السفر إلى المغرب.. متعة التجول عبر التاريخ | اقتصاد
إذا فكرت بالسفر إلى المملكة المغربية، فربما تقع في حيرة بسبب تعدد الوجهات السياحية التي يقدمها هذا البلد الجميل الواقع غرب شمال أفريقيا والمفتوح على واجهتين بحريتين هما المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، فهو غني بموروثه التاريخي والثقافي، يتعايش فيه الماضي والحاضر في وئام ظاهر.
فيمكن للزائر أن يستمتع بالمآثر التاريخية لحضارات متتالية استوطنت المدن الإمبريالية “عواصم أنظمة حكمت المغرب”، كما يستمتع بالتسوق في الأسواق العريقة، أو تجربة ركوب المناطيد من أجل مشاهدة جذابة من الأعلى، أو ركوب الأمواج أو الغوص في الشواطئ الممتدة، أو التجول في الجبال العالية والصحاري الشاسعة أو الشوارع المتعرجة في القرى.
كلام وطعام
هل يشغل بالك هاجس الحديث باللغة المحلية؟ لا عليك، فالمغرب متعدد اللغات، فإلى جانب اللغة العربية، يتحدث الناس هنا الفرنسية، وأيضا الإسبانية في الشمال، بل إن المشتغلين في القطاع السياحي يستطيعون التواصل معك بأي لغة عالمية تريد، بل بلغات محلية لدول عربية، فقد يتقن مرشد سياحي 10 لغات أو أكثر ولن يعدم الوسيلة من أجل التواصل معك وجعل تجربتك السياحية مفيدة جدا.
ومن حقك أن تسأل أيضا كيف يمكن أن تسافر وتستمتع بالأكل المحلي اللذيذ، ففي المغرب، كما يحكي الخبير السياحي زبير بوحوت، الأطباق الشهية متنوعة، وإذا اقترح عليك طبق الكسكس المغربي بخضراواته السبعة فلا تتردد، شأنه شأن طاجين اللحم بالبرقوق المحلي، أو طبق فواكه البحر المعد بعناية فائقة، علاوة على أطباق المقبلات أو المحليات بصبغة أندلسية أو بلمحات أفريقية.
أما إذا كنت نباتيا، فالمغرب يعد من أكبر منتجي الخضراوات والفواكه المتنوعة، ومضيفك سيقدم لك أنواعا شتى من أطباق السلطات الغنية واللذيذة، والتي تعد عنصرا أساسيا في النظام الغذائي المغربي.
الصناعة التقليدية
هل يمكنك أن تزور بلدا بدون أن تفكر في تخصيص جزء من ميزانيتك للتسوق؟ الجواب طبعا معروف، لذا ستجد في اكتشاف منتجات الصناعة التقليدية المغربية، والمصنوعة بكثير من الإبداع، ضالتك حين تزور الأسواق التقليدية في المدن العتيقة، والتي ما زالت تحافظ على طابعها التاريخي منذ مئات السنين، كما يقول الخبير السياحي.
وستجد في هذه الأسواق كل شيء، بدءا من منتجات الحرف اليدوية المختلفة، مرورا بالسجاد التقليدي بجميع تنويعاته العربية والأمازيغية.
سيكون من المبهر لك أن تستمع إلى نداءات التجار المتناغمة، وهم يعرضون سلعهم للمارة، كأنها موسيقى تشد مسمعك كما تثير فضولك لمعرفة سرها ومعناها، وتجعلك تربط حاضرا بماض يكشفان عن تقاليد تنهل من عبق التاريخ.
حين تتجول في شوارع المغرب، سترى الناس منحدرين من أصول مختلفة ويعيشون جميعا في وئام، ولعل هذا التنوع هو السبب وراء الترحيب بالزوار والضيوف من جميع البلدان.
فن وثقافة
إذا كنت من هواة الجولات الثقافية، فستعيش في المغرب تجربة غنية، تسحبك إلى المعالم التاريخية والمتاحف والقصور المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، علاوة على الحدائق المميزة المنشأة حديثا أو التي تعود إلى حقب تاريخية، وكلها لها علاقة بالطرق العجيبة لاستعمال الماء في الري.
ينصحك الخبير السياحي بوحوت بزيارة مدن مراكش، وفاس، مكناس والرباط وغيرها مما صنفته منظمة التربية والعلوم والثقافة يونسكو تراثا عالميا، دون أن تنسى مسجد الحسن الثاني الكبير في مدينة الدار البيضاء، أحد أكبر المساجد في أفريقيا وفي العالم الإسلامي.
كما يمكنك زيارة المآثر الرائعة والمحفوظة بمدينة وليلي الرومانية أو الحي البرتغالي بالجديدة، لتكتشف نمط عيش الساكنة في العصور الغابرة.
وبما أن عشاق السفر والسياحة يبحثون عن الجمال والراحة والطمأنينة، فلا يمكنك أن تزور المغرب دون أن تمر على مدينة شفشاون “الشاون” الساحرة، غرناطة الصغرى، بجدرانها المطلية باللون الأزرق السماوي، والذي يمتزج في تناغم أخاذ.
