لهذه الأسباب دعي طفلك يواجه الشعور بالإحباط أحيانا | أسرة
يواجه الأطفال في مراحلهم العمرية المبكرة مشاعر الإحباط لأسباب بسيطة، مثل تأجيل موعد لقاء صديق أو تعطل لعبة جديدة. قد يشعر الطفل بالإحباط بعد التخطيط بحماس لعدة أيام. وغالبا ما يتدخل الكبار لحماية الطفل من هذه المشاعر السلبية، ولكن هذا التدخل يمكن أن يحرمه من فرصة تعلم مواجهة الإحباط والتعامل معه.
في بعض الأحيان، يظهر رد فعل الطفل على شكل نوبات غضب يصعب على الآباء تحملها. ومع ذلك، فإن هذه اللحظات هي الوقت المناسب للسماح للطفل باختبار هذا الشعور الذي سيظل مرافقا له طوال حياته، وتعليمه كيفية التعامل مع الإحباط كجزء من تجربته الحياتية.
أهمية مواجهة الإحباط في الطفولة
التعامل مع مشاعر الإحباط منذ الطفولة يمكن أن يكون مفيدا للغاية عندما يصبح الطفل بالغا. فهو يمكنه من مواجهة المشكلات بشكل إيجابي والتكيف مع الصعوبات المختلفة في الحياة. الطفل الذي يتعلم التعامل مع الإحباط يكون أكثر مرونة ووعيا بعالمه الداخلي، مما يساعده في إدارة مشاعره بفعالية.
في المقابل، فإن التدخل المستمر من الآباء لحماية الطفل من الإحباط يمكن أن يحرم الطفل من تعلم كيفية إدارة الأمور بنفسه. هذا التدخل قد يجعل من الصعب على الطفل تقبل الإخفاق في المستقبل.
نصيحة الخبراء
ينصح الخبراء بترك الطفل يواجه مشاعر الإحباط أحيانا لتطوير شخصيته. فالتعامل مع المشكلات السلوكية في الطفولة يمكن أن يقي الطفل من مشكلات لاحقة في المدرسة ومن مشكلات عاطفية ونفسية مثل عدم القدرة على التحكم في الانفعالات، والاندفاع، وعدم الصبر، والرغبة في تلبية الاحتياجات بشكل فوري، وحتى القلق والاكتئاب.
دعم الأبحاث
أظهرت دراسة نشرتها مجلة “جورنال أوف سكول سيكولوجي” (Journal of School Psychology) أن مهارات تنظيم المشاعر تلعب دورا مهما في تحقيق النجاح الأكاديمي منذ مرحلة رياض الأطفال. الأطفال الذين يتمتعون بمهارات تنظيم المشاعر يحصلون على تقارير أفضل من المعلمين، ويحققون نتائج أفضل في مهارات القراءة والكتابة والحساب. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه المهارات التعلم في المراحل اللاحقة وتنمي علاقات جيدة بين الطلاب والمعلمين.
دراسة أخرى نُشرت في عام 2010، أشارت إلى أن تعزيز الكفاءات الاجتماعية والعاطفية للطلاب له تأثير كبير على الأداء الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي.
كيف يتعلم الطفل مواجهة الشعور بالإحباط؟
تعبر مشاعر الإحباط لدى الأطفال غالبا عن نفسها في شكل نوبات غضب، خصوصا في مرحلة ما قبل المدرسة. في هذه المرحلة، يفتقر الأطفال إلى المهارات الاجتماعية اللازمة للتعامل مع هذه المشاعر، كما تنقصهم المفردات التي تمكنهم من التعبير عن احتياجاتهم. وفقا للجمعية الأميركية لعلم النفس “إيه بي إيه”(APA)، فإن هذه الفترة هي الأنسب لتعليم الطفل كيفية إدارة مشاعر الغضب والتوتر، مما يتيح للآباء فرصة كبيرة لتعليم أطفالهم كيفية التعامل الصحيح مع مشاعرهم.
اكتشاف أسباب الإحباط
ينصح موقع “سيكووذ6” Psychowith6 بالتركيز على سبب الشعور بالإحباط بدلا من مجرد ملاحظة ردود الفعل بالغضب أو البكاء. ينصح الخبراء بأن يتصرف الآباء كمحققين، لاستكشاف الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى شعور الطفل بالإحباط، حيث تساهم بعض العوامل في زيادة سيطرة هذا الشعور ولجوء الطفل إلى الغضب كوسيلة للتعبير عنه.
