قرية الطور أعلى قمم القدس التي مر منها الفاتحون | الموسوعة
قرية الطور تقع شرقي القدس المحتلة على سفوح جبل الزيتون المطل على المسجد الأقصى، وتعد من أقدم أحياء المدينة. تاريخيا، شهد الحي مرور جيوش الفاتحين، واحتضن مدافن المسلمين منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
يرجع اسمه إلى “طور زيتا”، أي جبل الزيتون بالآرامية، ويضم العديد من المساجد والكنائس التاريخية، كما يتعرض لمخططات استيطانية تهدف إلى تهويد المنطقة وتقييد التوسع الديمغرافي غربا، للسكان الفلسطينيين.
الموقع
تقع قرية الطور شرقي مدينة القدس المحتلة على سفوح جبل الزيتون المطل على المسجد الأقصى المبارك، وهو الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 826 مترا فوق سطح البحر ومساحته 8808 دونمات (الدونم يعدل ألف متر مربع).
وتعد قرية الطور أحد أقدم أحياء مدينة القدس، يحدها من الشرق المسجد الأقصى المبارك، ومن الغرب الخان الأحمر، ومن الشمال قرية العيساوية، ومن الجنوب العيزرية وأبو ديس. وكانت منطقة الزعيم جزءا من القرية، ولكن فصل بينهما جدار الفصل العنصري.
التاريخ
حطت معظم الجيوش التي أتت لفتح مدينة القدس عبر التاريخ فوق جبل الزيتون، وتوجد فيه مدافن شهداء المسلمين وعلمائهم منذ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
وفي القرن الـ16 تطورت قرية الطور وزاد عدد سكانها حتى وصل إلى 35 ألف نسمة، وكان معظم السكان من المسلمين مع وجود القليل من المسيحيين الذين يسكنون في المنطقة، وخاصة على ضوء العلاقة الدينية التاريخية مع كثرة الأديرة.
وفي فترة الحكم البريطاني اعتبرت هذه القرية جزءا من منطقة بلدية القدس، إلا أنها في فترة خضوعها للحكم الأردني ما بين عامي 1949 و1967 لم تعتبر جزءا من بلدية القدس. وبعد حرب عام 1967، ضمت القرية إلى منطقة القدس التي وقعت بالكامل تحت يد الاحتلال الإسرائيلي.
نتج عن ذلك تقييد التوسع باتجاه السفح الغربي من القرية بسبب وجود قبور لليهود على معظم الأراضي الغربية للقرية، إضافة إلى اتخاذها محمية طبيعية يمنع البناء فيها، ووجود الكنائس في هذه المنطقة، كل ذلك أدى إلى كثافة سكانية في المناطق الشرقية للقرية.
ومن المفترض أن تمتد حدود القرية إلى منطقة الخان الأحمر، لكن وجود شارع استيطاني وجدار الفصل العنصري أدى إلى منع توسعة القرية.
سبب التسمية
يعود تاريخ الحي إلى فترات قديمة تصل إلى ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وأصل التسمية هو “طور زيتا”، أي “جبل الزيتون”، فكلمة “طور” تعني “جبل” باللغة الآرامية.
والاسم الأصلي كان “طور الزيتون”، ومع الوقت اقتصر الاسم على “الطور”، ويقال إن النبي عيسى بن مريم عليه السلام كان يلجأ إليها هربا من أذى اليهود، وإنه رُفع من فوقها إلى السماء.
أهم معالم القرية
توجد في القرية 10 مساجد و7 كنائس، واشتهرت بفعاليات عيد الشعانين، الذي يقام سنويا في البلدة. ومن أبرز معالمها:
- مسجد سلمان الفارسي: وهو من أقدم المساجد في القرية؛ شيد في العهد العثماني ويحمل اسم الصحابي سلمان الفارسي، ويعود تصميم المسجد إلى عام 1910 بعد أن كان لسنوات طويلة داخل مغارة. ويتكون من طابق واحد ومئذنة، إضافة إلى مقام للصحابي سلمان الفارسي، وهو مسجل في قائمة التراث الإسلامي. وعرف هذا المقام عند قلة من المؤرخين والرحالة باسم مقام الخروبة أو شجرة الخرنوبة. وعلى الرغم من أن سلمان الفارسي لم يُجزم بدخوله إلى القدس بعد الإسلام، فإن هناك إشارات إلى زيارته للقدس قبل إسلامه.
