كيف تتربّح الشركات الأميركية من الحرب الإسرائيلية على غزة؟ | أخبار اقتصاد
تجني الشركات الأميركية أرباحا طائلة من وراء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، محوّلة أهوال الحرب إلى انتصارات في مجالس الإدارة.
وفي تقريره بصحيفة “ذا نيشن” الأميركية، استعرض الكاتب سبنسر أكرمان قائمة من الشركات التي استفادت من الحرب على غزة لتحقيق أهدافها المالية.
صفقات أسلحة
وقال الكاتب إن مجرّد عدم إمكانية تحقيق النصر في الحرب لا يعني أنه لن يكون هناك فائزون فيها. ففي 14 مايو/أيار الماضي، بعد أيام من تقدم إسرائيل في اجتياح رفح، أبلغ جو بايدن الكونغرس أن إدارته ستمضي قدما في تزويد إسرائيل بأسلحة أخرى بقيمة مليار دولار.
وأضاف الكاتب “كان ذلك جزءا من أكثر من 12.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وكان ذلك تراجعا كاملا عن قرار بايدن السابق بوقف شحنة أسلحة لإسرائيل، بسبب تحركها الوشيك في رفح”.
وحسب الكاتب أظهرت هذه الخطوة أيضا مسار السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. فمنذ عام 1945، كان الهدف الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة ضمان الحصول على النفط الرخيص.. وفي الآونة الأخيرة، أضافت السياسة الخارجية الأميركية التكامل الإقليمي إلى تلك الضرورة الحتمية، وسعت إلى تحقيقه ليس من خلال اتفاقات السلام بل من خلال “صفقات الأسلحة”.
واعتبر الكاتب أن هذه الصفقات مفتاح رؤية بايدن لنهاية اللعبة في غزة، وقال أيا كانت المناقشات حول تراجع الهيمنة الأميركية، فإن سوق السلاح العالمي هو المكان الذي تتزايد فيه القوة الأميركية.
وأوضح الكاتب أن الولايات المتحدة كانت “مسؤولة عن 34% من جميع صادرات الأسلحة في الفترة من 2014 إلى 2018، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام المستقل”.
وبحلول عام 2023 -يقول الكاتب- ارتفع هذا الرقم إلى 42%، وقد ذهب نحو 38% من صادرات الأسلحة الأميركية خلال تلك الفترة إلى الشرق الأوسط حيث استحوذت إسرائيل على 3.6% من تلك الصادرات، وتحصل إسرائيل على 69% من وارداتها من الأسلحة من واشنطن.
الرابحون رغم الإخفاق الإسرائيلي الأميركي
وذكر الكاتب أن إخفاقات ما وصفها بحروب أميريكا الإمبريالية المؤلمة حجبت حقيقة أنه كان هناك رابحون، فالأمر نفسه ينطبق على هذا الهجوم الأخير المدعوم من الولايات المتحدة.
وهؤلاء الرابحون- يقول الكاتب- موجودون في قاعات مجالس إدارة الشركات التي كشف عنها إحصاء جمعته لجنة خدمة الأصدقاء الأميركيين.
وسلط الكاتب الضوء على هذه الشركات ليس بسبب دورها في إراقة الدماء، بل لأنها شركات غير استثنائية، تمثل عمليات روتينية ضمن آلية القمع الإسرائيلية، حتى إن بعضها ليس معروفا في المقام الأول كشركة مصنعة للأسلحة.
وتتضاعف انتصارات هذه الشركات -حسب الكاتب- كل يوم تواصل فيه إسرائيل الإبادة الجماعية في غزة.
1- شركة كولت
في الوقت الذي كانت فيه الأنظار مسلطة على غزة خلال الأشهر التسعة الماضية، انتهز المستوطنون الإسرائيليون الفرصة لتكثيف هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغالبا ما كان ذلك بمساعدة أسلحة أميركية الصنع.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طلبت الحكومة الإسرائيلية 24 ألف بندقية نصف آلية وأوتوماتيكية من شركات أميركية، معظمها من شركة كولت.
وأشارت إسرائيل إلى أن بعض هذه البنادق ستذهب إلى المدنيين، على الأرجح كجزء من خطة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لتوزيع البنادق على فرق “الأمن” التابعة للمستوطنين.
وعلى الرغم من أن صحيفة نيويورك تايمز أفادت بوجود قلق داخل وزارة الخارجية من أن الأسلحة ستستخدم ضد المدنيين -كجزء من حملة المستوطنين المبالغ فيها لطرد الفلسطينيين من أراضيهم- فإن إدارة بايدن وافقت في النهاية على الصفقة. وفي الأول من مايو/أيار الماضي، أعلنت وزارة الدفاع عن عقد بقيمة 26.6 مليون دولار مع شركة كولت لتسليم الأسلحة، يقول الكاتب.
2- شركة فورد للسيارات
قد يبدو من المثير للسخرية أن شركة أسسّها أشهر معادٍ للسامية في الولايات المتحدة تزوّد الدولة اليهودية بالمركبات المدرّعة، لكن النزعة القومية العرقية المسعورة التي تحرك كلا من هنري فورد والحكومة الإسرائيلية الحالية تساعد في وضع الأمور في نصابها الصحيح.
ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها استلمت شحنة جديدة من المعدات العسكرية، ونشرت صورة لشاحنة فورد “إف-350” بنوافذ مجهّزة بشبك معدني. وكانت واحدة من عدة شاحنات فورد في مجموعة محركات الجيش الإسرائيلي.
ووفقا للجيش الإسرائيلي، قام الجيش الإسرائيلي أيضا بتجهيز شاحنة “إف-350” بأجهزة استشعار وكاميرات متطورة لتعمل كمركبة برية مسيرة واستخدمها في دوريات على حدود غزة لأكثر من عقد من الزمن.
ويذكر الكاتب أن فورد قامت ببناء أول مصنع تجميع لها في إسرائيل بعد فترة وجيزة من حرب الأيام الستة عام 1967. وكانت أعمالها التي استمرت لعقود هناك حاسمة في محاولات الشركة لمحو وصمة معاداة مؤسسها للسامية.
3- شركة كاتربيلر
يقول الكاتب إن شركة كاتربيلر، عملاق معدات البناء، ليست متخصصة في صناعة أسلحة. ولكن جرافاتها مشغولة بشكل خاص بحفر طريق سريع واسع يمتد من السياج على الحدود الشرقية لغزة بالقرب من كيبوتس ناحال عوز إلى شارع الرشيد الذي يمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. والغرض من هذا الطريق السريع، المعروف باسم ممر نتساريم، هو تسهيل وصول الجيش الإسرائيلي عبر غزة لسنوات قادمة بينما يقسم القطاع فعليا إلى قسمين.
وفي الوقت نفسه، يستخدم جيش الدفاع الإسرائيلي “الجرافات والتفجيرات الخاضعة للرقابة”، حسبما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، لبناء منطقة عازلة على طول حدوده المرسومة من جانب واحد لغزة، مما يؤدي إلى تقليص الأراضي المسموح بها للفلسطينيين.
ويضيف الكاتب أن هذه الجرافات “المرعبة” ليست مجرّد قطع كبيرة من الآلات الثقيلة. فلسنوات عديدة، استخدمت إسرائيل جرافة كاتربيلر دي 9، وهي جرافة مدرّعة لمقاومة الصواريخ وقذائف “آر بي جي”، لهدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وخلال الأيام الأخيرة من الانتفاضة الثانية، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش شركة كاتربيلر إلى التوقف عن بيع جرافة “دي 9” إلى إسرائيل، التي تستخدمها في “هدم منازل الفلسطينيين، وتدمير الزراعة والطرق في انتهاك لقوانين الحرب”.
4- شركة بالانتير
في حين أن شركة غوغل -وهي شركة أخرى لها علاقات وثيقة بآلة الحرب الإسرائيلية- تعاني من معارضة داخلية بسبب عملها في إسرائيل، فإن شركة الذكاء الاصطناعي بالانتير تروّج بفخر لشراكتها مع الاحتلال، يسرد الكاتب في تقريره.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، التقى الرئيس التنفيذي أليكس كارب بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ وتفاخر برغبة إسرائيل بمنتجات بالانتير. وعلى الرغم من أن كارب لم يحدّد أيا منها في ذلك الوقت، فإن شركة بالانتير أكّدت أن إسرائيل تستخدم نظامًا بيئيا لبيانات تكنولوجيا الدفاع يسمى خدمات الويب الحكومية بالانتير.
5- شركة غوغل
وفي عام 2021، فازت شركتا غوغل وأمازون بعقد بقيمة 1.2 مليار دولار لنظام الحوسبة السحابية التابع للحكومة الإسرائيلية والمعروف باسم مشروع “نيمبوس”.
وعلى الرغم من قلة المعلومات العامة المتاحة حول كيفية عمل نيمبوس، وصف سام بيدل، مراسل “الإنترسبت” الذي حصل على وثائق غوغل الداخلية، دور الشركة بأنه تزويد إسرائيل بتطوّرات حاسمة في مجال الذكاء الاصطناعي على وجه التحديد، مع “قدرات الكشف عن الوجه، وتصنيف الصور الآلي وتتبع الأشياء وحتى تحليل المشاعر بادعاء تقييم المحتوى العاطفي للصور والكلام والكتابة، وفقا لما يقول الكاتب.
منذ البداية، احتج العاملون في شركة غوغل على مشروع نيمبوس. وفي عام 2022، استقالت أرييل كورين من منصبها مديرة للتسويق بدعوى أن الشركة انتقمت منها لتنظيمها ضد نيمبوس. وكتبت في رسالة تشرح فيها استقالتها “إن غوغل تعمل بشكل منهجي على إسكات الأصوات الفلسطينية واليهودية والعربية والمسلمة التي تشعر بالقلق إزاء تواطؤ غوغل في انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينية”، وفقا لتقرير بصحيفة “ذا نيشن”.
وكتبت منظمة “أكسيس ناو” للحقوق الرقمية، إلى ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل وألفابت، في مايو/أيار لتطلب منه توضيح الدور الذي لعبته غوغل في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في غزة.