كيف تبدو الضاحية الجنوبية بعد استهداف القيادي في حزب الله؟ | سياسة
31/7/2024–|آخر تحديث: 31/7/202408:29 م (بتوقيت مكة المكرمة)
بيروت- رأسا على عقب، قُلبت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، بعد استهداف فؤاد شكر المستشار العسكري للأمين العام للحزب حسن نصر الله، وبينما تواصل الفرق المتخصصة رفع الأنقاض من المبنى المدمر، تتضاعف سوداوية المشهد الذي يرتقب تصعيدا عسكريا على الجبهة اللبنانية مع تجاوز إسرائيل لقواعد الاشتباك.
“سمعنا ضربتين في البداية، ثم غطت غيمة سوداء المكان، ولم نرَ شيئا لمدة 3 دقائق تقريبا”، يقول صاحب محل الملابس المقابل للمبنى المستهدف، وهو يحمل في يديه قطعة من شظايا الانفجار، ويصف للجزيرة نت اللحظات الأولى بخوف، ويقول إن “الأضرار اقتصرت على الماديات، ولكن حجمها واضح وكبير”.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، شرع سكان حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت بتقييم الأضرار التي خلفها الهجوم الإسرائيلي على “مبنى الربيع” المجاور لأحد المستشفيات، ورصدت الجزيرة نت الوضع ميدانيا، والتقت مع عدد من أهالي المنطقة الذين سردوا تفاصيل ما جرى.
حال الضاحية
في البناية المقابلة للمبنى المستهدف، استيقظ محمد بهجت على صوت انفجار هائل، تبعه الصمت لبرهة، ووجد نفسه في حالة من الذهول والصدمة بعد أن تطاير زجاج النافذة عليه، فاعتقد أن البناية قد دمرت أو ستنهار عليهم، وسمع أصوات صراخ الناس. قال “امتلأ المنزل بالدخان، فلم يعد بإمكاننا رؤية بعضنا بعضا، مما اضطرنا إلى مغادرته بسرعة وسط حالة من الإرباك”.
لكن بهجت، وبعد أن ترحم على أرواح الشهداء ودعا للمقاومة بالنصر، وجّه رسالة مباشرة للاحتلال الإسرائيلي، وقال بنبرة غضب وتحدٍ “صواريخكم لا تخيفنا”.
ورغم العدوان، واصل سكان المنطقة حياتهم، وردد كثير منهم للجزيرة نت أنهم من “بيئة المقاومة ويشكلون حاضنة لها”، وأنهم اعتادوا على الهجمات الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية.
وزار المكان وفد حكومي مؤلف من وزراء الصناعة جورج بوشكيان، والبيئة ناصر ياسين، والعمل مصطفى بيرم، والتربية عباس الحلبي، والثقافة محمد وسام المرتضى، والأشغال علي حمية، برفقة وفد من حزب الله بقيادة النائبين علي عمار وأمين شري.
وأدان وزير الزراعة جورج بوشكيان العدوان الإسرائيلي على المناطق السكنية والمرافق الطبية، مطالبا المجتمع الدولي بوقف هذا “السلوك البربري” الذي يتسبب في المجازر، مجددا تضامن لبنان مع المقاومة.
من جانبه، استنكر وزير التربية عباس الحلبي العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الهجوم أسفر عن شهداء وجرحى قرب مستشفى ومبنى سكني، وشدد على أن “لبنان لا يرغب بالحرب ويأمل بعدم تصعيد الأمور”.
أما وزير البيئة ناصر ياسين، فقال إن “لبنان في حالة حرب منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والعدو الإسرائيلي كسر كل القواعد الدولية بانتهاكاته واعتداءاته المستمرة”.
في حين أشار النائب علي عمار إلى الأضرار الكبيرة التي خلفها الهجوم، وأوضح أن إسرائيل استهدفت منطقة سكنية، مما يدل على استهانتها بالقرارات الدولية، وأكد أن “الرد سيأتي بحجم العدوان في الوقت المناسب”.
منطقة إستراتيجية
وأكد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير على تنسيقها مع الجهات المعنية لضمان تأمين المأوى للمواطنين المتضررين، قائلا “لن نسمح بوجود أي مواطن بدون مسكن، وبيوتنا مفتوحة للجميع”، كاشفا عن تضرر 9 مبانٍ، حيث سيتم هدم الأكثر تضررا منها.
من جهتها، أفادت وزارة الصحة اللبنانية بارتفاع حصيلة الضحايا إلى 4 شهداء مدنيين، هم سيدتان وطفلة وطفل، بعد وفاة إحدى المصابات من الجرحى في مستشفى الساحل، كما أصيب 74 شخصا، عولج معظمهم وغادر 65 منهم المستشفيات، بينما لا يزال 9 بحاجة إلى العلاج، وبينهم حالات حرجة.
في الوقت ذاته، صرّحت دائرة العلاقات الإعلامية في حزب الله أن فرق الدفاع المدني تعمل بجهد على رفع الأنقاض، ولكن ببطء نظرا لتداعيات الدمار، وأضافت أن العمل جارٍ لمعرفة مصير القائد فؤاد شكر والمواطنين الآخرين الموجودين في المكان.
وتضم منطقة “حارة حريك” العديد من مراكز حزب الله المعروفة مثل مبنى “كتلة الوفاء للمقاومة”، ومجلس الشورى، ومكاتب المساعدات الاجتماعية التي تشهد كثافة في المراجعين، إضافة إلى مسجد ومكتبة الحسنين، وسواها من المؤسسات الاجتماعية والصحية.
وتُعتبر الضاحية الجنوبية لبيروت منطقة إستراتيجية، تبعد حوالي 80 كيلومترا عن الحدود اللبنانية، وتضم عدة بلديات وبلدات بارزة، مثل الشياح، والغبيري، وبرج البراجنة، وحارة حريك، وبئر العبد، وحي السلم، والأوزاعي. وسبق أن تعرضت هذه المناطق لاستهداف مكثف من قبل جيش الاحتلال خلال حرب تموز 2006.
كما يعد هذا الاستهداف الإسرائيلي الثاني من نوعه منذ بدء المواجهة بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث سبق أن استهدفت صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اغتالته في يناير/كانون الثاني 2024.