- مسجد يقال إن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى فيه يوم فتح بيت المقدس، وهو مسجد قديم أصوله ترجع إلى فترة الخلافة العباسية، حسب ما ذكر المؤرخ المقدسي البشاري عام 996م.
- مقام رابعة العدوية: الذي بني منذ ما يزيد عن 1300 سنة، وهو قبر سيدة صوفية معروفة، وهو موجود بالقرب من كنيسة الصعود، والقبر مبني أسفل الزاوية الأسعدية.
- مسجد الزاوية الأسعدية: وهو مكون من عدة مبان ويقع بالقرب من كنيسة الصعود، التي تعتبر مقدسة لدى المسلمين والمسيحيين. كما بنى فيه الملك الأيوبي عيسى بن أحمد قلعة حصينة. وقد بنيت هذه الزاوية وأوقفها المفتي العام أسعد بن حسن التبريزي، وكانت ملجأ لعابري السبيل والحجاج المسلمين خاصة الصوفية. ويعتقد بأن الشيخ الصوفي محمد العلمي دفن فيها، ولا يزال أحفاده مسؤولين عنها ويديرون وقفها.
ومن أهم الأديرة الموجودة في القرية دير بيت فاجا وكنيسة الصعود وكنيسة المسكوبية ومقام السيدة العذراء.
وفي عام 1888 بنى القيصر الروسي إسكندر الثالث كنيسة للروم، وكانت تشبه الكرملين، وأطلق عليها اسم “كنيسة مريم المجدلية”.
- كنيسة أبانا الذي في جبل الزيتون: وتقع على يمين كنيسة الصعود، ويقال إنها المكان الذى علّم فيه السيد المسيح تلاميذه الصلاة الربانية، وإن هذا هو السبب الذي جعل البيزنطيين يبنونها هناك.
- فندق الأقواس السبعة: وهو أول فندق بني في الفترة الأردنية عام 1964، وأقيمت فيه اجتماعات للمجلس الوطني الفلسطيني، والهيئة التأسيسية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو مطل على المسجد الأقصى المبارك.
وتوجد في القرية 4 مستشفيات، وهي: مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومستشفى المطلع ومستشفى الهلال الأحمر ومستشفى الأميرة بسمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتقدم هذه المساجد أغلب خدماتها لفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة.
مخططات استيطانية
تسعى سلطات الاحتلال لتنفيذ مخططات استيطانية، وتحويل عدد من الأراضي في الحي إلى مسارات للمستوطنين يسلكونها من أجل الوصول إلى حائط البراق.
وتخطط سلطات الاحتلال كي تربط هذه المسارات المستوطنة ببعضها، خاصة في ظل القرب الجغرافي لحي الطور من الجامعة العبرية ومستشفى هداسا وغيرها من المؤسسات الإسرائيلية.
كما صادرت سلطات الاحتلال منذ سنوات ما مساحته 734 دونما من أراضي حي الطور والصوانة لإقامة حديقة تلمودية ضمن مخططات تهويد القدس، وهو ما يوقف التمدد الديمغرافي الطبيعي في الطور والعيساوية، إذ تعد هذه المنطقة الوحيدة التي يستطيع سكان الحي التوسع العمراني فيها.
وتهدم قوات الاحتلال أيضا المنازل والمنشآت في قرية الطور ولا توفر خدمات البنية التحتية، إضافة إلى شنها حملة اعتقالات ضد سكان القرية.
وبدأت مستوطنة بيت آوروت تزحف على القرية منذ باع وسرّب ورثة رجل أعمال مقدسي بيتهم للثري الصهيوني (مسكوفيتش) مقابل ملايين الدولارات عام 1985، ليتحول البيت بعدها إلى مدرسة دينية يهودية.
وفي عام 2010 وافقت بلدية الاحتلال في القدس على إضافة 4 مبان للبؤرة و24 شقة سكنية، وافتتحت حيا سكنيا رسميا عام 2014، وضم إلى حدود 2024 ثلاثين عائلة من المستوطنين.
أما البؤرة الاستيطانية الثانية بعد بيت آوروت في الطور فهي بيت هحوشن، التي نشأت هي الأخرى نتيجة تسريب أحد الأشخاص أرضها للمستوطنين، ويُقال إنه عُثر على جثته محترقة بعد جريمته تلك.