قرية ساريس.. بلدة فلسطينية سميت على “إلهة” رومانية | الموسوعة
11/8/2024–|آخر تحديث: 11/8/202412:51 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
قرية فلسطينية مهجرة منذ نكبة عام 1948، كانت تقع على نحو 15 كلم غربي القدس قرب الطريق المتفرقة من طريق القدس-يافا الممتدة نحو بيت محسير، احتلت العصابات الصهيونية القرية يوم 17 أبريل/نيسان 1948 ودمرتها وأجبرت سكانها على الهجرة.
الموقع
تقع قرية ساريس على نجد مرتفع يمتد في اتجاه شمالي-جنوبي، ثم ينحدر بشدة عند طرفه الشمالي مشرفا على طريق القدس-يافا العام.
وتبعد 15 كيلومترا غربي القدس، وترتفع نحو 700 متر عن سطح البحر، حيث يراه منها الناظر.
كانت القرية تشرف أيضا على بقاع واسعة من الجهات كلها، لا سيما من جانبها الغربي، حيث كان من الممكن رؤية الرملة واللد بالعين المجردة، وكانت الغابات المحيطة بالموقع تضفي مزيدا من الروعة على جمال المشهد.
تحيط بالقرية عدد من الخرب، مثل خربة الزعتر وخربة زنقلة، وتحدها من الشمال بيت ثول، ومن الشمال الغربي دير أيوب، ومن الغرب بيت محسير، ومن الجنوب كسلا، ومن الجنوب الشرقي خربة عمور.
كانت معظم منازلها مبنية بالحجر، أما سكانها فكانوا من المسلمين، ويتوسط مركز القرية مسجد وبضعة دكاكين.
وكانت في الموقع عدة خرب مثل “خربة العلقة”، وهناك مقام “الولي أبو نجمة”، الذي تقول الروايات إنه ينحدر من سلالة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
السكان
يقال إن أصل سكان القرية من العلا في الحجاز، وجدّهم أحمد الحربي، الذي أنجب 4 من الأولاد، هم حمد وحماد وجحجوح وفيالة، ومن العائلات التي سكنتها عائلة بدر وعودة الله وعدوان وعامرية.
وكان عدد سكان القرية يوم احتلالها يزيد على 650 نسمة، وبعد عقود أصبحوا في مناطق اللجوء حوالي 5 آلاف نسمة، يتوزعون في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق الأردن.
قُدر عدد سكان ساريس عام 1922 بنحو 313 نسمة، وارتفع إلى 470 نسمة عام 1931، وصل عام 1945 إلى 560 نسمة. وكان عدد الإناث يزيد على عدد الذكور بسبب هجرة الرجال.
الاقتصاد
كان الاعتماد الأساسي لاقتصاد القرية على الزراعة، ففي موسم 1944-1945 كان ما مجموعه 3677 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) مخصصة للحبوب، و366 دونما مروية مخصصة للبساتين، وكان السكان يتزودون ما يحتاجون إليه من مياه الاستخدام المنزلي من الينابيع والآبار.
وكانت القرية تجلب العاملين من القرى المجاورة، بسبب وجود 8 كسارات حجر بها، كما أنها اشتهرت بتربية النحل ووجود العسل.
التاريخ
تسمية قرية ساريس بهذا الاسم لها تفسيران:
الأول لكثرة أشجار السيريس التي تنمو في أراضيها، ويؤيد ذلك ترديد النساء -في أثناء غنائهن في الأعراس- عبارة “وعريسنا يا ناس مثل مطرق السيريس”.
والثاني أن اسم القرية تحريف لاسم “سيريس”، إلهة الغلال عند الرومان، ويؤيد هذا القول خيرات القرية المتعددة وعليل هوائها، وهذا الرأي يرجحه كثيرون عن غيره.
احتلال القرية وتهجير سكانها
دمرت العصابات الصهيونية قرية ساريس أواخر عملية نحشون ويفيد تاريخ عصابة الهاغاناه بأن احتلال القرية كان يوم 13 أبريل/نيسان 1948.
في حين ذكرت مصادر أخرى أن الهجوم شن بعد عدة أيام من ذلك التاريخ، وبالضبط يوم 16 أبريل/نيسان 1948.
المستوطنات على أراضي قرية ساريس
قبل الاستيلاء على القرية بوقت قصير، كتب قائد الهاغاناه يسرائيل غاليلي إلى يوسف فايتس، أحد كبار المسؤولين الرسميين في الصندوق القومي اليهودي، طالبا إنشاء مستوطنة في ساريس بأسرع وقت ممكن.
واستنادا إلى المؤرخ اليهودي بني موريس، فقد قال غاليلي إن إنشاء المستوطنات في هذا الموقع وفي 7 مواقع أخرى أمر ضروري للأمن.
وقد دعت خطة الصندوق القومي اليهودي، التي قدمت في 20 أغسطس/آب 1947، إلى بناء مستوطنة في الموقع.
في سنة 1948 أقيمت مستوطنة شوريش، وهي تحريف عبري لساريس على بعد كيلومتر واحد جنوبي غربي القرية، أما مستوطنة شؤيفا وتعني “المضخة” نسبة للمضخة البريطانية التي كانت تضخ الماء للقدس قريبا من الموقع، فأنشئت سنة 1950، وتبعد 500 متر إلى الشمال الشرقي من قرية ساريس. وكلتا المستوطنتين مبنية على أراضي القرية.
قرية ساريس بعد التهجير
تغطي الأنقاض الحجرية موقع القرية، وتشاهَد القضبان الحديدية الناتئة من السقوف المنهارة، وثمة عدة آبار مفتوحة في الموقع، وبضعة كهوف.
ونبت في موقع قرية ساريس عدد كثير من الأشجار، مثل السرو والسماق واللوز والصبار.
وفي الجانب الشرقي من المنحدر، تقع مقبرة القرية المحاطة بالأشجار جنوب غربي الموقع، وفيها بضعة قبور كبيرة يحيط بواحد منها سياج صغير غير مسقوف وتنتصب شجرة لوز وسط المقبرة.