معالجة العوامل المؤثرة
النوم: التأكد من حصول الطفل على القسط المناسب من النوم، حيث يمكن أن يكون الغضب نتيجة لقلة النوم أو عدم أخذ القيلولة في موعدها.
تناول الطعام: انخفاض مستوى السكر في الدم بسبب الجوع يمكن أن يكون سببا آخر للغضب. على العكس، ارتفاع نسبة السكر قد يؤدي أيضا إلى سهولة استثارة مشاعر الطفل.
الحفاظ على الروتين: تغيير الروتين اليومي يمكن أن يؤدي إلى تغيير في سلوك الطفل. كذلك، حرمانه من بعض العادات التي يحبها مثل استخدام الهاتف أو مغادرة مكان يحبه فجأة يمكن أن يكون مصدرا للإحباط.
استباق المشكلات
ضمان الراحة والغذاء: يمكن للآباء استباق المواقف التي تسبب الإحباط لطفلهم بالتأكد من حصوله على قسط كافٍ من النوم وحمل وجبات خفيفة لتجنب شعوره بالجوع. هذا يمكن أن يقلل من سهولة استثارة مشاعره.
التمهيد للمواقف الصعبة: يمكن للآباء تمهيد الأمور لطفلهم في المواقف التي قد تسبب له الإحباط. على سبيل المثال، قبل اصطحابه إلى منزل أحد الأصدقاء، يمكن إخبار الطفل بإمكانية حدوث اختلافات على الألعاب وتوجيهه لإخبار الوالدين بهدوء عند حدوث ذلك.
استثمار لحظات الهدوء
تعليم مهارات التأقلم: أفضل وقت لتعليم الطفل مهارة التعامل مع الإحباط هو عندما يكون هادئا. يمكن تخيل مواقف يشعر فيها بالإحباط ومناقشتها معه. يمكن للطفل التفكير في طرق ذكية للتعامل مع هذه المشاعر، مثل البقاء وحده قليلا، التنفس بعمق، طلب المساعدة، أو أخذ قسط من الراحة.
تقنيات التعامل مع الإحباط
-
التنفس العميق والتأمل
تعليم الطفل تقنيات التنفس العميق والتأمل يمكن أن يساعده على التفكير في ما يحدث والتحدث إلى نفسه بكلمات تهدئه مثل “يمكننا حل الأمر” أو “يمكنني أن أظل هادئا”.
-
تعزيز المفردات التعبيرية
تزويد الطفل بمفردات تعبيرية تساعده على شرح مشاعره بالإحباط بالكلمات بدلا من الانفجار غضبا. يجب مدح محاولات الطفل للبقاء هادئا ودعمه ليظل هادئا لفترة أطول.
-
استخدام الضحك
مواجهة الموقف بالضحك أحيانا يمكن أن تكون وسيلة فعّالة لتقليل التوتر وتنظيم العواطف وتخفيف الشعور بالإحباط.
التدخل وتقديم الدعم
-
تحديد المشكلة
عند ملاحظة شعور الطفل بالإحباط، يمكن للوالدين تحديد المشكلة بوضوح وعرض المساعدة. يمكن أن يختار الطفل مواصلة المحاولة، الحصول على مساعدة، أو أخذ قسط من الراحة ثم العودة للمحاولة. مع ذلك، يجب عدم الإفراط في تقديم الرعاية، للسماح للطفل بمواجهة بعض المشاعر السيئة بنفسه.
-
طرح أسئلة تفاعلية
طرح أسئلة مثل “ما الذي يمكن أن تفعله بدلا من الغضب؟” يمكن أن يساعد الطفل في البحث عن حلول لمشكلته وتحويل موقف الإحباط إلى فرصة للتعلم.
تعزيز الاستقلالية والتعلم من التجارب
-
مواجهة التحديات
يجب على الآباء السماح للطفل بمواجهة بعض المشكلات وحده ومثابرة أمام الصعوبات طالما كانت في حدود قدراته. هذا يساعده على تطوير مهارات مواجهة الإحباطات التي سيواجهها في حياته كبالغ.
-
التركيز على الجهد المبذول
عند نجاح الطفل في مهمة ما، يجب مدح المجهود الذي بذله وقدرته على مواجهة الصعوبات، والتركيز على ذلك أكثر من التركيز على النتيجة النهائية.
في المرحلة المبكرة من حياة الطفل، يجب على الآباء التخلي عن الرغبة في الحماية الزائدة والاستجابة الفورية لكل رغباته. يجب أن يُسمح للطفل بمواجهة بعض المشكلات والتحديات بنفسه، مما يساعده على تطوير القدرة على التعامل مع الإحباطات والتحديات التي ستواجهه في الحياة.