هل يساهم الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بحرائق الغابات؟ | علوم
منتصف عام 2023، أعلنت “الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي” الأميركية أنّ وتيرة حدوث حرائق الغابات وصلت إلى مستويات غير مسبوقة عالميا، مشيرةً إلى أنّ عوامل، مثل الاحتباس الحراري وارتفاع موجات الحر وانتشار الجفاف، ساهمت بشكل كبير في ذلك.
وفي هذه الأثناء، تشهد بلدان مثل كندا اندلاع حرائق غابات على نطاق واسع في المناطق الواقعة أقصى غرب البلاد، مما أدى إلى عمليات نزوح كبيرة من المواطنين، مع تشديدات من السلطات بأنّ الأسابيع القادمة ستشهد انتشارا أكبر للحرائق. يُذكر أنّ تركيا كانت من ضمن آخر الضحايا الذين أصابتهم حرائق الغابات، الأسبوع الماضي، وراح ضحيتها 3 مواطنين بالمناطق الساحلية الغربية.
ويُعد التنبؤ بمسار الحرائق وكيفية انتشارها أحد أهم العوامل المساعدة لرجال الإطفاء في عملية احتواء الحريق والحد من انتشاره، ثمّ اخماده، ويكشف مجموعة من العلماء من جامعة جنوب كاليفورنيا عن توصلهم إلى صناعة أوّل نموذج ذكي قادر على التنبؤ بمسار الحريق وشدّته وسرعة نموه باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقد نشرت الدراسة بدورية “أرتفيشيال إنتليجانس فور إيرث سيستمز”.
ويعتمد نموذج الفريق البحثي على قراءة بيانات الأقمار الاصطناعية المسؤولة عن مراقبة انتشار الحرائق بشكل مباشر، ثمّ تحليلها ومعالجتها بواسطة خوارزمية متطوّرة تعمل بدقّة على تنبؤ وتوقّع سمات الحريق المستقبلية.
عوامل تشعل حرائق الغابات
تعد حرائق الغابات إحدى الكوارث الطبيعية الشائعة، ويرتبط حدوثها بموجات الحر الشديدة الجافة، إذ تكون الغابات غير الرطبة وقودا فعّالا يتغذى عليه الحريق، ويساهم في انتشاره وجود الرياح التي تدفع بالحريق للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة.
وتشير إحدى الدراسات التي نشرت في دورية “بي إن إيه اي” إلى أنّ الاحتباس الحراري ساهم بشكل كبير في تجفيف المواد العضوية، وهو ما ضاعف أعداد حرائق الغابات بين عامي 2020 و2022، ليتخطى أثره متوسط المناطق المتضررة البالغ نحو 4800 كيلومتر مربع، غربي أميركا، وهو ما أثار العديد من المسؤولين المعنيين في إدارة الأزمات وحرائق الغابات، داعين إلى ضرورة إيجاد حلول عاجلة خشية تفاقم حجم الكارثة مع مرور الوقت.
ووفق “مركز حلول المناخ والطاقة” فإنّ دراسة أخرى أجريت على الغابات الواقعة بالولايات الغربية الأميركية، أظهرت أنّ متوسط زيادة درجة الحرارة في السنة بمقدار درجة مئوية واحدة من شأنه أن يزيد متوسط المساحة المحروقة سنويا بما يصل إلى 600% تقريبا.
كيف توصلوا إلى النموذج الذكي للتنبؤ بالحرائق؟
أقدم الباحثون على جمع البيانات القديمة لحرائق الغابات عن طريق صور ملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية. وبمعاينتها جيدا، تمكنوا من دراسة سلوك الحرائق من عدّة زوايا، كنقاط انطلاقها وانتشارها وكيفية احتوائها، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل مهمة مثل الظروف الجوّية ونسبة الرطوبة والجفاف، وأيضا التضاريس.
وبعد ذلك أجروا تدريبا على نموذج حاسوبي توليدي مدعوم بالذكاء الاصطناعي يُعرف باسم “الشبكة التوليدية التنافسية واسرشتاين” لمحاكاة تأثير هذه العوامل على كيفية تطور الحرائق مع مرور الوقت.
ولاختبار قدرة النموذج على التنبؤ، أجروا اختبارا على حرائق الغابات التي أصابت ولاية كاليفورنيا بين عامي 2020 و2022، وأظهرت النتائج أنّ النموذج نجح في توقع ديناميكية الحرائق على نسبة عالية من الدقة.
ويعتقد الباحثون أنّ النموذج الذكي كان قادرا بما يكفي على قراءة الأنماط المستنبطة من صور الأقمار الاصطناعية، والتعامل مع جميع العوامل المعروفة وغير المعروفة التي تساهم في تحديد سلوك الحريق.