طريقة ذكية لتحويل الحرارة المهدرة من الأجهزة الإلكترونية المنزلية لكهرباء | علوم
ضِمن ورقة بحثية نُشرت في دورية “آي سي إس” المتخصصة في طاقة المواد، أعلن مجموعة من الباحثين عن إحراز تقدم كبير في تطوير مواد قادرة على تحويل الحرارة المهدرة من معالجات الكمبيوتر إلى طاقة كهربائية يمكن الاستفادة منها.
وتتكوّن هذه المواد من خليط من السيليكون والجرمانيوم والقصدير، ويمكن دمجها بسهولة في أثناء عملية بناء الدوائر الإلكترونية في الحواسيب، كما تنتمي جميع العناصر السابقة إلى ذات المجموعة الكيميائية في الجدول الدوري وهو ما يجعل عملية دمجها أسهل نسبيا.
ويشهد العالم اليوم زيادة فائضة في استخدام الأجهزة الإلكترونية على مستوى أغلب المجالات الحياتية، وينتج عن ذلك فقدان كثير من الطاقة المهدرة على شكل حرارة منبعثة. وتشير الدراسات إلى أنّه في أوروبا وحدها، يُهدر تقريبا 1.2 إكساغول من الحرارة المنخفضة الناتجة عن البنية التحتية للتكنولوجيا والأجهزة سنويا، وهذه الكميّة تضاهي استهلاك الطاقة في بلد كامل مثل النمسا.
ونظرًا لمحدودية الخيارات التقنية وضعف الكفاءة الديناميكية الحرارية، فإنّ الحرارة المنخفضة (التي تقل عادةً عن 80 درجة مئوية) تكون الاستفادة منها محدودة، لا سيما في معالجات الحواسيب. كما أنّ المواد المستخدمة الحالية المعنية بتحويل الحرارة إلى طاقة كهربائية غير متجانسة مع تكنولوجيا تصنيع أشباه الموصلات.
ويوضّح الدكتور “دان بوكا” من مركز أبحاث “يوليش” في تصريحات صحفية أن إضافة القصدير إلى الجرمانيوم تقلل بشكل كبير من التوصيل الحراري للمادة مع الحفاظ على خصائصها الكهربائية، وهو مزيج مثالي للتطبيقات الحرارية الكهربائية.
تطور إيجابي
وتُسهم هذه القفزة التقنية النوعية في تقليل الحاجة إلى استخدام التبريد الخارجي والاستغناء عن استهلاك المزيد من الطاقة، وعليه، فإنّ الأجهزة الإلكترونية تصبح أكثر استدامة وكفاءة.
وتعمل العناصر الحرارية الكهربائية المبتكرة على أساس “تأثير سيبك”، وهي ظاهرة تحدث عندما يؤدي اختلاف درجة الحرارة في مادة ما إلى توليد جهد كهربائي، وتتكون هذه العناصر من مواد حرارية كهربائية قادرة على تحويل الطاقة الحرارية مباشرة إلى طاقة كهربائية أو العكس.
ويشير الدكتور “جيوفاني كابيليني” من معهد “لايبنيز للإلكترونيات الدقيقة المبتكرة” إلى أنّ بحثهم أجرى تقييما لعامل التوصيل الحراري، وهو أحد المعايير المهمة لتقييم المواد الكهروحرارية، وذلك باستخدام تقنيات تجريبية عدّة على عينات مواد ذات تراكيب وسماكة مختلفة، ومن المتوقّع أن يكون لهذا العمل تأثير كبير على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات المستدامة (الخضراء).
ويعمل مركز أبحاث “يوليش” ومعهد “لايبنيز للإلكترونيات الدقيقة المبتكرة” على توسيع نطاق تعاونهما، والمضي قدمًا لضم العنصر الرابع في المجموعة الكيميائية، الكربون، للعناصر الثلاثة، لإنشاء سبيكة ذات قدرات أعلى، كما يهدف الباحثون إلى إنشاء جهاز حراري كهربائي عملي قادر على توظيف هذه المواد بأفضل شكل ممكن للحصول على نتائج أكثر إقناعا.
ومن المتوقع أن تبدأ هذه المواد بإنتاج الطاقة من الحواسيب كبداية، لكن مع الوقت ستدخل تلك السبائك في تركيب كل الأجهزة الإلكترونية المعروفة.
ويأتي ذلك في سياق مهم، حيث ترتفع درجات الحرارة عالميا سنة بعد سنة، وتساهم الأجهزة الالكترونية بشكل عام في رفع مستويات الحرارة المنزلية، وتضيف إلى مجمل حرارة المدن.