ما الرسائل السياسية والأمنية التي حملها “هدهد” حزب الله؟.. خبراء يجيبون | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
بيروت – نشر الإعلام الحربي لحزب الله اللبناني مشاهد مصورة بطائرة مسيرة، تتضمن مسحا دقيقا لمناطق في مدينة حيفا وشمالي فلسطين المحتلة. وكشف الفيديو، الذي تجاوز مدته 9 دقائق، صورا عالية الدقة لميناء ومطار حيفا بالكامل، ومستوطنة الكريوت، ومواقع عسكرية ومنشآت بتروكيميائية حساسة.
وفي الحلقة الأولى من “هذا ما عاد به الهدهد”، وفق العنوان الذي أطلقه حزب الله، تناول الحزب ثلاثة مستويات في بنك الأهداف: مدنية وعسكرية واقتصادية، في إشارة إلى التكلفة الباهظة التي ستتكبدها إسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله في لبنان.
وبينما علقت وسائل إعلام إسرائيلية على فيديو حزب الله بالقول إن “الوثائق الجديدة هي أكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب، وفيها يمكن رؤية حيفا”، كان اللافت نشر الفيديو مع الزيارة التي قام بها مستشار الرئيس الأميركي إلى لبنان عاموس هوكشتاين حاملا رسالة تهديد بالحرب.
وأمس الاثنين، قام هوكشتاين بزيارة إلى تل أبيب أجرى خلالها مباحثات مع المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين ضمن جهود تهدئة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود مع لبنان بعد تصاعدها بشكل ملحوظ الأسبوع الماضي.
مجموعة رسائل
ويرى المحلل السياسي توفيق شومان أن الشريط المصور، الذي عرضه الإعلام الحربي لحزب الله وظهرت فيه عملية مسح شاملة لشمالي فلسطين المحتلة، ينطوي على مجموعة من الرسائل العسكرية والإستراتيجية تتمثل في:
- رسالة ردع إلى حكومة بنيامين نتنياهو، إذا قرر التوسع في الحرب على لبنان، توضح أن كل المناطق المشارة إليها في الصورة هي أهداف عسكرية قابلة للتدمير.
- إظهار الضعف التقني لدى الجيش الإسرائيلي، الذي لم يتمكن من اكتشاف عمليات التصوير.
- تكريس معادلة الاختراق الجوي اللبناني لإسرائيل مقابل الاختراق الجوي الإسرائيلي في لبنان.
- إثبات قدرات الاستطلاع للمقاومة دون أن يكون بإمكان الجيش الإسرائيلي رصد أو إسقاط أو منع أدوات الاستطلاع.
- التأكيد على أن لدى المقاومة اللبنانية بنك أهداف واسعة وضخمة تشمل المنشآت الحيوية والإستراتيجية الإسرائيلية.
ويشير شومان للجزيرة نت إلى جاهزية المقاومة اللبنانية لتدمير مرفأ حيفا، الذي يجري تجهيزه ليكون بديلا عن مرفأ بيروت.
يذكر أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أعاد التذكير بما قاله عام 2020 بعد انفجار نيترات المرفأ في بيروت بأننا “نعرف ما هو في مرفأ حيفا أكثر مما نعرف ما هو في مرفأ بيروت”.
ويعتقد شومان أن الفيديو ينقل رسالة تهدف أيضا إلى تعزيز فقدان الثقة بين الجمهور الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي، بهدف تحويل هذا الجمهور إلى عامل ضغط على حكومة نتنياهو لردعها عن أي مغامرة حربية واسعة تجاه لبنان.
ويلفت المحلل السياسي إلى ضرورة عدم فصل توقيت عرض الشريط المصور عن زيارة آموس هوكشتاين إلى بيروت، حيث نقل تحذيرات من تل أبيب إلى بيروت بشأن احتمال توسيع الحرب على لبنان. بمعنى آخر، فإن التحذيرات التي أطلقها هوكشتاين غير قابلة للتطبيق في لبنان، بحسب شومان.
