سدي تيمان.. “غوانتانامو” إسرائيل للتنكيل بأسرى غزة | أخبار
30/7/2024–|آخر تحديث: 30/7/202410:22 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
“سدي تيمان” وتعني باللغة العربية “حقل اليمن” هي قاعدة عسكرية إسرائيلية في صحراء النقب جنوبي إسرائيل، اشتهر المحققون فيها بالتنكيل الجسدي والجنسي بالأسرى الفلسطينيين من غزة حتى بات يطلق عليها “غوانتانامو إسرائيل”، في إشارة إلى المعتقل الأميركي سيئ السمعة.
وعاد المعتقل سيئ الصيت إلى واجهة الأحداث بعدما تزايدت في الأشهر الأخيرة التقارير المنددة بالاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون من قطاع غزة فيه، وعادة تدعي السلطات الإسرائيلية أنها تحقق في الأمر دون نتائج ملموسة.
وفي وقت سابق أمس الاثنين، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية النقاب عن أن 10 جنود اعتدوا بالضرب المبرح على أسير من غزة لم تذكر اسمه، وتم نقله إلى المستشفى وعليه إصابات خطيرة حتى في فتحة الشرج، مما استدعى قيام الشرطة العسكرية بفتح تحقيق.
وردا على ذلك اقتحم مئات المتظاهرين الإسرائيليين المحسوبين على تيار اليمين -وبينهم جنود ملثمون ومسلحون- قاعدة “سدي تيمان” احتجاجا على اعتقال الشرطة العسكرية جنودا متهمين بالاعتداء الجنسي على الأسير الفلسطيني.
تنكيل تاريخي
وتأسست القاعدة العسكرية -التي تخضع حاليا لمسؤولية القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي- إثر عملية “جناح النسر” التي قامت خلالها الوكالة اليهودية بترحيل نحو 49 ألف يهودي من اليمن إلى إسرائيل في الفترة بين 1949 و1950.
وفي حرب إسرائيل على غزة عامي 2008 و2014 أقام جيش الاحتلال الإسرائيلي معسكرات اعتقال في القاعدة لمئات الأسرى الفلسطينيين من القطاع.
ومنذ الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اعتقل الجيش الإسرائيلي فيها مئات الفلسطينيين من قطاع غزة.
وتحدثت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية (غير حكومية) في ورقة عن ظروف الاعتقال المتردية للغاية في “سدي تيمان”.
وقالت “يحرم المعتقلون من الطعام ويأكلون، في حين تكون عيونهم معصوبة وأياديهم مكبلة”.
وأضافت الجمعية “هناك كثافة رهيبة للمعتقلين داخل المعتقل، وينامون ويقضون حاجاتهم وعيونهم معصوبة وأياديهم مكبلة وينامون على فرشة رقيقة تفصلهم عن الأرض، ولا يوجد مكان للاستحمام، وفي بعض الأحيان يمنعون من الوصول إلى المراحيض ويستخدم بعضهم الحفاضات”.
وتابعت “المعتقلون في سدي تيمان لا يغادرون المعتقل إطلاقا ولا يسمح لهم بالتحرك طوال اليوم، ولا توجد إمكانية تجول في الهواء الطلق”.
وأضافت “يمنع المعتقلون من حيازة أي شيء على الإطلاق، فليس لديهم كتب على الإطلاق وعيونهم مغطاة طوال الوقت، وليست لديهم إمكانية للقراءة أو أداء الشعائر الدينية والصلوات، وليس من الممكن إرسال أو استقبال الرسائل”.
وأشارت إلى أن عدم توفر العناية الصحية “والإهمال أديا الى وفاة العديد من المعتقلين”.
التماسات حقوقية
وكانت جمعية “حقوق المواطن في إسرائيل” من بين 5 جمعيات حقوقية قدمت في مايو/أيار الماضي التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإغلاق هذا السجن فورا.
وقالت الجمعيات في التماسها في حينه “خلال الأشهر القليلة الماضية تراكمت الأدلة بشأن ما يحدث في المعتقل وكشفت واقعا لا يمكن تصوره”.
وفي هذا الصدد، أشارت إلى “العمليات الجراحية التي تُجرى دون تخدير، واحتجاز المعتقلين لأيام في أوضاع قاسية وتكبيل أطرافهم بصورة أدت إلى بتر الأعضاء، وتعصيب العينين لفترات طويلة حتى أثناء تقديم العلاج الطبي وقضاء الحاجات، واحتجاز بعض المعتقلين تحت طائلة الضرب والانتهاكات”.
وذكر الالتماس أنه “حسب القانون فإن الإعلان عن المكان كموقع احتجاز وفقا لقانون المقاتلين غير النظاميين مشروط بإمكانية ضمان ظروف احتجاز لا تمس بكرامتهم وصحتهم، وعلى تل أبيب أن تفي بالتزامات تجاه المعتقلين وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي”.
لكنه قال “إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق المعتقلين تجعل الحرمان من الحرية غير دستوري، نحن أنفسنا لن نكون إنسانيين إذا لم نضمن الحد الأدنى من الظروف الإنسانية لهم”.
وأضاف “تم إنشاء مستشفى ميداني على الرغم من أنه لا يقدم الحد الأدنى من الاحتياجات الطبية للمحتجزين، ويبين موجز وزارة الصحة أنه يُسمح للأطباء في المعتقل بإجراء العمليات الجراحية دون تخدير، وأن العلاج الطبي يتم إجراؤه في وقت يكون فيه السجناء مكبلي الأيدي ومعصوبي العيون”.
شهادات تعذيب
وما زالت المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في الالتماس المقدم إليها وإن كانت الحكومة أعلنت تخفيف ظروف الاعتقال في السجن، وهو ما لم تؤكده المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية.
وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس الاثنين إن الشهادات التي حصلت عليها تشير إلى أن “أفراد الوحدة 100 (الوحدة العسكرية بالجيش الإسرائيلي التي تتولى حراسة الأسرى في المنشأة) شاركوا في حوادث عنيفة عدة في الأشهر الأخيرة”.
وأضافت “على سبيل المثال أفاد جندي خدم في سدي تيمان بأن الوحدة استخدمت العنف ضد المعتقلين، وفي إحدى المرات أمروا الجميع بالاستلقاء على الأرض وألقوا على الفور قنبلة صوتية في وسط الزنزانة ثم ركلوهم بعنف”.
وتابعت “وأضاف الجندي أيضا أن الجنود كانوا أحيانا يسحبون المعتقلين جانبا ويعتدون عليهم بعنف، وقال: ضربوهم بالهراوات، ورأيت أسنانا وضلوعا مكسورة”.
ولا يوجد عدد معلن للأسرى الفلسطينيين في سجن “سدي تيمان”.
وفي 15 يوليو/تموز الجاري قالت صحيفة “هآرتس” إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت المحكمة العليا بأمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنقل أغلبية السجناء هناك إلى سجون أخرى، وعندما تكتمل هذه العملية سيعود سجن سدي تيمان إلى دوره قبل اندلاع حرب غزة كمنشأة للفحص الأولي للسجناء.
وأشارت الصحيفة في حينه إلى أن 36 أسيرا فلسطينيا قتلوا في “سدي تيمان” منذ بداية الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة بدعم أميركي، مما أسفر عن استشهاد نحو 40 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 16 ألف طفل ونحو 11 ألف امرأة، وبلغت حصيلة الجرحى غير النهائية 90 ألفا و830 جريحا، ولا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.