأربعينيات. وكان، وفق تصريحاته الصحفية، هو وإخوته يقضون وقتًا في المطبخ مع جدتهم التي تعد الأطباق الفلسطينية التقليدية، في حين كان جدهم يمتلك مطاعم في المنطقة.
يعتز رفيدي بأصول عائلته التي تنتمي لمدينة البيرة الفلسطينية، حيث لا يزال باقي أفراد عائلته يقطنون هناك. ونشر مايكل على صفحته على منصة إنستغرام صورة لمخبز ومطحنة تحمل لافتتها اسم عائلته “رفيدي”، وعلق عليها قائلا: “مطحنة ومخبز رفيدي – مؤسسة عمرها أكثر من قرن في البيرة، فلسطين”.
“يعتبر مطعم ألبي مثالا رائعًا للطهي على النار المفتوحة في أفضل حالاته.. وأطباق رفيدي مليئة بالمفاجآت حيث ينسج نكهات شرق البحر الأبيض المتوسط مع عدد لا يحصى من المكونات المحلية” بهذه الكلمات أشاد دليل ميشلان بمطعم مايكل رفيدي.
يصف رفيدي مطعمه بأنه ليس مطعما فلسطينيا حرفيا، بل هو واحد من المطاعم الأميركية القليلة الفاخرة التي تقدم وصفات فلسطينية، وقد حصل على نجمته الأولي في دليل ميشلان في عام 2022، بعد عامين فقط من افتتاحه.
تعكس قائمة الطعام في مطعم مايكل رفيدي تحديثًا إبداعيًا للمطبخ العربي التقليدي، مستخدمةً تقنيات حديثة لتقديم أفضل ما يقدمه الساحل الشرقي للولايات المتحدة بلمسة فلسطينية مستوحاة من رام الله. تقدم القائمة لمسة عصرية على الأطباق العربية التقليدية، وتشمل أطباقًا مثل حمص السلطعون على طريقة ميريلاند، وحمص الفطر المشوي على الفحم، و”كبة نية” المصنوعة من سمك التونة الأصفر والجزر المدخن. إلى جانب هذه الإبداعات الجديدة، يقدم المطعم أيضًا أطباقًا تقليدية مثل الفتوش، والبطاطا الحارة، والمجدرة، وكباب لحم الضأن.
في البداية كان رفيدي يخشى عدم تقبل الجميع وخصوصا العرب دمجه المكونات الأميركية المحلية مع الأطباق التقليدية العربية، لكن التجربة حققت نجاحا وتميز مطعمه بطابع خاص.
أما عن المقهى الذي يديره رفيدي في ضاحية جورج تاون الراقية، فيحاول الطاهي الأميركي ذو الأصول الفلسطينية تقديم الأطباق الغربية التقليدية الكرواسون والدانش وغيرها من المعجنات، لكنه يدمجها بنكهة شامية فلسطينية مثل السماق والزعتر وزهرة البرتقال التي يعرفها، بالإضافة إلى بعض الأطباق التقليدية مثل البقلاوة والمنقوشة الفلسطينية.
يرى رفيدي أن الطعام وسيلة للتواصل مع الثقافات، كما احتل مطعمه المركز الثاني في قائمة أفضل 100 مطعم في واشنطن وفقًا للقائمة السنوية لصحيفة “واشنطنيان” العريقة، ويعتبر رفيدى مطعمه سفيرًا لفلسطين في الولايات المتحدة، وتحديدًا في واشنطن. كما يمثل مطعمه طريقته لحفظ تقاليد وتراث عائلته ووصفات أجداده.