جواب دون وسيط
يشرح منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة للجزيرة نت دلالات الشريط المصور، ويقول “جاءت هذه الرسالة كجواب مباشر من المقاومة إلى إسرائيل ومن دون وسيط، بعد أن جاء هوكشتاين إلى لبنان برسالة تهديد من إسرائيل بأنه إذا فشلت المفاوضات أو الرسائل الدبلوماسية، ستكون الحرب حتمية”.
ويرى شحادة أن الرسالة واضحة ومباشرة من المقاومة إلى إسرائيل “إذا كنتم تريدون الحرب، فهذا بنك أهدافنا، وهذه الحلقة الأولى وهناك حلقات أخرى جاهزة ستعرضها المقاومة تباعا. يمكن القول إنها رسالة ردعية وتحذيرية إلى إسرائيل، مفادها هل أنتم جاهزون؟”.
الملفت في الشريط، بحسب شحادة، هو كيف تمكنت طائرة تجسسية من الطيران في أجواء الكيان المحتل، وخاصة فوق منطقة إستراتيجية مثل حيفا، التي من المفروض أن تكون محمية. إذ إن “حيفا مدينة إستراتيجية وتحتوي على مصانع للقبة الحديدية ومصانع لمقلاع داود”.
ويتابع “لاحظنا أن الصور دقيقة جدا، وتمكنت الطائرة من جلب معلومات خطيرة للغاية عن الأهداف الإستراتيجية، منها مبنى قيادة وحدة الغواصات، ومراكب وسفينة ساعر 4.5 المخصصة للدعم اللوجستي، والميناء البحري، والقاعدة العسكرية الجوية، وخزانات النفط، ومنشآت البتروكيميائية. كما تشمل الأهداف مجمع الصناعات العسكرية لشركة رفائيل، ومجمعًا سكنيا كبيرا، ومجمعات تجارية ستكون تحت مرمى صواريخ حزب الله الدقيقة”.
إنجاز غير مسبوق
ويوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر للجزيرة نت أن الداخل الإسرائيلي، الشعبي والمؤسساتي والخبراء، أمام مستجد لم يشهده طوال تاريخه في مقابل طرف عربي.
ويضيف “ومن جهة أخرى، نحن أمام إنجاز غير مسبوق في تاريخ الصراع مع إسرائيل. وستكون له آثاره النفسية السلبية انطلاقا من اكتشاف الاحتلال أنه مكشوف أمام المسح المعلوماتي لحزب الله ولأسلحته الدقيقة بمختلف أنواعها، المسيرات والصواريخ الدقيقة والصواريخ الجوالة”.
ويتابع حيدر “لن يكون بإمكان أجهزة العدو طمس والتقليل من فعاليته سوى تكرار معزوفة أنه يملك القدرات التكنولوجية والتدميرية الهائلة. إذ إن الجديد في هذه المعادلة ليس هو ما تملكه إسرائيل وإنما ما تملكه المقاومة”.
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن “القدرة المعلوماتية الدقيقة التي أظهرها حزب الله، ومتعلقاتها المتصلة بقدرات دقيقة ستكون حاضرة بقوة على طاولة التقدير والقرار في تل أبيب. وستضطر الجهات المختصة إلى أن تأخذها بالحسبان في تقديراتها وخياراتها المطروحة”.
ويضيف “سيكون لما نشره حزب الله تأثيراته الردعية المتصلة بلبنان والتي ستصب نتائجها أيضا في صالح قوة موقف المقاومة في قطاع غزة. هذا من دون أن نتجاهل أننا أمام عدو أثبت أنه يخطئ القرار حتى في المحطات الحاسمة، ولعل في هذا الكشف ما يسهم في تقليل هامش خطأ التقدير الذي يورطه ويورط المنطقة في خيارات دراماتيكية”.