الدول الأفريقية تلجأ للذهب لحماية نفسها من خسائر العملة | اقتصاد
بدأت 6 دول أفريقية على الأقل في زيادة احتياطياتها من الذهب أو النظر في ذلك، نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية.
وتسارع الدول الأفريقية لبناء احتياطياتها من الذهب للتحوط أمام التوترات الجيوسياسية التي أضرت بعملاتها وسرّعت التضخم، وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.
وتقول الوكالة إن دولا مثل جنوب السودان وزيمبابوي ونيجيريا اتخذت خطوات لتعزيز احتياطياتها أو تفكر في ذلك.
اندفاع منطقي؟
وتأتي هذه الخطوة بعد أن قامت البنوك المركزية في دول مثل الصين والهند بتكديس الذهب لتنويع احتياطياتها وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.
ومن المتوقع أن يقوم نحو 20 بنكًا مركزيًا بتكديس الذهب في العام المقبل، وفقًا لمسح مجلس الذهب العالمي. وقال رئيس إستراتيجية الاقتصاد الكلي في “فيم بارتنرز” تشارلي روبرتسون: “كإستراتيجية تنويع هذا منطقي”. وأضاف أنه “بينما لا يدفع الذهب فوائد، على عكس الاحتياطيات المحتفظ بها في سندات الخزانة الأميركية، لم يكن هذا مهما لأن سعر الذهب ارتفع كثيرا. لقد كانت تجارة مربحة”.
وارتفع سعر الذهب بنسبة 16% هذا العام ليصل إلى 2396.59 دولارا للأوقية الاثنين المنصرم.
خطط لزيادة احتياطيات الذهب
وكانت الدول الأفريقية من بين الأكثر تضررا من الاضطرابات في سلاسل التوريد التي تسببت بها جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وزيادة أسعار الفائدة العالمية التي أدت إلى بيع عملاتها وزيادة التضخم.
وتتزايد التوترات الجيوسياسية مرة أخرى مع استمرار الحرب على غزة، وتوسع الحروب التجارية والقلق مما قد تجلبه فترة رئاسة أميركية جديدة لدونالد ترامب.
وأعاد محافظ البنك المركزي في جنوب السودان جيمس أليك غارنغ، التأكيد نهاية الأسبوع أن البلاد تخطط لتوسيع قاعدة احتياطياتها بإضافة موارد أخرى مثل الذهب. وقال: “نحن في مرحلة إعداد وثائق السياسة ودراسة أمثلة الدول الأخرى والدروس المستفادة”.
وخطط البنك المركزي الأوغندي لشراء الذهب مباشرة من عمال المناجم الحرفيين للتخفيف من “تناقص احتياطيات العملة الأجنبية ومعالجة المخاطر المرتبطة به في الأسواق المالية الدولية”.
وتضررت احتياطاته من العملات الأجنبية بسبب هروب رؤوس الأموال بعد تشريع مناهض للمثلية الجنسية الذي دفع البنك الدولي في أغسطس/آب من العام الماضي لوقف تمويل جديد للدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
ويقترح المشرعون النيجيريون أيضا أن يستخدم البنك المركزي الذهب لدعم وتثبيت العملة النيجيرية “النيرة” وتخفيف مخاطر تضخم العملة في أكثر دول أفريقيا اكتظاظا بالسكان، والتي مثّل أداء عملتها الأسوأ مقابل الدولار عالميا هذا العام بعد الليرة اللبنانية.
والعام الماضي، اتخذ البنك المركزي في مدغشقر خطوة نحو شراء الذهب المحلي، حيث انخفضت إيرادات صادرات الفانيليا في يونيو/تموز 2023. وقالت تنزانيا إنها ستنفق 400 مليون دولار على ستة أطنان من المعدن النفيس.
وفي زيمبابوي التي جربت لأول مرة العملات الذهبية في 2022، أطلقت الدولة الأفريقية عملة مدعومة بالذهب في أوائل أبريل/نيسان من ذلك العام للمساعدة في كبح دوامة التضخم وتقلبات أسعار الصرف.
وكانت “زيمبابوي غولد” أو “زي جي” المدعومة بـ2.5 طن من الذهب؛ المحاولة السادسة للدولة في 15 عاما لامتلاك عملة محلية تعمل، لتحل محل الدولار الزيمبابوي الذي فقد 80% من قيمته مقابل الدولار الأميركي في 2024.
ويخطط محافظ البنك المركزي في زيمبابوي جون موشاييفانهو، لزيادة الاحتياطيات إلى أكثر من ثلاثة أطنان هذا العام والتوقف عن إصدار العملات الذهبية، موجهًا الذهب عوضا عن ذلك إلى خزائن الدولة.
انحسار الدولار
وعلى مدى العامين الماضيين، تعاون مجلس الذهب العالمي مع البنوك المركزية لتدشين برامج شراء محلية من عمال المناجم الصغار.
وقال رئيس البنوك المركزية العالمي في المجموعة الصناعية شاوكاي فان: “يمكن للبنوك المركزية إضافة الذهب إلى احتياطياتها الرسمية باستخدام عملتها المحلية، مما يسمح لها بنمو أصول الاحتياطي دون الحاجة إلى التضحية بالاحتياطيات الأخرى من العملة الصعبة”.
ومع ذلك، فإن الاندفاع نحو الذهب لا يشير إلى توقعات بأن الذهب سيصبح “بديلاً سائلاً” للدولار، على ما قاله حسنين مالك الخبير الإستراتيجي في أسهم الأسواق الناشئة، وأضاف: “مع ذلك بالنسبة لتلك الدول؛ إما أنّ سعر الذهب سيرتفع، أو أنّ سعر الدولار الأميركي سينخفض، أو أنّ وصولها إلى الدولارات الأميركية قد يتعرض للخطر بسبب العقوبات مثلا، ولذلك فإن زيادة تخصيص الذهب في احتياطياتها قد يكون منطقيًا”.