الذهب السائل.. لماذا ارتفع ثمن زيت الزيتون؟ وما بدائله؟ | أسلوب حياة
انفجرت أسعار زيت الزيتون في العالم كله فجأة، وأصبحت تكلفة هذا العنصر الغذائي الذي حصل على لقب “الذهب السائل” في إلياذة هوميروس، باهظة لدرجة قد تجعلنا نفكر “في كل مرة نصب فيها القليل من زيت الزيتون في مقلاة، أو نضع القليل منه على السلطة”، على حد قول صحيفة “الإندبندنت”.
ففي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، “وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها، حيث ارتفعت بنسبة 117% على أساس سنوي، بعد أن كان سعره في عام 2019 أرخص 7 مرات”، وفقا لمجلة “الإيكونومست”.
والأكثر من هذا أن الخبراء يقولون إن الوضع سوف يزداد سوءا، حيث تشير التقديرات إلى أنه “سيتعين على المستهلكين دفع ضِعف القيمة المعتادة، مقابل الحصول على زجاجة من زيت الزيتون البكر الممتاز”، وهو الزيت الأكثر صحة والأقل معالجة وبالتالي الأغلى في عائلة زيت الزيتون، حيث سجلت أسعاره رقما قياسيا في إسبانيا التي تُعد مرجعا عالميا للأسعار.
كما وجدت مجلة “ذا غروسر” البريطانية، أن “سعر لتر زيت الزيتون في المملكة المتحدة ارتفع بنسبة 45% في عام واحد”. فما أسباب هذا الانفجار في الأسعار؟
صناعة زيت الزيتون في حالة يرثى لها
قال ميغيل أنخيل غوزمان، مدير المبيعات في إحدى أكبر الشركات المنتجة لزيت الزيتون في العالم، لشبكة “سي إن بي سي” مؤخرا، إنهم “يواجهون واحدة من أصعب اللحظات في تاريخ القطاع”، بعد أن بلغ حجم مبيعاته في عام 2022، حوالي 22.3 مليار دولارا. مُرجعا ذلك إلى “تأثيرات المناخ، وانخفاض الإنتاج، وزيادة الطلب، والتضخم، على أسعار زيت الزيتون مؤخرا”.
فقد أدى عامان متتاليان من الحرارة الحارقة في إسبانيا (5 درجات مئوية زيادة عن المعتاد)، وتجاوزها حاجز الـ 40 درجة مئوية في كل من إيطاليا واليونان، إلى الحد من محصول زيت الزيتون، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار أذهل المستهلكين والصُنّاع على حد سواء.
وقد حذر خبراء البذور الزيتية من أن أشجار الزيتون معرضة لأزمة المناخ “بشكل مفرط”، فرغم قدرتها على التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة وتحمل الجفاف إلى حد ما، لكن التغيرات الأخيرة كانت أشد. وأوضح غوزمان أن الجفاف وارتفاع الحرارة خلال المراحل الحرجة من نمو ثمار الزيتون في السنوات الأخيرة، “قد أديا إلى نقص حاد في المحاصيل الإسبانية”.
تركيا الفائزة
تضررت إسبانيا -البلد المسؤول عن إنتاج ما يقرب من نصف المحصول السنوي من الزيتون في العالم- بفعل فترات الطقس الدافئة بشكل غير عادي في الشتاء، التي تعتبر سيئة لأشجار الزيتون، مما أدى إلى تقليص كمية وجودة محصولها بشكل كبير، وإذا لم يتغير الطقس، “فسوف تستمر أسعار إنتاجها من زيت الزيتون في الارتفاع”، وفقا لما قاله خوان فيلار، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الاستشارات الزراعية، لصحيفة “أوليف أويل تايمز” في فبراير/ شباط الماضي.
