هل يمكن أن يتفوق الأطفال الخدج على أقرانهم؟ | صحة
صنفت دراسة جديدة الأطفال المولودين قبل أوانهم (الأطفال الخدج) إلى 3 مجموعات وفقا لدرجاتهم في الاختبارات التي تقيس الإدراك والسلوك، وقد كشفت الدراسة عن أن بعض الأطفال المولودين قبل الأوان يحققون نتائج أعلى من متوسط الأطفال. التصنيفات الجديدة تمنح الأمل بإجراء تشخيصات مبكرة لبعض الأمراض، مثل نقص الانتباه وفرط النشاط.
الولادة المبكرة
يولد نحو 13 مليون طفل قبل الأوان كل عام، وترتبط الولادة المبكرة بزيادة خطر الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، ومشاكل في النمو الاجتماعي، وانخفاض الدرجات.
ومع ذلك، فإن المشكلة في التحليلات السابقة للولادة المبكرة هي أنها لا تأخذ في الحسبان التنوع الموجود بين الأطفال المولودين قبل الأوان، فمن بينهم الذين يحققون نتائج أفضل من المتوسط للأطفال الذين يولدون في موعدهم. وتشير الولادة المبكرة إلى الولادة قبل 37 أسبوعا من الحمل، بينما تعتبر 40 أسبوعا هي المدة الكاملة.
يميل تصنيف الأطفال المولودين قبل الأوان في مجموعة واحدة إلى إعاقة الجهود الرامية إلى تخصيص الرعاية لكل طفل، وفقا للباحثين. والآن، وجدت الدراسة الجديدة، التي نُشرت يوم 13 أغسطس/آب الجاري في مجلة “تشايلد ديفولبمينت”، أن الأطفال المولودين قبل الأوان يتوزعون في 3 ملفات تعريفية، مع نتائج مختلفة بشكل واضح في الاختبارات التي تقيس الإدراك (التفكير، والاستنتاج، والتذكر) والسلوك (القدرة على الانتباه).
الأداء الأكاديمي
أجرى هذه الدراسة باحثون من كلية الطب بجامعة نيويورك، وعرّفوا أول ملف معرفي عصبي، والذي يشمل 19.7% من جميع الأطفال الذين تم اختبارهم، بأنه يظهر أداء يفوق المتوسط حتى بالنسبة للأطفال الذين يولدون في الموعد على اختبارات الإدراك القياسية. وأظهر الملف الثاني، الذي يمثل 41% من الأطفال، نتائج أعلى من المتوسط في 4 اختبارات (مثل الذاكرة والمفردات والقراءة) وأقل من المتوسط في 3 اختبارات أخرى (التعرف على الأنماط والذاكرة العاملة).
أما الملف الثالث (39.3%) فقد سجل نتائج أقل من المتوسط في جميع الاختبارات، وارتبطت العيوب الإدراكية التي لوحظت في هذه المجموعة بعيوب في الانتباه وانخفاض الدرجات في المدرسة. على وجه الخصوص، حقق الأطفال المولودون قبل الأوان في الملف الأول نتائج أعلى بنسبة 21% في المتوسط في اختبارات الإدراك القياسية مقارنة بأولئك في الملف الثالث. وفي اختبارات السلوك، وجد أن 2.5% من الأطفال في الملف الأول يعانون من عيوب في الانتباه مقارنة بـ9.9% في الملف الثالث.
أما بالنسبة للأداء الأكاديمي، فقد كان لدى 66.47% من الطلاب في الملف الأول معدل درجات (-أ) أو أعلى، و60.69% في المجموعة الثانية، و32.21% في الملف الثالث.
وفي هذا الصدد، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور إيريس مينو، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر الدكتور موريا توماسون، نائب رئيس قسم أبحاث طب الأطفال والمراهقين النفسي، إن “دراستنا تدحض الفكرة القائلة بأن كل طفل مولود قبل الأوان يولد بعيوب إدراكية وسلوكية”.
وأضاف توماسون، المؤلف الرئيسي للدراسة، “الطب النفسي الدقيق لا يستند إلى تشخيص عام، لأن اثنين من المرضى قد يكون لهما التشخيص نفسه، مثل الولادة المبكرة، ولكن تجاربهما قد تكون مختلفة تماما، تسلط دراستنا الضوء على تعقيد الولادة المبكرة، وتعد بتحسين العلاج لكل طفل على حدة”.
