أقصى اليمين ببريطانيا.. تاريخ من العنصرية والعداء للإسلام | الموسوعة
تيار سياسي وفكري بريطاني بدأت أولى بوادر تشكله عقب الحرب العالمية الأولى، وانحسر بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه عاد للظهور نهاية القرن العشرين. يتبنى أفكارا معادية للإسلام والمسلمين، وللمهاجرين واللاجئين والتعددية الثقافية عموما.
نشأة أقصى اليمين البريطاني
نشأ أقصى اليمين البريطاني من تضافر عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية على مدى قرون، بدأت على شكل حركات متطرفة عقب الحرب العالمية الأولى، وكانت متأثرة بالفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، وبرزت على يد أوزوالد موزلي، الذي أسس الاتحاد البريطاني للفاشيين عام 1932.
عقب الحرب العالمية الثانية وخسارة ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، حظر الاتحاد البريطاني للفاشيين، وفتر صيت أقصى اليمين عموما حول العالم، ولم يعد له مؤيدون كُثر، لكنه لم يختف تماما، إذ أنشئ وسط هذه الأحداث بداية الستينيات من القرن العشرين الحزب الوطني البريطاني على يد جون تيندال.
وفي سبعينيات القرن نفسه، بدأت أحزاب وحركات أخرى من أقصى اليمين ومتأثرة بالفكر الفاشي تظهر على الساحة السياسية البريطانية، منها الجبهة الوطنية البريطانية، التي تبنت الترويج لأفكار مناهضة للهجرة والتعددية الثقافية.
الفكر والأيديولوجيا
يحمل أقصى اليمين في بريطانيا أيديولوجيات قومية معادية للإسلام والمسلمين، ويروج أفكارا وسياسات مناهضة للهجرة والتعددية الثقافية، كما أصبح ينتهج سياسة عنصرية أشد صرامة وبشكل علني، ويسعى “لحماية الثقافة البريطانية من التأثيرات الخارجية”.
أبرز الأحزاب والمجموعات من أقصى اليمين البريطاني
- الحزب الوطني البريطاني
حزب سياسي بريطاني من أقصى اليمين أسسه جون تيندال عام 1982، ويركز في خطابه على قضايا الهجرة والعرق والإسلام، انهارت شعبيته في الفترة بين (2010-2011) بسبب الانقسامات الداخلية وصعود أحزاب أخرى من أقصى اليمين.
- رابطة الدفاع الإنجليزية
أسسها تومي روبنسون مع ابن عمه كيفن كارول. نظمت مظاهرات وبدأت تروج توجهها المناهض للإسلام سنة 2010 عبر ترديد شعارات تسب الذات الإلهية، وتسب النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى تقديمها التحية النازية، وإلى جانب مناهضي الإسلام ضمت الرابطة مشجعين لكرة القدم من فئة “الهوليغانز”.
- حزب الاستقلال البريطاني
أسسه آلان سكيف عام 1993، يتبنى الحزب فكرا معاديا للإسلام وسياسات ضد الهجرة، وروج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكان أداء الحزب ضعيفا في الانتخابات العامة عام 1997، إذ حصل على 1% من الأصوات، أما في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 1999 فقد فاز بـ3 مقاعد.
وفي عام 2014 حصل على أعلى عدد من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، ولكنه شهد تراجعا كبيرا في الدعم بعد تحقيقه هدف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، فقد فشل في الفوز بأي مقعد في البرلمان كما شهد انقسامات داخلية واستقالات متكررة لزعمائه.
شخصيات من أقصى اليمين في بريطانيا
- تومي روبنسون
ناشط من أقصى اليمين البريطاني، أحد مؤسسي رابطة الدفاع الإنجليزية المعادية للإسلام، وهو عضو سابق في الحزب الوطني البريطاني ومجموعات أخرى توصف بأنها ذات روابط فاشية أو قومية بيضاء. سجن بعدة تهم جنائية منها الاعتداء والمطاردة والاحتيال وحيازة المخدرات وتزوير جواز سفر.
وعقب غيابه عن الأضواء فترة، ظهر مجددا يوم 27 يوليو/تموز 2024، وقاد مسيرة كبيرة ضد المهاجرين والمسلمين، ولكنه غادر البلاد مجددا وصدرت مذكرة اعتقال بشأنه.
- سويلا برافرمان
سويلا برافرمان سياسية ومحامية ونائبة برلمانية، شغلت منصب وزيرة داخلية بريطانيا، وعلى الرغم من أصولها المهاجرة فإنها تؤيد خفض الهجرة وترحيل اللاجئين غير النظاميين. أقيلت من منصبها يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بسبب اتهامها الشرطة بالتحيز للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.
أعمال شغب
اجتاحت حالة من الفوضى عدة مدن بريطانية مطلع أغسطس/آب 2024 عندما اشتبك أشخاص من أقصى اليمين مع شرطة مكافحة الشغب، مما أدى لوقوع حوادث اعتداءات متعددة على الأقليات العرقية في الشوارع، وذلك بعد مقتل 3 فتيات طعنا، وانتشار ادعاءات كاذبة بشأن المشتبه به أنه كان طالب لجوء مسلما وصل إلى المملكة المتحدة في قارب، الأمر الذي أشعل المشاعر المعادية للإسلام والعنصرية.
وأشعل أشخاص من أقصى اليمين النار في فندق في روثرهام يستخدم لإيواء المهاجرين، واشتبكوا مع الشرطة، وسط هتافات باسم تومي روبنسون مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية.
كما تعرض رجل أسود البشرة لهجوم من قبل مجموعة من البيض المتطرفين في حديقة مانشستر، إذ أسقطوه على الأرض وركلوه وضربه ملثم بسياج معدني، وأحاطت به الشرطة لحمايته.
ومن ناحية أخرى، حاصر مثيرو الشغب مسجد ساوثبورت، مما أجبر المصلين فيه على الاختباء خوفا على سلامتهم، وفي أعقاب ذلك، اضطرت مئات المساجد إلى تكثيف تدابيرها الوقائية تحسبا لمزيد من أعمال الشغب في جميع أنحاء البلاد، وفقا للمجلس الإسلامي في بريطانيا.
واتخذ رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الرابع من أغسطس/آب موقفا صارما وأصدر تحذيرا لمن سماهم “المخربين من أقصى اليمين العنصريين” الذين يثيرون أعمال شغب في المدن والبلدات البريطانية، مؤكدا “ضمان” مواجهتهم للعدالة السريعة و”القوة الكاملة للقانون”، وقال إنهم “سوف يندمون” على عنف الغوغاء الذي يمارسونه.
كما أعلنت الحكومة البريطانية يوم السادس من أغسطس/آب 2024 استعداد 6 آلاف عنصر من قوات الشرطة للتعامل مع أعمال الشغب. ووسط تقارير عن اعتقال نحو 400 شخص زادت الحكومة البريطانية من سعة سجونها بتأمين 600 مكان للاحتجاز.