كما تعرضت الأشجار في “بوليا” التي تُعد قلب إنتاج الزيتون في إيطاليا -وهي لاعب رئيسي آخر في سوق زيت الزيتون العالمية- على مدى العقد الماضي، بسبب نوع من الحشرات، يسد الأوعية التي تنقل الماء من الجذور إلى الأوراق، فيخنق النباتات حتى الموت، أدت لقتل ما يقدر بنحو 21 مليون شجرة منذ عام 2008، مما أدى لانخفاض الإنتاج بنحو 40% في العام الماضي، مما أسفر عنه ارتفاع الأسعار. وتم الاستعاضة في العام الماضي بمزيد من الزيتون من اليونان وتركيا لتعويض النقص، وأصبحت أشجارها تحتاج إلى التعافي من الحصاد الوفير، وبالتالي من المتوقع أن ينخفض إنتاجهما هذا العام بنسبة تصل إلى 60%.
غير أن تركيا بقيت واحدة من الدول القليلة التي تمتعت بمحصول جيد للزيتون، وحظرت تصدير زيت الزيتون بكميات كبيرة، لإبقاء أسعاره المحلية منخفضة، وهو أدى إلى استقرار الأسعار، لكنه دفعها إلى الارتفاع في أماكن أخرى.
توقعات قاتمة للغاية
بحسب المجلس الدولي للزيتون، تتصدر 4 دول هي إسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال، إنتاج زيت الزيتون في العالم، تليها كل من تركيا والجزائر وتونس والمغرب. ويتوقع المجلس إنتاج ما يقل قليلا عن 2.3 مليون طن من الزيتون هذا العام، وهو ما يُعد انخفاضا كبيرا عن 3.4 مليون طن تم إنتاجها في عام 2022، وهو ما قد يعود بنسبة كبيرة إلى تغير المناخ.
كما تشير التوقعات إلى جفاف آخر يلوح في الأفق في إسبانيا، سيجعل الإنتاج في عام 2024 أقل بمقدار الثلث عن متوسط السنوات الأربع السابقة، وفقا لوزارة الزراعة الإسبانية.
أيضا، بعد الجفاف الإسباني في عام 2022، وسوء الحصاد في عام 2023، يتوقع الاتحاد الأوروبي أن ترتفع الأسعار لموسم التصدير 2024 بشكل أكبر، وألا تنخفض أسعار زيت الزيتون البكر الممتاز في أي وقت قريب، بعد أن قفزت في إسبانيا (أكبر منتج في العالم للزيت البكر الممتاز) بأكثر من 80%.
وتُنبه “الإندبندنت” إلى أن “ما سبق يُعد تذكيرا صارخا بأن تغير المناخ ليس شيئا نظريا بعيدا عنا، لكنه يؤثر بالفعل في الطريقة التي نعيش بها ونأكل بها”.
البدائل الأقل تكلفة
في مواجهة ارتفاع أسعار زيت الزيتون، اقترحت “الإندبندنت” هذه البدائل الأقل تكلفة:
- زيت بذور اللفت، فهو إضافة متعددة الاستخدامات لمطبخك، بفضل نكهته البسيطة ونقطة دخانه العالية (بمعنى قدرته على الوصول إلى درجات حرارة عالية دون أن يحترق). بالإضافة لاحتوائه على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة (الدهون الصحية)، وفيتامين “إي”.
- زيت عباد الشمس، لأنه يتمتع بطعم محايد نسبيا، فهو خيار جيد لمن يستخدمونه في الخبز أو القلي، ولا يهتمون كثيرا بإضفاء نكهة معينة إلى الطعام. كما أنه يحتوي على نسبة عالية من “حمض اللينوليك”، أو حمض أوميغا 6 الدهني الأساسي والحيوي لأغشية الخلايا، والالتهابات، والمناعة.
- الزيت النباتي، فهو من أرخص زيوت الطهي وأكثرها معالجة، لأنه مصنوع من مزيج من الدهون النباتية، مثل البذور والحبوب وفول الصويا والكانولا.
- زيت السمسم، فالنوع الخام منه ذو نكهة جوزية تتناسب بشكل جيد مع البطاطس المقلية، بفضل نقطة احتراقه العالية، في حين أن المحمص يُعد خيارا ممتازا للتتبيلة. كما أنه غني بمضادات الأكسدة ويعتقد أن له خصائص مضادة للالتهابات.