هل يؤثر اكتمال القمر على سلوك الأطفال العنيف؟ | أسرة
يعتقد الكثيرون أن اكتمال القمر يؤثر على سلوك الأطفال، فيجعلهم أكثر عنفا ونشاطا، ويرجع ذلك الاعتقاد إلى جذور عميقة في تاريخ وثقافات بعض الشعوب، وقد تكون هناك عدة أسباب تجعل البعض يؤمن بهذه الفكرة.
ارتبط اكتمال القمر في عدد من الروايات الشعبية والتاريخية بتأثيره على سلوك الإنسان وصحته. حتى أن بعض الثقافات ربطت بين اكتمال القمر والسلوكيات الغريبة أو غير المعتادة، مثل التحولات البشرية إلى مخلوقات كالذئاب (أسطورة المستذئب) أو الجنون المؤقت.
ويرتبط القمر بالظواهر الغريبة، بما في ذلك زيادة النشاط الليلي، وهذا الاعتقاد يمتد لآلاف السنين، حيث يعتقد البعض أن القمر الكامل يمكن أن يؤثر على الناس بطرق غامضة.
العلم يجيب
في عام 2016، نشرت مجلة “بدياتركس” المعنية بطب الأطفال نتائج تحليل بيانات أكثر من 5800 طفل من 5 قارات. لم يجد الباحثون أي ارتباط ذي دلالة إحصائية بين اكتمال القمر وسلوك الأطفال أو نومهم، والتي كشفت أنه لا توجد علاقة مثبتة بين اكتمال القمر وزيادة النشاط أو السلوك العنيف لدى الأطفال.
وأظهرت النتائج أن مستويات نشاط الأطفال -بما في ذلك مقدار الوقت الذي يقضونه في ممارسة الأنشطة العالية والمنخفضة الشدة ووقت الجلوس- كانت نفسها تقريبًا أثناء اكتمال القمر والقمر الجديد (مرحلة القمر عندما يكون غير مرئية من الأرض).
ومع ذلك، كان وقت نوم الأطفال أقصر بحوالي 5 دقائق في الليالي التي يكون فيها القمر مكتملًا، مقارنة بالليالي التي يكون فيها القمر جديدًا. وقالت الدراسة إن هذا يمثل حوالي 1% من إجمالي وقت نوم الأطفال.
وقال الباحثون إنه من وجهة نظر صحية، فإن مثل هذا التأثير البسيط “من غير المرجح أن يكون مهما”. ليس من الواضح سبب حصول الأطفال على قدر أقل من النوم في الليالي التي يكون فيها القمر مكتملاً. وقال الباحثون إن أحد الأسباب المحتملة قد يكون أن سطوع البدر يتداخل مع نوم الأطفال. ومع ذلك، قال الباحثون إنه نظرا لوفرة الضوء الاصطناعي في المجتمعات الحديثة، يبدو هذا التفسير غير مرجح.
وكشف دراسة لـ”أميركان جورنال إميرجنسي ميديسن”، نتائج بتحليل السجلات الطبية لأقسام الطوارئ خلال فترة زمنية طويلة. لم تجد الدراسة زيادة في زيارات الطوارئ المرتبطة بالعنف خلال فترات اكتمال القمر.
وفي دراسة أقدم نُشرت في بمجلة “سيكولوجيكال بولتن”، قام باحثون بمراجعة الأدلة حول تأثيرات القمر الكامل. خلصت الدراسة إلى أن الأدلة لم تدعم وجود تأثير مباشر أو واضح للقمر الكامل على السلوك البشري.
هل يؤثر ضوء القمر على جودة النوم؟
وفق موقع ميديكال نيوز توداي، فإن ضوء القمر قد يؤثر على مدة النوم، مما قد ينعكس بعد ذلك على مستويات طاقة الأشخاص في النهار. وكان التفسير الأكثر منطقية أن الإنسان قبل أن يعرف الكهرباء، كان البدر مصدرا رئيسيا للضوء ليلا، وهو ما يعني أن الناس كانوا أكثر نشاطا في الليل خاصة في ليالي اكتمال القمر.
وأرجعت دراسة نشرت في عام 2021 إلى أنه خلال تاريخ البشرية، كان الناس أكثر نشاطًا في الليالي المقمرة، وقد يكون هذا بسبب أن المزيد من ضوء القمر يعني أن الناس يمكنهم مواصلة العمل أو المشاركة في أنشطة أخرى في وقت لاحق من المساء. ولكن هناك بعض الأدلة على أن ضوء القمر نفسه قد يبقي الناس مستيقظين لفترة أطول.
بحثت الدراسة في آثار الدورة القمرية على الأشخاص الذين يعيشون في البيئات الريفية من دون كهرباء، وفي مجتمعات السكان الأصليين، وفي المناطق الحضرية. وباستخدام أجهزة مراقبة النوم، وجد الباحثون أن النوم يبدأ في وقت متأخر ولم يستمر لفترة طويلة في الليالي التي سبقت اكتمال القمر.
وأشارت الدراسة إلى أنه من المحتمل أن تحدث هذه الظاهرة لأن اكتمال القمر هو ألمع مراحله، حيث يعكس المزيد من الضوء من الشمس إلى الأرض. رغم أن هذا الضوء أضعف من ضوء الشمس المباشر، فإن التعرض له قد يجعل الناس يشعرون بمزيد من اليقظة أثناء الليل.