الدراسة
حللت الدراسة الحالية البيانات الإدراكية والسلوكية لـ1891 فتى وفتاة ولدوا قبل الأوان، تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عاما، وكانوا مسجلين في دراسة أخرى كبيرة ومستمرة: دراسة التطور الإدراكي للدماغ لدى المراهقين. تتبع هذه الدراسة الإدراك في كل طفل باستخدام مجموعة قياسية من 7 اختبارات تقيس الانتباه، واتخاذ القرار، والذاكرة، وفهم القراءة، وسرعة المعالجة. ثم استخدم الباحثون تقنية إحصائية لنتائج كل طفل لفرزهم إلى مجموعات فرعية كانت مخفية سابقا وتمثل بشكل أفضل نمو الأطفال.
الاختلافات الدماغية
أظهرت التصويرات العصبية لكل طفل أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عامًا في الملف الثالث كانت أدمغتهم أصغر في الحجم والمساحة السطحية للمادة الرمادية بمعدل 3% عن الأطفال في الملف الأول. في حين أن الأطفال في الملف الثالث ولدوا قبل المتوسط بـ4.5 أيام عن باقي الملفات، إلا أن الأحجام الأصغر للدماغ لم تكن مرتبطة بمدى الولادة المبكرة.
يعتقد المؤلفون أن التساؤل حول إذا ما كانت بعض الفروقات في النتائج بين الأطفال قد تكون مرتبطة بحجم الدماغ الأصغر تستحق مزيدا من البحث، إلى جانب أسبابه.
كما درس فريق البحث الاتصال الوظيفي، الذي يقيس مستويات النشاط في دائرتين دماغيتين مترابطتين من خلال قياس تدفق الدم إليهما باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.
تمت دراسة الاتصال بين شبكة الانتباه الظهري التي ترتبط بتوجيه والحفاظ على الانتباه نحو المعلومات الخارجية ذات الصلة، بما في ذلك تلك التي تتم معالجتها بواسطة الشبكة البصرية، والشبكة الافتراضية وهي قد تنشط في أثناء فترات التفكير الموجه للذات أو التأمل الذاتي. وقد وجد الباحثون أن الاتصال بينهما كان أضعف بمعدل 11.21% في الملف الثالث مقارنة بالملف الأول.
نظرا لأن شبكة الانتباه الظهري معروفة بدورها في المحافظة على الانتباه، فإن نتائج الاتصال الوظيفي تؤكد إمكانيات نهج الفريق في تحديد التشخيصات المبكرة مثل حالات اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط المحتملة، والعلاج السلوكي الدقيق والعلاج الدوائي، وفقا لما قاله المؤلفون.
والأهم من ذلك، أن التحليلات التي أجراها الفريق وجدت أيضا أن الأطفال المولودين قبل الأوان والذين كانوا من أصل أفريقي كانوا أكثر عرضة بـ4 أضعاف تقريبا للوقوع في الملف الثالث ذي الأداء المنخفض.
دعوات لرعاية الأطفال المولودين قبل أوانهم
قال مينو وفقا لموقع يوريك أليرت: “بناء على هذه النتائج، ندعو لإطلاق تدخلات اجتماعية وهيكلية تضمن حصول جميع الأطفال المولودين قبل الأوان على رعاية متساوية، الأطفال الذين يحصلون على علاج النطق والعلاج الطبيعي والسلوكي بشكل شبه يومي، وهو ما يحدث بشكل أكثر احتمالا في الأسر الغنية، ويميلون إلى تحقيق نتائج أفضل في اختبارات الدراسة، ولكن هناك عوامل أخرى متورطة. على سبيل المثال، الأطفال في المجتمعات التي يحصل فيها المزيد على تغطية التأمين الصحي كانوا أقل احتمالا للانتماء إلى الملف الثالث.”
في المستقبل، يخطط فريق البحث لإجراء مزيد من الدراسات لتحديد العوامل المشتركة بين الأطفال الذين ولدوا قبل الأوان وقدموا أداء ضعيفا فيما بعد (على سبيل المثال، هل كان هؤلاء الأطفال أكثر عرضة لنقص الأكسجين في أثناء الولادة)، بالإضافة إلى العوامل التي ساعدت 20% من الأطفال المولودين قبل الأوان في الملف الأول على الأداء بشكل أفضل من عديد من الأطفال المولودين في موعدهم.