دفء ورمال
حين تطأ قدمك المغرب، تشعر مباشرة بدفء ترحاب قد يبدو لك غريبا، لكن هو جزء لا يتجزأ من ثقافة محلية، تعلي من شأن الزوار والضيوف.
حين تصل إلى الجنوب المغربي، سيزداد هذا الشعور أكثر فأكثر، كما يحكي للجزيرة نت المرشد السياحي إبراهيم هناوي، حيث يمتزج الكرم بالبساطة وروح الفكاهة.
في هذا الجزء الجميل من المغرب الذي يستقطب أكثر من نصف السياح، يمكنك الاستمتاع برحلات عبر الكثبان الرملية في الصحاري الشاسعة، والوديان الممتدة، والمضايق الجبلية، والواحات المتنوعة ذات الأشجار المزهرة أو المثمرة، مثل واحات النخيل أو واحات الورد.
على متن الجِمال، أو على دراجات رباعية الدفع، يمكن قطع مسافات طويلة دون ملل، توصلك إلى القصبات والقصور، ذات الأشكال المعمارية الجميلة، والتي تبدو كأنها نابعة من تاريخ أسلاف نبغوا في إنشائها شامخة، ولا تزال صامدة تواصل مسيرتها في إدهاش كل من يزورها، ناهلة من ماضيها في استقبال القوافل التجارية ونشر العلم والثقافة وحماية الأهالي وتأكيد تضامنهم وتآزرهم.
شواطئ وخلجان
إذا كنت من عشاق البحر، فالمغرب يوفر لك شواطئ تمتد على آلاف الكيلومترات، ما بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
يحكي المرشد السياحي بلال بيوزان للجزيرة نت أن التمتع بمنظر الخلجان البحرية والنتوءات الصخرية، ولقاء مياه الأنهار العذبة بمياه البحر المالحة، تجربة فريدة، تجدها في مختلف سواحل المغرب الجميلة وموانئه.
وإذا قررت أن تقضي إجازتك في الشمال المغربي، فستجد فيها شواطئ ممتدة من طنجة في الشمال إلى السعيدية في الشرق مرورا بالفنيدق والحسيمة، شواطئ ملهمة لرحلة بحرية فريدة، تقترب فيها من قوارب الصيادين المهرة وهم يلقون شباكهم في المناطق الغنية بالأسماك المتنوعة، وتنقلك هذه الرحلات البحرية أيضا لتعيش تجربة الغوص لرؤية الأسماك والشعب المرجانية، أو القيام بجولة عبر الدراجات المائية.
وأما إذا كنت من هواة السباحة مع ركوب الأمواج، فلك أن تختار بين مدينة الصويرة، مدينة الرياح الجميلة، أو مدينة الداخلة الصحراوية المنفتحة على خليج يبهرك بمناظره الطبيعية.
جبال الأطلس
إذا كنت من هواة الجبل، فالمغرب يحتوي على سلاسل أطلسية ممتدة من الشمال إلى الجنوب، وفيها أعلى قمة في شمال أفريقيا (جبل توبقال).
ستجد، كما يقول المرشد السياحي محمد أنزال، ذلك الشعور بالراحة وسط مناظر طبيعية خلابة، تبدأ بممرات خضراء، وتمر بك إلى شلالات المياه المتدفقة إلى القمم الشامخة، لتكتشف نوعا آخر من نمط عيش الساكنة البسيط، المتناغم من نوع السكن والزراعة واستعمالات المياه.
في تلك الجبال يمكن أن تمارس تسلق الجبال، والتزلج (في فصل الشتاء)، وركوب الدراجات الهوائية، ولا تغنيك عن تجربة القفز بالمظلات أو ركوب المناطيد من أجل متعة من نوع آخر.
ماذا عن الميزانية؟
يمكن أن تتراوح أسعار الرحلات الجوية إلى المغرب (ذهابا وإيابا) ما بين 500 دولار إلى 1500 دولار اعتمادا على فترات المواسم السياحية، في حين تتراوح أسعار المبيت من 15 دولارا إلى 300 دولار حسب تصنيف الفنادق.
ويمكنك الاستمتاع بالمأكولات المغربية دون إنفاق الكثير من المال، إذ تقدم المطاعم الاقتصادية وجبات بسعر يصل إلى 5 دولارات للشخص الواحد، في حين تتراوح المطاعم متوسطة المدى عادة من 10 دولارات إلى 20 دولارا للشخص الواحد.
ويقول الخبير السياحي الزبير بوحوت إن المسافر ذا الميزانية المحدودة يمكنه إنفاق 40 دولارا إلى 60 دولارا يوميا، وتشتمل على الإقامة والطعام والنقل والأنشطة الترفيهية، وما يقرب من 80 إلى 120 دولارا في اليوم بالنسبة للمسافر ذي الميزانية المتوسطة.